كشفت مصادر سياسية عراقية أن الحملة التي تشنها مديرية أمن ميليشيات الحشد الشعبي الإيرانية منذ أسابيع لإغلاق ما تسميه بمقرات فصائل وهمية تدعي انتمائها الى هيئة الحشد الشعبي تنفذ بإشراف مباشر من قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني لتصفية الميليشيات المنقلبة عليها في العراق.
واستهدفت عمليات اغلاق المقار الميليشيات الصغيرة في الحشد الشعبي الموالية لمرجعية النجف، ولا تتعدى نسبتها الـ20 في المئة من العدد الكلي للميليشيات الإيرانية في العراق التي ترتبط بشكل مباشر بالحرس الثوري الإيراني والمرشد الايراني علي الخامنئي.
ورغم أن هذه الميليشيات شاركت تحت قيادة سليماني في معارك سوريا والعراق الا أنها وبعد العقوبات الأمريكية على إيران وكثافة الضغوطات التي تسلطها واشنطن على النفوذ الإيراني في العراق والمنطقة وعزم البيت الأبيض على قطع أذرع إيران الإرهابية في المنطقة أجبرت هذه الميليشيات الصغيرة على اعلان عدم خضوعها لإيران وأنها فصائل عراقية مرتبطة بمرجعية النجف الأمر الذي جعلها هدفا لإيران التي تعمل منذ بداية العام الحالي على ترتيب أوراقها في العراق استعداد للمواجهة مع التحالف الدولي.
وأكدت مصادر سياسية عراقية لـ”يورابيا” أن “عمليات اغلاق مقار الميليشيات الصغيرة هي خطة إيرانية لدعم الحشد الشعبي واظهارها للمجتمع الدولي كقوة نظامية تطهر صفوفها وتحارب الفساد والجرائم، كي تجنب هذه الميليشيات الضربات الأمريكية ولتفتح يد هذه الميليشيات لتصفية كل من يقف ضد المشروع الايراني في العراق بحجة محاربة الفساد، وفي الحقيقة ميليشيات الحشد الشعبي ميليشيات إرهابية ومتهمة بتنفيذ جرائم حرب وغالبية قادتها مطلوبون دوليا وأسمائهم مدرجة في قوائم الإرهاب”، محذرين من محاولات إيرانية للانقلاب على العملية السياسية في العراق من خلال سيطرة الحشد الشعبي على الحكم.
وتشكلت ميليشيات الحشد الشعبي بأوامر مباشرة من قاسم سليماني عبر فتوى من رجل الدين علي السيستاني عام 2014 بحجة محاربة تنظيم داعش الذي سيطر في 10 حزيران/ يونيو من العام نفسه على مساحات واسعة من العراق تمثلت في محافظات موصل وصلاح الدين والأنبار وأجزاء من محافظتي ديالى وكركوك.
ووصلت أعداد هذه الميليشيات خلال السنوات الماضية الى أكثر من 70 فصيلا مسلحا وتبلغ أعداد مسلحيها أكثر من 100 ألف مسلح إضافة الى نحو 30 ألف مسلح متطوع. وتمتلك الفصائل المسلحة منها أسلحة ثقيلة وصواريخ ودبابات ومدرعات ومدافع ثقيلة، وقد زودت بالأسلحة المتطورة من قبل الحكومة العراقية من حصة الجيش العراقي التي استلمها من الأمريكيين، أما القسم الآخر من الأسلحة فمصدرها إيران.
وقال الخبير السياسي العراقي محمد الحياني، إن “ميليشيات الحشد الشعبي لا تمتثل لأوامر الحكومة العراقية وهي موالية لإيران وتتلقى أوامرها منها، لذلك انهاء دور الميليشيات الإيرانية في العراق يعتبر تحديا كبيرا تواجهه الحكومة العراقية، فالحكومة الحالية تمتلك شخصيات أمنية تمتلك فصائل مسلحة لا تمت بولائها للعراق”، مشددا على أنه لا يمكن بناء عراق قوي بوجود هذه الميليشيات وقادتها.
وشكلت ميليشيات الحشد الشعبي المأوى الآمن للعصابات ولكل من يحمل السلاح خارج اطار القوات الأمنية والجيش العراقي والمجرمين والقتلة وتجار المخدرات وسراق المال العام والمتهمين بالإرهاب، فقد منحت هذه الميليشيات لجميع المجرمين الحصانة ولا تستطيع أجهزة الدولة النظامية من التقرب منهم أو اعتراض طريقهم، وتواصل هذه الميليشيات منذ سنوات السيطرة على عمليات تهريب النفط والأموال الى ايران والاتجار بالبشر وتجارة المخدرات وتهريب الآثار والاستيلاء على الأراضي والعقارات وتهريب الأسلحة والمشاركة الى جانب فيلق القدس الإيراني في تنفيذ العمليات الإرهابية في العراق وسوريا واليمن ولبنان والدول الأخرى.