ليس هناك أمر أقسى على القلوب المكلومة من اللوم والتقريع في أشد الحالات حزنا وقهرا، هذا النوع من الانبطاح المبطن والمكلل بزخرف التنظير الفارغ والهذر المتعفن الذي يتبناه الطامحون الى الشهرة باي ثمن ، حتى لو كان صعودهم على جثث الضحايا وأبنائهم، فاصحاب هذا المشروع الرخيص وما اكثرهم هذه الأيام لا يجدون غضاضة أو أدنى شعور بالعار في قلب الواقع أو إيجاد مقاربات تبيح لهم الرد على خصومهم، حتى أن لم يكونوا بحاجة لذلك ولا هم في موضع السؤال، فهم ربما يشعرون بالمسؤولية في الدفاع عن سبيلهم الوحيد وتطلعاتهم الشخصية بأيحاء لاارادي.
خلال متابعتي الطويلة لهؤلاء اجدهم يتبعون في أغلب مواضيعهم نفس اسلوب التهريج والتحايل على الحقائق بطريقة يجب الاعتراف بانها ذكية ومحترفة، فقد كشف لي أحد الإخوة بأن بعض الكتاب لديهم دليل وبرامج في كيفية كتابة المقال السياسي، ولسوء حظي اني لم أقرأ هذه الكتب، فلا عجب اذن أن أسمع من بعض المتفيقهين أنني اكتب بطريقة خطب الجوامع الحماسية.
بمعنى أن كنت تريد أن تصبح رجلا مهما ومقبولا من قبل حتى أكثر الابالسة قذارة وسفالة لا عليك الا ان تتحدث بحيادية في بعض القضايا المصيرية الواضحة وتميل إلى أصحاب الاموال والمستثمرين لتبرر لهم جرائمهم وعمالتهم كأن تبحث عن قضية متشابه لتخفف كثافة قذارتهم بإضافة سوائل إعلامية لطيفة تمنحهم الحق فيما يفعلون، مع أن هؤلاء الفاسدون في الاعلام نراهم أشد شراسة وعدوانية وفي اوج ثوريتهم وعنفوانهم الجيفاري في قضايا ليست بأهمية وثقل الأخرى.
الانكى من كل هذا مطالبتهم المحمومة والدائمة بأن نقتنع باطروحاتهم وأن تغيرت مواقفهم السياسية ونقيضاتها عشرات المرات وإلا فالتُهم جاهزة ومعدة مسبقا، الذيول ،الاتباع ،الذباب الإلكتروني والجيوش الإلكترونية وهلمجرا، وهذه التصنيفات والإرهاب الاغبر الذي يمارسونه لا يشملهم مطلقا، تماما كمفردة الطائفية التي صنعت خصيصا منذ فجر الخيانة والتمييز العنصري والطائفي ضد فئة معينة دون غيرها، بصرف النظر عن تضحياتهم ومواقفهم