قمة هانوي الثانية بين الزعيمان الأمريكي والكوري الشمالي بعد ثمانية أشهر من قمة سنغارفوة لم تحقق للأمريكان أهدافها ، وانعقد الثالثة يبدو صعب خلال الفترة المقبلة وفق تصريحات السيد ترامب ؟
لماذا فشلت قمة ترامب وكيم ؟
الأسباب التي كانت وراء فشل هذه القمة عدة ، وفي مقدمتها وضع أمريكا اليوم من حيث القوة وفرض رؤيتها على الآخرين أصبح من الماضي ، وتبرم الاتفاقيات والمعاهدات وفق شروطها ومصالحها ، بسبب أننا نعيش في عالم متعددة الأقطاب والزعامات ،وليس في عالم القطب الواحد حيث سيدة العالم بدون إي منازع أو منافسة كانت تأمر وتنهي بدون معارضة أو منافسة .
السبب الثاني يتعلق بالنقطة الأولى عالم متعدد الأقطاب يشهد نزاعات وصراعات محتدمة وصلت الأمور إلى حد ينذر بخطر اندلاع حرب عالمية ثالثة نووية مدمرة ، وحجم التحشيد العسكري ، وتعزيز التواجد العسكرية في عدة مناطق التي تشهد نزاعات دليل على ذلك ، والسعي إلى تشكيل التحالفات في إطار مواجهة الآخرين يشهد منافسة مشتعلة وهنا بيت القصيد، فخيارات كوريا الشمالية في الدخول في حلف دولي يعطيها المساحة أو الفرص لاتفاق مع اي جانب اوجهة وفق مصالحها .
لعل السبب الثالث الذي جعل حكومة كوريا الشمالية غير مستعدة لإبرام اتفاقية مع الأمريكان عدم الوثوق بهم بعد الانسحاب الأمريكي من عدة اتفاقيات دولية مهمة ( المناخ ، الاتفاق النووي الإيرانية وغيرهن )، ورغم الدعوات والمطالب والإدانة من عدة جهات دولية بالعدول والعودة عن قراراتها ، لكنا ماضية في نفس السياسية ، فكيف تثق حكومة بيونغ يانغ بالسيد ترامب وسط خلافات ومشاكل داخلية قد تطيح به مع تصاعد حجم التهديدات والمخاطر الخارجية ؟ .
ما أعلن بعد القمة إن السبب الرئيسي للفشل هذه القمة الشروط الكوري الشمالي برفع العقوبات كليا عنها مقابل تخليها عن برامجها النووية بشكل تدريجي أو كليا ، والتوقف عن تجاربها النووية والصاروخية ، وهذا الأمر مثير للشك أو التصديق ، بسبب حكومة بيونغ يانغ مدركة تماما حجم الصراع بين الكبار ، ومستوى التهديدات الدولية والإقليمي بالنسبة لها ، فمن المستحيل الإقدام على هذه الخطوة التي ستكلفها كثيرا لو أقدمت عليها ، وبعيدا عن كل الحقائق والوقائع التي تأكد مسعى كل الدول العظمى إلى تعزيز ترسانتها النووية ، وقوتها العسكرية في مختلف النواحي والجوانب
قد تكون هذه الأسباب وغيرها سببا مباشرا وغير مباشر لفشل هذه القمة ، لكن الأهم إن أمريكا فقد القدرة على فرض سياسيتها على الآخرين ، وهي نقطة تحول ستراتيجية كبرى يحسب لها ألف حساب بالنسبة لخصوم البيت الأبيض .