يعتقد الكثيرون أن تسجيل الطفل في المدرسة الثانوية ليس بالأمر الصعب، فما عليك أنت كأب أو أم سوى تعبئة بعض الاستمارات وتقديمها للمدرسة. ولكن الأمر ليس بهذه السهولة هنا في ألمانيا.
أتبادل دائما، أنا وزملائي الأجانب، المزاح عن الألمان والبيروقراطية المتفشية في مؤسساتهم، والتي تنسحب على النظام التعليمي المعقد. فهو كما علق عليه صديقي الأسترالي الجنسية “يجب أن تحصل على شهادة دكتوراه لكي تفهم نظام المدارس العامة في ألمانيا”.
سنة الحسم
تختلف الأنظمة التعليمية وأنواع المدارس باختلاف الولايات الألمانية الستة عشر؛ إذ أن التعليم مسؤولية الولاية وليس الحكومة الاتحادية كما يتبادر لذهن البعض. غير أن بعض القواسم المشتركة نجدها في كل الولايات. على سبيل المثال، ينتقل الطفل من المدرسة الأساسية (الابتدائية) إلى المدرسة الثانوية ابتداءً من الصف الخامس، باستثناء ولايتي برلين وبرندبورغ؛ إذ تسمح الولايتان بذلك بعد العام الدراسي السابع.
هذا يعني أنه يتعين عليك قضاء وقتٍ طويلٍ خلال سنة ابنك الخامسة في المدرسة للتفكير في أي نوع من المدارس الثانوية تناسبه. الاستعداد لرحلة البحث الطويلة من سبتمبر/أيلول وحتى شهر شباط/فبراير خلال العام الدراسي يعتبر أمراً مهماً، في هذه الفترة سيتعين على الأهل قضاء معظم فصل الخريف وفترة أعياد الميلاد في محاولة العثور على المدرسة المناسبة لطفلهم.
تفتح العديد من المدارس الألمانية أبوابها للتلاميذ والأهل في أيام السبت فيما يعرف بـ”اليوم المفتوح”، حيث يستطيع الطفل الجلوس على المقاعد الدراسية، والتجوال في أروقة المدرسة، كما يمكن للأهل الحديث مع الأساتذة والطلاب لتحديد إن كانت تعتبر خياراً جيداً بالنسبة لهم.
في بداية شهر فبراير/شباط، تصدر المدارس الألمانية كشوف العلامات النصف سنوية، ملحقة برسالة توصية من مدرس الطفل، بخصوص نوع المدرسة الأنسب له، وهنا بجب أن يتخذالأهل القرار وومن ثم القيام بالإجراءات الرسمية.
نظام هرمي
ينكر الكثير من الألمان أن النظام المدرسي الألماني هو نظام هرمي يعتمد على إلحاق التلاميذ بالمدارس التي تناسب أدائهم المدرسي وقدراتهم العقلية والذهنية. ففي ولاية شمال الراين-فيستفاليا، يقسم النظام المدرسي التلاميذ إلى ثلاثة أصناف. أولاً، المتفوقون الذين يلتحقون بمدارس Gymnasium، وهم الطلاب المتوقع انتسابهم للكليات الجامعية بعد ذلك. ثانياً، متوسطو الأداء الذين يتم تسجيلهم في مدارس Realschule، والانتساب إلى الجامعة بالنسبة لتلاميذ هذه المدارس أمر غير مؤكد. ثالثاً، محدودو الأداء المدرسي يلتحقون بمدارسHauptschule ويتوجه تلاميذ هذه المدارس لاحقاً إلى تعلم الحرف المهنية.
يعترف الكثير من الآباء في ألمانيا، إذا كانوا صادقين مع أنفسهم، بأنهم يشعرون بالفخر عند حصول ابنهم على شهادة توصية للالتحاق بمدرسة Gymnasium.
قبل أوانه
تعتبر كاتبة هذا المادة الصحفية، مراسلة DW لويزا شيفر، أن تحديد مستقبل الطفل بناء على أدائه في الصف الرابع أمر سابق لأوانه: “طفلتي منتظمة في مدرسة جميلة جداً في أحد ضواحي مدينة كولونيا. عندما اصطحب ابني وابنتي من المدرسة للبيت، أجدهم وزملاءهم يلهون بساحات المدرسة الكثيفة الأشجار، حولهم الخراف والدجاج التي تدخل الساحة بعض الأوقات. أجد الأطفال يركضون حولهم بمرح وسعادة، هم يحصدون العديد من المهارات من خلال التعلم، كمساعدة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة المندمجين بصفوفهم”.
بالطبع تعتبر هذه المدرسة استثناءً، ولكن من مِنا لا يرغب بترك طفله البالغ من العمر عشر سنوات في بيئة كهذه؟ لماذا يجب علّي أن أرمي طفلي بصف يكتظ بطلاب تتراوح أعمارهم 15-16 عاماً؟ لقد نشأت في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث مررنا بالمرحلة المتوسطة (الصفوف من 6 إلى 8) قبل الانتقال إلى المرحلة الثانوية (الصفوف من 9 إلى 12).