كانت الأيام الماضية في بيت صديقي الصدوق أبو سكينه، مليئة بالأوقات الحزينه، فذكرى انقلاب 8 شباط 1963 الأسود وحدها كفيلة بان تعيد للبال أسماء كوكبة من رفاقه واصحابه الذين استشهدوا على يد العفالقة الفاشست، وفق ما رسمه البيان 13 الدموي والسيء الصيت، حيث تحول العراق على يد الانقلاببيين الفاشست، الى مسلخ كبير لتصفية الشيوعيين والديمقراطيين، من مختلف أطياف الشعب العراقي، المخالفين بالرأي لنهج الانقلاب الدموي الذي اعدت له المخابرات المركزية الامريكية مع عملائها المحليين والاقليميين.
في يوم ذكرى الانقلاب الأسود المشؤوم، الذي غدر بثورة الرابع عشر من تموز ، قال جليل : انظروا ها قد ذهب الانقلابيون الفاشست الى مزبلة التاريخ، والشعب وقواه الوطنية بقيت صامدة تواصل العمل لاجل مستقبل افضل لعراق جديد.
شاركته الحديث، وعلقت سكينه أيضا، لكن أبو سكينة، ظل صامتا يتسمع، فهو من يوم جريمة اغتيال الكاتب علاء المشذوب، يتحدث بعصبية وغضب، ولايرد على احد مباشرة. تابع تفاصيل جريمة الاغتيال، ورغم انه لم يعرف الشهيد سابقا، فقد طلب من سوزان ابنة جليل كذا مرة ان تريه ما ينشر من صور الشهيد وأسماء كتبه. يومها هاتفني وطلب مني زيارته بأسرع ما يمكن مع حزمة من الصحف ورحت اقرأ له تقريبا اغلب الموضوعات الصحفية المتعلقة بالجريمة.
وهو يتابعنا، ومن مجلسه، سعل أبو جليل وقال: وشنهو راح يفيدكم معرفة التفاصيل، الشهيد كامل شياع، شبع موت، وعرفنا الكثير من التفاصيل، ولحد اليوم لا يوجد أي نتيجة للتحقيقات ولا فائدة من المعلومات.
لم يرد أبو سكينه، كان الغضب يجعل شفاهه ترتجف وعيونه تختلج، مما جعل أم سكينه تقول: يمعودين لا يصعد عنده الضغط ويروح بيها.
ويبدو انه سمعها جيدا. فصاح فجأة : اروح بيها؟؟ ليش بس أني وحدي راح أروح بيها؟؟ اذا ما يتم حصر السلاح بيد الدولة، وإلغاء أي وجود ميليشاوي مسلح خارج مؤسسات الدولة، فالوطن كله رايح بيها. في كل تصريح من تصريحات واحد من سياسي الصدفه راح نشم روائح البيان 13 الفاشي. ويمكن تكون عندنا 8 شباط أسود غادر بثوب اخر. لازم يكون عندنا دولة قانون حقيقي، في دولة مؤسسات حقيقية تضمن العمل السلمي الدستوري، وتضبط الخلافات في الآراء وفق اطار آليات ديمقراطية حقيقية تحمي المواطن، خصوصا المثقفين، حتى يقولوا رأيهم المختلف بصوت عال، بثقة، غير هيابين من بندقية مجرمه تتربص بهم في عطفات الازقة. ان بناء دولة مؤسسات دستورية حقيقية هو ضماننا للمستقبل، بدون هذا سنبقى تحت رحمة البنادق الغادرة التي تسجل جرائمها الشنيعة ضد مجهول وتركن ملفاتها على الرف.