الجمعة, نوفمبر 22, 2024
Homeمقالاتالمظاهرات الاحتجاجات الجماهيرية السلمية حق مشروع

المظاهرات الاحتجاجات الجماهيرية السلمية حق مشروع

 مصطفى محمد غريب

تساق الكثير من الأمثلة عن المواقف الصحيحة التي وقفتها حكومات ووقفها حكام مسؤولين في العالم عن الاستقالات الفورية بعد حدوث احتجاجات أو مظاهرات تقوم بها الجماهيري وبخاصة في مجالات الخدمات والقضايا المطلبية وحتى سياسية لكي تفسح المجال بحسن نية ومسؤولية وطنية لخلق مستلزمات جديد أكثر فعالية في حل المشاكل وتنفيذ المطالب الجماهيرية وفق سلم من القوانين التي تهدف للتخلص من الاحتقان والغضب الجماهيري بدلاً من تعقيد الظروف وخلق حالة من الاضطرابات التي قد تسيء إلى استقرار البلاد أو تدفع الأمور نحو التصعيد أكثر حيث يكون الاحتقان الجماهيري سيد المواقف وعند ذلك لا تكفي المهدئات والعقاقير للحل ولطالما كانت المشاكل في أولها وهناك في بداية أي مشكلة وجود إمكانيات مرنة وبسيطة لإيجاد الحلول الفورية وتنفيذ ما تريده الجماهير الغاضبة، لكن التعنت والإصرار على العنجهية قد يؤديان إلى التفجير الشامل وعند ذلك ستكون الفرص قد ضاعت ووصلت الأمور من سيء إلى أسوأ.

هنا قد يتدخل الاحتقان الجماهيري للانتقال إلى الانتفاضة ولهذا الواقع  أسبابه ومبرراته وقد يولد أحياناً عفوياً ثم ينتقل إلى التنظيم فهو سمة عامة وخاصة بكل احتقان جماهيري ولا يختلف من حيث الجوهر لأنه طريق لابد منه بسبب الضغط المتواصل وفقدان الأمل في الإصلاح والتغيير، التحذيرات من تردي الأوضاع بشكل عام في العراق لم تكن أوهاما بل استنتاجات علمية وعملية برؤيا مسؤولة بأن هذا التراكم في التردي الشامل لابد في النهاية أن يخلق حالة نوعية جديدة رافضة ركود التراكم وقد تبدأ كالتالي : تبدأ باستنكارات واحتجاجات محدودة لكنها في النهاية ستصل إلى حد عدم السيطرة عليها وقد تتجاوز الحالة السلمية للاحتجاجات والاعتصامات، ومع الأسف لم يستفد لا حيدر العبادي ولا حكومته من تجربة حكم رئيس الوزراء السابق الذي تكللت سياسته التعسفية بخلق فرصة احتلال داعش الإرهاب لثلث العراق، ونخشى من أن لا تؤول الاحتجاجات تأويلا تشوه جوهرهاً وتطلق الاتهامات هذه المرة بتهم العملاء والمندسين البعثيين لان الاتهام بداعش والقاعدة والإرهاب ما عادت ورقة نصيب مربحة، ولكن هذه المرة استعملت العصي الحكومية الغليظة بشكل واضح للأعين ومن نتائجها الكارثية  ما نشرته وسائل الإعلام ومفوضية حقوق الإنسان في العراق و”هيومن رايتس ووتش” التي أشارت إلى” أن قوات الأمن العراقية أطلقت النار على متظاهرين في محافظة البصرة وضربتهم خلال سلسلة من الاحتجاجات هذا الشهر” كما أكدت هيومن رايتس ووتش  في تقريرها أن قوات وزارة الداخلية العراقية استخدمت على ما يبدو “القوة القاتلة والمفرطة إلى حد كبير وغير ضروري  ضد الاحتجاجات” كما ذكرت وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني عن ممارسات تعسفية وعنف غير مبرر ضد المتظاهرين في محافظات عديدة من بينها العاصمة بغداد، وكشف فاضل الغراوي عضو مفوضية حقوق الإنسان في العراق يوم الأحد 22/7/2018 خبراً عن الحصيلة للضحايا فقد صرح فاضل الغراوي ونقلته شبكة روودار الإعلامية إن “عدد المتوفين منذ انطلاق التظاهرات ولغاية اليوم في وسط وجنوب العراق بلغ (١٣يضاف لهم مواطن استشهد بعد ذلك فيكون العدد 14) متظاهرا وعدد الجرحى (٧٢٩) بينهم (٤٦٠) من القوات الأمنية و(٢٦٩) جريحا من المتظاهرين”كما أضاف فاضل الغراوي عن اعتقال ( 757 ) وكذلك تعرض العديد من المباني الحكومية والسكنية والسيارات إلى التخريب والأضرار البليغة. يوم بعد يوم تزداد الأوضاع تعقيداً وتستمر الاحتجاجات وتتوسع المظاهرات وهو إنذار بتخطي الوضع السلمي نحو مزيداً من العنف وهذا تحصيل حاصل كما تقول التجارب ونشهد أن الأوضاع أصبحت  أكثر تعقيداً وها هو الأسبوع الثالث (وقد يقدم الرابع وهلمجرا) ، يمر بدون أي آفاق حقيقية ملموسة لحلول جذرية وتبقى الوعود والحلول الجزئية الترقيعية هي  السائدة إلى الآن، ويستمر حسب التوقعات التردي لا بل سوف يتوسع إذا لم توضع معالجات جذرية، وسوف تتخذ المظاهرات والاحتجاجات مسارات تصاعدية خلال الأيام القادمة والتي تأكد اغتيال محتج آخر وإصابة العديد من المحتجين الجدد بينما هناك أخبارا عن اعتقالات جديدة، بالرغم من المطالب المطروحة هي مطالب مشروعة بالأخص استمرار عجز الحكومة بقيادة حيدر العبادي من تقديم ما يمكن أن يكون حلاً حقيقياً، بتأمين الحد الأدنى من خدمات الكهرباء والماء اللذان أصبحا غولاً يدمر حياة المواطنين، إضافة إلى جيوش العاطلين عن العمل وفي مقدمتهم الشباب، ويستمر الفساد يضرب إطنابه في مؤسسات الدولة وحسب تقارير أكدت إن هذه المؤسسات تحتل المرتبة التاسعة عالمياً في تردي الخدمات ، وتحتل المناشدات والمطالبات بتحقيق نسبة من العدالة الاجتماعية وتنفيذ الوعود التي أطلقتها الحكومة ورئيسها حيدر العبادي بالذات بخصوص الإصلاح والتغيير أن لا تبقى حبر على ورق ووعوداً كالفقاعات إذا لامست الهواء تنفجر وتتلاشى، كما يجب الإسراع في إرضاء المتضررين والمحتجين بتنفيذ مطالبهم المشروعة وعدم الانسياق خلف أوهام القمع والمحاربة والاعتقال لان ذلك لن يكون ذو نفع ولا فائدة،  ونكرر بذكر التجارب غير القانونية والمتطرفة في هذا الخصوص بأنها معروفة، لان الجماهير ما عادت مثل السابق وقد حدثت تغييرات كبيرة على الواقع الذي يرفض التراجع عن الحقوق والمطالب المشروعة وهذا ما أكده الحزب الشيوعي العراقي في 21 تموز/ 2018 حيث أشار عن خروج الجماهير  ”  إلى الشوارع حاملة همومها ومعاناتها ومطالبها، كما فعلت في الأيام الماضية، وفي السنوات السابقة، متطلعة إلى سرعة الاستجابة لها لاسيما الآنية منها والتي لا تحتمل التأخير أو التأجيل مثل توفير الكهرباء والماء في هذا الصيف الشديد الحرارة!” مؤكداً على مواقفه المتضامنة والداعمة ” لمطالب المواطنين العادلة المشروعة، المعبر عنها بطرق سلمية ووفقا لروح الدستور الضامن لحق الاحتجاج والتعبير عن الرأي”

إن الموقف الخطير الذي تمر به البلاد لا يمكن التهاون به وأول ذلك المحاولات الخبيثة لاستغلال الاحتقان الجماهيري، فمن ناحية هناك

ــــ القوى التي تحاول استخدام العنف والتطرف والتخريب ليتسنى للمتربصين بمطالب الجماهير والعمل على حرفها نحو العنف بدلاً من السلم وخلق انطباع على أن حركة الجماهير تدار من قبل قوى شريرة مندسة

ـــــ قوى تحاول تسفيه المطالب الجماهيرية وتتهمها بالإسراف وعدم الجدية في المسؤولية والخروج برأي  اتهام الجماهير الشعبية واعتبارها مسؤولة عن هذا التردي في الخدمات وغيرها وعدم شعورها بالمسؤولية في استخدام الطاقة والماء وغيرهما بشكل رشيد، وتصريح جلال الصغير ينصب في هذا المجرى وهو احد التصريحات العديدة من قبل مسؤولين ورجال دين وفاسدين ، يقول جلال الصغير : العراقيون مسرفين بالماء والكهرباء ونحن لا نملك قدرات سوبرمانية لتوفير احتياجاتهم ” نسال السيد جلال الصغير  ـــ ماذا كان يفعل العراقيون خلال حقب عديدة سابقة؟ ولم يمر العراق عبر تاريخه بهذا الحال المزري؟” ـــ ألا يرى السيد جلال إن تصريحه الظالم يندرج مع التصريحات التي تتهم العراقيين بالإهمال والتبذير وعدم الشعور بالمسؤولية الوطنية؟ ـــ وهل زار جلال الصغير عشرات الملايين من المواطنين الفقراء الذين ينتشرون في كل أصقاع البلاد لكي يخرج بهذا الاستنتاج الغير عادل؟ ـــ أم أن السيد جلال انطلق من واقع الحال الذي يعيشه مع المسؤولين في قصورهم  وفلاتهم وشققهم المتعددة وهم يحتمون من الحر والعطش حتى بواسطة الحمايات التي تقدر بالآلاف؟

ـــــ التدخل الخارجي الذي يحاول إفشال المظاهرات من خلال المندسين من الميليشيات الذين ارتدوا ملابس مدنية لاختراق التظاهرات لكن المتظاهرين افشلوا هذا المخطط ” وفي هذا الإطار، قال مصدر خاص طلب عدم الكشف عن اسمه، إن إيران تحاول أن تفشل موجة المظاهرات في العراق، من خلال إدخال الميليشيات في صفوف المتظاهرين بملابس مدنية”

ـــــ التردد الحكومي في تنفيذ مطالب الجماهير وعجزها من اتخاذ تدابير سريعة وعلاجات ناجعة للتخلص من حالة التربص والمراوغة .

أكثر من  15 سنة  والشعب يدفع ضريبة الاحتلال والمحاصصة الطائفية والحزبية  بينما ينعم أصحاب النفوذ ممن في السلطة أو ممن يستطيعون التأثير على قراراتها وخططها بالدمقس والحرير والعيش الرغيد والسعيد في ظل كهرباء عامرة ومياه صافية تستورد لهم خصيصاً من الخارج وهم وعائلاتهم يتمتعون بامتيازات لا حدود لها في العيش داخل العراق ومتى أرادوا خارج العراق، بينما ينوء أكثر من 95% من المواطنين تحت طائلة أل 48% و 50% فما فوق من درجات الحرارة ومن سوء الخدمات ومن الفقر والبطالة وفقدان الأمن والأمل ومن الفساد والفاسدين

الحل السحري إذا كان هناك سحر !!يكمن في القرارات الصائبة والفورية لمعالجة ما تعانيه جماهير الشعب من سياسة المحاصصة ومن تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والخدمية والأمنية وإلا سيبقى البلاء منتشراً وستكون الكوارث أكثر شمولاً مما هي عليه. أن الجماهير تخوض حرباً سلمية عادلة لا تجعلوها حرباً بالسلاح لأن العراق شبع من الدماء والقتل والجرائم ، لا اعرف أن ينفع القول، الحجة المبتذلة عبارة عن تصرف ارعن وغير أخلاقي

 

 

 

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular