في صباح يوم الاثنين (28/1/2019) ودع هذا العالم اميرنا (المير تحسين بك امير الايزيديين في جميع انحاء العالم) رحمه الله عن عمر ناهز 86 عاما في احدى المستشفيات الالمانية، وكان لهذا الحدث الكبير صدا واسعا ليس على مستوى المجتمع الايزيدي في كل ارجاء العالم وحسب بل وعلى المستوى الكوردي بمختلف انتماءاتهم والعراقي بمختلف مكوناتهم الدينية والقومية ايضا.
ومنذ رحيل الامير وحتى كتابة هذه المقالة هناك تساؤلات يرددها الكثيرون: ماذا بعد رحيل الامير؟ من سيكون الامير؟ كيف سيكون موقف الامير من القضايا الكثيرة والكبيرة التي يواجهها المجتمع الايزيدي سواء في الداخل او في الخارج؟ كيف سيكون موقفه من الاحزاب او السياسة بشكل عام؟ هل سيكون بنفس منهجية الأمير الراحل في تعامله مع المشاكل المختلفة التي ستواجه الايزيدية في المستقبل ام سيكون له اسلوبه الخاص في ادارة شؤون الايزيدية… واسئلة اخرة كثيرة مرتبطة بهذا الموضوع.
وللرد على هذه التساؤلات فقد ضجت صفحات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، تويتر.. وحتى بعض المواقع الإلكترونية بردود افعال وطروحات ومطالب كثيرة ومختلفة، البعض منها كانت جدية ومحترمة واخرى كانت غريبة وخيالية بعيدة عن العقل والمنطق، حتى أن البعض منها كانت بحق مضحكة وساذجة وغبية.
البعض من هذه الطروحات تضمنت طريقة او الية لاختيار الامير الجديد وهي الطريقة الامثل حسب رأى اصحابها، والبعض الأخر فرضت مواصفات الامير القادم حسب مقاسات واجندات اصحابها، ثلة من اصحاب هذه الطروحات اختاروا اميرهم سلفا وانهم لن يقبلوا بغيره اميرا مطلقا، آخرون يقترحون اجراء انتخابات.. يقول بعضهم نريد اميرا مستقلا عن الاحزاب، مجموعة أخرى تصرح: نريد هذا الشخص بالتحديد ان يكونا اميرنا انه نزيه وشجاع، واخرون ربما معارضون لهم يردون بالقول: لا نريد هذا الشخص بالتحديد ان يكون اميرنا انه فاشل ومتردد، موقع اخر اصدر بيانا (يجب ان تجرى انتخابات على مستوى كل الايزيديين لاختيار الامير)، وآخر يضيف (يجب ان يكون لكل ايزيدي الحق في ترشيح نفسه لمنصب الامير)، احد الاشخاص من عامة الناس يبدو انه طموح جدا يقول: انا اريد ان اصبح الامير، وشخص آخر ربما من جماعة الفيمنست يقول: ماذا لو منح منصب الامير للعنصر النسوي هذه المرة…. وردود افعال وطروحات ومطالب كثيرة من هذا النوع.
الغائب عن بال كل تلك الجهات والمجموعات والاشخاص في الداخل كانوا أم في الخارج، ان اجواء الفيسبوك وتويتر والفضاءات الإلكترونية الاخرى من مواقع ومنصات الدردشة، تختلف اختلافا كليا عن الواقع الذي نعيشه والظروف والشروط التي تتحكم بهذا الواقع، الغائب عن بال كل هؤلاء ان المطالب الخيالية والافكار الفانتازية التي يطرحونها في الهواء الطلق حول اختيار الأمير ومن سيكون الأمير وكيف سيكون الأمير لا يمكن تطبيقها إلا في عالم الفيسبوك وستذهب ادراج الرياح.
فالأمير المنتظر لن يكون ابدا حسب مواصفات البعض مثاليا ومنفصلا عن المجتمع والسياسة وعن ما يدور حوله، ولن يكون ابدا السوبرمان الذي سيحل كل المشاكل التي نعاني منها بأجراء اتصال او عقد اجتماع او القاء خطاب. فاختيار الأمير المنتظر ومواصفاته لن يكون خارج اطار التوقعات المنطقية المرتبطة بالواقع الذي نعيشه وظروف وشروط هذا الواقع.
فمثلما كان رحيل الامير تحسين سعيد بك متوقعا نظرا لحالته الصحية، فان ما سيحدث بعد الامير متوقع وواضح للعيان ايضا، فايا كان الذي سيخلف الامير متوقع منه ان يسلك نفس منهج الامير الراحل والسير على خطاه، لأنه وبرأي الكثيرين ان منهجية الامير الراحل في ادارة شئون الايزيديين وكيفية تعامله مع الاحداث هو اقصى ما كان يستطيع ان يفعله، نظرا لظروف داخلية مرتبطة بالعلاقة بين الايزيديين والعائلة الاميرية من جهة، وأخرى خارجية مرتبطة بعلاقة الاثنين بالساحة السياسية العراقية بشكل عام والكوردستانية بشكل خاص من جهة أخرى.