.
ضاقت خيارات قوات سوريا الديمقراطية ومن تمثلهم من الأكراد في البلاد التي مزقتها الحرب، فبعد الانسحاب الأميركي المفاجئ الذي اعتبروه “طعنة في الظهر”، ها هي دمشق ترفض منحهم حكما ذاتيا في المناطق التي يسيطرون عليها.
وجاء موقف الحكومة السورية على لسان المستشارة الإعلامية للرئيس السوري بشار الأسد، بثينة شعبان، الثلاثاء، إذ قالت في معرض رفضها للمقترح الكردي: ” الحكم الذاتي يعني تقسيم سوريا. ليس لدينا أي سبيل لتقسيم سوريا”.
وشكّل تصريح شعبان اتجاها في الطريق المعاكس لذلك الذي أشاعه قبل شهر، نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد، الذي تحدث عن “تفاؤل” في المفاوضات بين دمشق والأكراد.
وحسب الباحث السياسي الكردي رستم محمود، في حديثه مع موقع “سكاي نيوز عربية”، فإن التغير في لغة دمشق، يعبر عن رؤية الحكومة السورية للمتغيرات على الأرض، لافتا إلى أن تصريح مقداد جاء عندما شعرت دمشق أن الانسحاب الأميركي لن يكون سريعا وستبقى واشنطن في المنطقة.
أما شعبان، فصرحت بخلاف المسؤول الدبلوماسي، بعدما تغيرت الظروف، مثل “انخفاض الضغوط الروسية على دمشق بشأن الحفاظ على حقوق الأكراد”، وفق الباحث السياسي.
طعنة في الظهر
ولجأ الأكراد في سوريا إلى إجراء محادثات مع دمشق، بعدما تلقوا في ديسمبر الماضي ما وصفوه بـ”طعنة بالظهر” عندما أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بصورة مفاجئة الانسحاب من سوريا.
وبدا أن هذا الأمر سيعرضهم لهجوم واسع من طرف أنقرة والفصائل السورية الموالية لها، كانت تتجنب دخول مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية بسبب وجود القوات الأميركية.
وفي هذا الصدد، اعتبر محمود أن خيارات الأكراد تبدو الآن ضيقة، بعد موقف الحكومة السورية.
وأضاف أن أحد الخيارات ربما يتمثل في سعي دمشق إلى “تغيير عقيدة الأكراد القتالية، ليصبحوا جزءا من القوات الحكومية أو تابعة لها بشكل من الأشكال، بحيث تخدم الأجندة السياسية المرتبطة بالحكومة في دمشق”.
وفي تصريحها لوكالة “رويترز”، الثلاثاء، قال بثينة شعبان “سوريا دولة تستوعب الجميع وكل الناس سواسية أمام القانون السوري وأمام الدستور السوري”، واصفة الأكراد بأنهم “جزء ثمين ومهم للغاية من الشعب السوري”.
ويريد الأكراد الإبقاء على المناطق التي يسيطرون عليها داخل دولة تتمتع بنظام اللامركزية، وهو الأمر الذي رفضته دمشق.
4 خيارات للأكراد
واعتبر محمود أن هناك سيناريوهات أخرى أمام الأكراد، مثل أن “تقترح الولايات المتحدة صيغة ترضي الأطراف، بمن فيهم المعارضة وتركيا ودمشق والأكراد، بشأن تقاسم المناطق في شرق الفرات”.
وأشار في هذا السيناريو إلى تصريحات أميركية شددت على أنها لن تسمح للجيش السوري بالدخول إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد، لكنه اعتبره احتمالا ضئيل الحدوث.
أما السيناريو الثاني، فقد يتم في حال حدوث توافق بين دمشق وأنقرة، بحيث تكون للأولى حرية الحركة في إدلب، التي تسيطر عليها جبهة النصرة والتي يعتبر كثيرون أنها فرضت سيطرتها هناك بعد أن سهلت لها أنقرة ذلك، على أن يسمح لتركيا بضرب المقاتلين الأكراد، مما قد يؤدي إلى وقوع صدام مسلح، وفق الباحث السياسي.
ويعتمد الخيار الثالث، على تسارع مسار الحل السياسي في سوريا، الذي ظهرت إشارات جديدة عنه، مع تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بشأن اللجنة الدستورية، باعتبارها “أحد أسس العملية السياسية” التي قد تنهي سنوات من الحرب.
لكن وجود الأكراد ضمن هذا السيناريو، يتطلب استمرار تمسكهم بالأراضي التي يسيطرون عليها، بحسب رستم محمود.
واعتبر الباحث السياسي أن السيناريو المرجح حدوثه خلال الأشهر المقبلة، هو أن “تقوم الولايات المتحدة بالانسحاب من سوريا إلى العراق، و”مراقبة الأوضاع” من هناك، ذلك أنها لن تتحمل وقوع فوضى نتيجة اقتحام القوات السورية أو التركية للمناطق الكردية، مما قد يوفر بيئة خصبة لعودة داعش”.