منذ نهاية عام 2018 يتصاعد غضب ونضال الشعب السوداني السلمي، وبإصرار الأحرار وعزم المناضلين، ضد دكتاتورية نظام الإسلام السياسي المتطرف وضد الدكتاتور الأهوج عمر البشير. وقد قدم هذا الشعب الأبي حتى الآن الكثير من الشهداء الأوفياء لشعبهم وحقوقه الأساسية ومصالحه وإرادته، كما زُج في المعتقلات الكثير من المناضلين الذين صمدوا بوجه الطغيان والأساليب الفاشية المستخدمة في معاقبة المعتقلين والمتظاهرين وأبناء وبنات الشعب. وتشير آخر الأخبار في أم درمان وبقية المدن السودانية إلى تزايد عدد المشاركين في هذه المظاهرات ودخول النساء إلى المعركة الوطنية والديمقراطية ضد الدكتاتورية وخيانة قضايا الشعب والفساد المستشري من جهة، وتفاقم الأساليب العدوانية التي تمارسها الطغمة الحاكمة وأجهزتها الأمنية ضد المتظاهرين والمتظاهرات. فقد جاء في أحد التقارير بهذا الصدد ما يلي: “وانتقلت التظاهرات بعد تفريقها إلى شارع الدكاترة، أشهر شوارع مدينة أم درمان ثم إلى منطقة السوق، وردد المتظاهرون هتافات بسقوط النظام. كما شنت قوات الأمن حملة اعتقالات في صفوف المحتجين. وجاءت احتجاجات اليوم بعدما تجمّع المئات، بناء على دعوة من تجمع المهنيين السودانيين وأحزاب معارضة، للتضامن مع المعتقلات اللواتي احتُجزن بسبب الاحتجاجات وتم إيداعهن في سجن النساء بأم درمان. ويشارك العنصر النسائي بشكل واضح في الاحتجاجات منذ اندلاعها.” (راجع: عبد الحميد عوض، السودان: تجدد الاحتجاجات في أم درمان تضامناً مع المعتقلات، الخرطوم، موقع أخبار السودان، 10/02/2019). وفي مقابل تزايد الاحتجاجات وشمولها موظفين في أجهزة الدولة تضامنت مع المحتجين هدد مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني الفريق صلاح عبد الله قوش بقوله: ” أن كافة القوات النظامية مصطفة تماما وراء الشرعية، وأن السبيل الوحيد للتغيير هو صناديق الاقتراع، وأنهم لن يسمحوا بانزلاق السودان الى الفوضى،” .. وأنّ ”المحسوبية مرفوضة ولا تهاون خلال المرحلة القادمة، في التعامل مع المتقاعسين أيًا كانت صفاتهم ومواقعهم في جسم الدولة“.راجع: مدير المخابرات السودانية: لن نسمح بانزلاق البلاد إلى الفوضى، موقع أرم، 11/02/2019).
لا شك في أن هذا النضال الوطني والديمقراطي سيستمر طالما بقي البشير وقادة حزب المؤتمر الوطني الفاسدين على رأس السلطة واستمرارهم في ممارسة النهج ذاته منذ أن تسلم هذا الدكتاتور ورهطه الحكم بانقلاب عسكري دموي والاستيلاء على الدولة بسلطاتها الثلاث بصورة غير شرعية في العام 1989. ويتطلب تحقيق النصر المزيد من التعاون والتضامن ووحدة موقف جميع القوى الديمقراطية المناضلة ضد النظام الدكتاتوري ومن أجل إقامة الدولة الديمقراطية العلمانية في السودان، وبعيدا عن الأحزاب الإسلامية السياسية التي حكمت السودان بالحديد والنار طيلة ثلاثة عقود منصرمة (1989-2019). ولم يحصد الشعب السوداني طوال هذه العقود العجاف سوى البؤس والفاقة والحرمان، سوى الاعتقال والتعذيب والمزيد من الفساد والإرهاب ضد الشعب وقوى المعارضة.
إن تحقيق وحدة نضال القوى الوطنية والديمقراطية للشعب السوداني في هذه المرحلة النضالية الحاسمة ستجلب إليها المزيد من الناس المتضررين من وجود هذا النظام، بمن فيهم الكثير من صغار ومتوسطي الموظفين والمستخدمين، إضافة إلى العمال والفلاحين والكسبة والحرفيين وأجزاء جديدة من مثقفي البلاد. إنها معركة قاسية، ولكنها نبيلة، وستنتصر الانتفاضة بإرادة الشعب وتضامن الشعوب العربية والأفريقية والآسيوية والرأي العام العالمي.
إن نداءات التضامن قد انطلقت في بلدان عديدة مع شعب السودان ولا بد من توسيع هذا التضامن وتعميمه في أرجاء العالم. فعلى سبيل المثال لا الحصر دعت اللجنة المحلية للمثقفين للحزب الشيوعي العراقي إلى اجتماع تضامني مع الشعوب السوداني الذي عقد يوم أمس 10/02/2019 في بغداد. وجاء في النداء الصادر عن الاجتماع ما يلي: ” نعلن التضامن مع الشعب السوداني وانتفاضته الباسلة، التي تتصاعد منذ انطلاقتها في 19 كانون الاول 2018، ضد طغمة البشير الدكتاتورية التي تحكم البلاد بالحديد والنار منذ 30 عاماً، وتواصل أجهزتها الأمنية وميليشياتها قمع الاحتجاجات السلمية بإطلاق العنان لأجهزتها الأمنية باستخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين والتعذيب الوحشي للمعتقلين، ما أدى الى استشهاد أكثر من 50 مواطناً”.