السبت, نوفمبر 23, 2024
HomeUncategorizedيوم الشهيد الشيوعي : د. أحمد الشيخ أحمد ربيعة

يوم الشهيد الشيوعي : د. أحمد الشيخ أحمد ربيعة

الحضور الكرام
صورتان من صور لا متنهية، تدمى القلب مع قدوم يوم الشهيد الشيوعي.
الصورة الاولى هي لأمهات رفاقنا اللواتي بقين سنوات طوال، بانتظار اولادهن الشجعان، أو خبر عنهم. رحلن، عن الدنيا دون أن يعرفن باستشهاد ابنائهن. منهن ام الشهيدين النصيرين، غسان عاكف ( د. عادل )، واخيه جمال عاكف ( أبو فيروز). كذلك ام الشهيد النصير نجيب هرمز ( ناهل ) ابن البصرة وطالب كلية الادارة والاقتصاد في سنتها الاخيرة. كذلك ام الشهيد النصير عطية زايد ( ابو شهدي ) من البصرة ، وحسب علمي ان أم الشهيد عطية بقيت الى حد 2015، تتنظر قدومه وتتحرى عن اخباره، دون أن يجرأ أحد من أهله واصدقائه أن يخبرها باستشهاده.
أكيد لو عرفت ذلك لصرخت :
بلهجتها البصرواية – العمارتلية. ( خايبين، عمت عين الموت اللي ياخذ زلم خشنة مثل عطية وربعة ).
الصورة الثانية تجسد شهداء لم نعرف طريقاً الى اهاليهم، ولم يسأل احداً عنهم. منهم الشهيد النصير سليم – مهندس زراعي من كربلاء. كذلك الشهيد النصير ابو محمد ( هاشم كاظم محمد ) من السماوة وطالب كلية العلوم في جامعة البصرة- قسم الكيمياء قي سنتها الاخيرة- خبير المتفجرات في قوات الانصار.
وقائمة تطول لمن غيبه نظام الموت ودون ان يعثر، اهليهم على اثرِ حتى في قوائم الموت والاعدامات بعد سقوط النظام. بالتاكيد للأخيرين معلومات اوسع.
أما صورتنا، نحن الحاضرين المشاركين في هذه الفعالية في كل عام، فهي مؤطرة بحزن اخر. ناتي ونتطلع بصور شهدائنا ولكل منا، في هذه الصورة أحبة سواء من العائلة او دروب النضال الشاقة، او مسارات اخرى.
نشيخ نحن، وهم يتألقون بشبابهم، في تحدٍ عبثي للزمن، بأتسامتهم او بتقاسم وجوهم الصارمة او بتعابير اخرى. ورود تشع بالونها الزاهية. نحن الحضور، الذي لا نريد ان يستوطن غيابهم، افئدتنا. هذا بضكحته الصاخبة، وذك بخجله، عند ذلك المكان التقيه، هناك تصدمنا، وهناك سكرنا، وهناك كنا نغزل من ضوء القمر احلامنا. كل المشاعر وغيرها تتشذى على عتبة سؤال، قد يبدو الاخير، ملؤءه الحب وقدراً من الحيرة، ماذا لو كانوا على قيد الحياة؟، ماذا لو بدلت الحياة الادوار بيننا وبينهم؟.
ممكن أن اتحدث جازماً، عن شعور عام، شكل قاسماً مشتركاً عند معظم الشهداء الذين عرفت العشرات منهم ومعظم من عرفته في دروب النضال المشرف والقاسي والغالي الثمن، هو خوفهم وارتباكهم، من مقدار الالم والفجيعة التي سيتركه غيابهم عند احبتهم من امهاتهم وابائهم وخواتهم وحبياتهم واطفالهم وغيرهم من الاحبة.
كنا نريد ربط طرفي معادلة عصية على التوازن. ان نستشهد، دون ان نترك الماً لأحبتنا. لكن عنفوان الشيوعي المحب بعمق وذوق للحياة، والحافر باضافره بدون كلل في جدار الصمت والخوف والقهر والاضطهاد، تراه يشرع صدره للموت من اجل مصالح وعزة العراق شعباً ووطناً.
كان محمود درويش حاضراً بشهادته بيننا عن الشهداء.
وحبوب سنبلة تجف
ستملأ الوادي سنابل ….!
أن القيمة الحقيقة للاحتفال بيوم الشهيد الشيوعي هو ألاحياء المستديم للقضية، التي استشهد من اجلها هؤلاء الثوار ومن سار في دروب نضالهم المر، والحذر من تحوله الى طقوس سنوية، ربما لا تختلف كثيرا عن الاصولية التقليدية. المفارقة الحقيقة أننا نردد باستمرار هذا الامر دون الحديث عن مستلزمات ذلك واقترانه بممارسسات عملية. لن يتم ذلك دون العمل على تطور عقل نقدي يفتح الافاق لأسئلة ومماسات جديدة، نحن اليوم بأمس الحاجة لنرتقي بأساليب عملنا وامتلاك اساليب الادارة الحديثة، فالشيوعيون وعموم القوى المدينة هي قوى علنية ورسمية، لا يكمن ان تنهض بمهماتها الجديدة بنفس الاساليب القديمة. نحن بحاجة الى ادارة سليمة وعلمية وكفاءات عمل جديدة لكل انواع الصراعات. بحاجة الى تيار مدني حقيقى وفاعل، يستطيع ان يرتقى بنفسة وعمله باعتباره بديل حقيقي لانحطاط ورثاثة العمل السياسي المتداول اليوم في عراق الطائفية والعشائرية والفساد. نحن بحاجة الى اعادة الهيبة والحيوية والثقة في العمل الحزبي المنظم وفي عموم العمل السياسي، واشباعة بالديمقراطية وروح المسؤولية والكفاءة. بحاجة الى سياسية اعادة تقيم للكثير من اساليب عملنا الفكري والسياسية والجماهيري. بحاجة الى بناء منظمات اجتماعية ومدنية حقيقة وفعالة في اوساط الجالية والوقف بحزم ضد كل اوجه الفساد وتحويل الكثير من هذه المؤسسات الى هياكل شكلية أو الى مؤسسات شخصية، وغير ذلك من المهام المتنوعة والتي تبقينا قوة حية وفاعلة في الوطن أو في المهجر.
نحن اليوم بأمس الحاجة الى تشديد النضال وتصعديه من أجل استعادة السيادة الوطنية التي مُرغت بالوحل، وهي التي تشكل المدخل الحقيقي لإجراء تغيرات جادة، في مسار الوضع العراقي ومن الصعب تحقيق ذلك دون اعادة الهيبة للوطنية العراقية ونشر روح التسامح والتعاوين والاقرار بالاخر المختلف ورسم مسارات العمل المشترك وغيرها من تساؤلات وافكار ممن تدور في عقول هذه النخبة الطيبة من الحاضرين وغيرهم.
يستوقفني ذكرى شباط الاسود 1963 والتي مرت علينا، قبل عدة ايام، شخصيا، تشكل لي، هذه الذكرى الأليمة، ، بداية تكوين ذاكرتي السياسية عندما اعلن في المذياع اعدام عمي الزعيم الركن طه الشيخ أحمد في الاذاعة يوم 9 شباط مع الزعيم الوطني عبدالكريم قاسم ورفاقه الابطال.
شباط الاسود شكل منعطفا جديدا، في مسار التاريخ العراقي الحديث، وليكون لاحقاً، قاعدة اسياسية في علاقة العنف- الدولة- المجتمع. لقد اتخذ العنف المنفلت والارهاب في العراق شكله النوعي الجديد من خارج الدولة وبرعايتها او صمتها، وطريقة أساسية لتركيع المجتمع، وذلك من خلال ميليشات الحرس القومي الساقطة، فما عادت الدولة هي أداة تنظيم العنف وادارة الصرعات.
كل سلطات القمع اللاحقة، استفادت من هذه التجربة ويمكن ملاحظتها في تجربة الجيش الشعبي للنظام الساقط، لكن بشاعة الامر ومما يؤسف له أن تتحول اليات نظام البعث الساقط، الى قاعدة اساسية في أدارة الدولة والمجتمع للذين اعتقدوا انهم بديل له وكانوا جزء من ضحاياه، ، فعراق اليوم هو عراق الدولة المهمشة والميلشيات المتسلطة واحتقار الروح الوطنية والمواطنة واذلال العراقيين وتجويعهم ونهب ثروات البلد وارجعاه الى القرون الوسطى وغيرها مما هو معروف اليوم في عراقنا المنكوب والمنهوب.
لقد استطاع كل جلادي وخاذلي طموحات شعبنا النبيلة، أن يتوارثوا بعضهم اساليب بعض، فما الذي يمنع هؤلاء المسلوخة ظهورهم بسياط الجلادين، أن يتعلموا ,ويتعلموا ويتعلموا،كي يضفو على يوم الشهيد الشيوعي رونق اخر، وحياة وبهجة اخرى. ولنبقى كما كنا ملح الارض وحزب الحياة.
جزيل الشكر لاستماعكم
…………………………………………………………………………….
* القيت الكلمة باسم ملتقى الانصار الشيوعيين في هولندا، في احتفالية يوم الشهيد الشيوعي في لاهاي 16-02-2019.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular