نشرت أحدى الصحف العراقية، خبراً وصفته بالطريف، مفاده زواج طبيب من صيدلانية، من خلال تعارفهما في لعبة البوبجي، وطبعا ستنقل الخبر صحف أخرى تعتمد نسخ الأخبار.
معظم الأخبار تنقل بالنسخ دون تعديل، أو إضافة من المحرر أو الصحيفة، وبما أنه خبر من صحف عربية، فكل صحيفة عراقية، تعتقد أنها صاحبة السبق في نقله.
تسمح مواقع التواصل الإجتماعي للشخص بوضع أية صورة له، ويختار تسمية مناسبة حسب الذوق، وربما مخالفة تماماَ لشخصية الفرد، فتلك الثرثارة تكتب أسمها أميرة الصمت، وتلك الكالحة تسمي نفسها قمر، وذاك المهزوز يسمي نفسه السيد الرئيس، وقائمة طويلة من المسميات الغريبة، والصور التي تجذب الآخر، والكلام المنسوخ جاهز، وأحاديث من العالم الإفتراضي، تجعل من بعض الشخصيات ملائكية، والتقنيات لها دور يساهم في تزويق وتجميل الصور.
شغل العالم الإفتراضي الناس عن بعضهم، وفي تجربة لأحد البرامج، وجد أن الأصدقاء يخرجون معاَ ولا يتكلم أحدهم مع الآخر، لإنشغاله بمواقع التواصل الإجتماعي، وحين تم قطع الأنترنيت لمدة نصف ساعة، عادوا الى الكلام، وتبادل الحديث الذي يفصح عن عمق الصداقة، وحين سؤال هؤلاء؛ إذا كانوا خارجين للنزهة معاَ، فلماذا تنشغلون بمواقع التواصل؟ أو إذا كنتم مشغولين مواقع التواصل، لماذا تخرجون؟ ولكن لا جواب مقنع في تلك العينة! يقول الخبر أن الحادثة وقعت في مصر، عندما كان الطبيب والصيدلانية يلعبان البوبجي، فتعرفا على بعضهما، وإلتقيا بالصدفة في صيدلية، بعد فترة شهر من الحب والتضحية في اللعبة، وتسابقت الصحف على نقل الخبر، أستناداً للإثارة والسبق والطرافة؟!
في حوادث أخرى نشرت بعض مواقع التواصل الإجتماعي، عن إرتفاع نسبة زواج الإسبان من موقع الفيس بوك، فعلقت بعض العراقيات على أهمية المواقع في التقارب الإجتماعي والزواج.. وقلن: في العراق نقضي معظم وقتنا ( صباح الخير، ومساء الخير، وجمعة مباركة، وأدعية ونصائح، ومقاطع مفبركة، وتسقيط سياسي)، وكأنهن يعتبّنً على الرجل العراقي، وربما سنسمع عن مواقع أخرى تبتكر طرق جديدة للزواج ألاكتروني.
لا نريد نفي الخبر الأول، ولكننا نتسأل عن مصداقيته، فليس من المعتاد أن يبحث طبيب وصيدلانية عن علاقة حب وزواج في لعبة البوبجي، وأمامهما آلاف الفرص للزواج، سيما وأنهما مصريان وشهادة الطب والصيدلة لها موقع مرموق إجتماعياً وإقتصاديا.. ثم إذا كان الطبيب يلعب البوبجي، فسيكون تشخيصه المرضي خاطيء، والصيدلانية ستعطي المريض دواء بالخطأ أيضاَ!
مفاد الخبر يريد أن يقول لنا؛ أن العالم الإفتراضي أصبح بديل عن الواقعي، والإفتراض غير ما كنا نتغنى به كما يقول الشاعر بدر شاكر السياب، ” النفس تعرفها بمشيتها، بالظل، بالأنفاس بالعطرٍ” ولا كما يقول نزار قباني”الحُبُّ في الأرضِ .. بعضٌ من تخيلنا.. لو لمْ نجـدهُ عليهـا .. لاخترعنـاهُ“
كل ما تتحدث به بعض الصحف لا يمت للحقيقة شيء، ولكن المؤسف أكثر حينما تتناقل الصحف هكذا أخبار، ومن يعلم أهداف نشر هكذا أخبار فلا لوم عليه، لأنه بندقية مستأجرة للإطاحة بعادات المجتمع، ولكن اللوم على أولئك الذي يتناقلون الأخبار، من أجل سد الفراغ الصحفي او للإثارة والطرفة، ولكنهم يشاركون مخترعي هكذا العاب وناشري أخبار تصدع المجتمعات.