.
“ربما أجد صعوبات في الحياة لفترة، لكن عليّ الصمود؛ إذ أن العيش في بلد أجنبيّ هو أمر على كلًّ منا أن يجربه و لو مرة واحدة فى حياته. و قد أدركت أن السفر ساعدني على إكتمال ذاتي، كما أنه مهد الطرق الصعبة التي كنت على وشك أن أخوضها في الحياة؛ كما أنه يجعلك تستمتع بالتنقل حول العالم.”–مقولة لدايفيد سيداريس
الإنتقال إلى الخارج و بداية حياة جديدة بمدينة غريبة، هي أكثر المغامرات إثارة للرعب والحماس في نفس الوقت. فالحياة التي إعتدتَ عليها ستتغير- و نحن لا نتكلم فقط عن العناوين أو المنتجات والماركات التي تستخدمها.
1.الوطن هو المكان الذي يعشقه القلب
عندما تنتقل إلى الخارج ستلتحق بنادٍ خاص؛ ستمتلك حينها عنوانين و لغتين و ستجد عُملتين في محفظتك. لن أبالغ في الأمر و أقول أنك ستمتلك شخصيتين؛ لكن بالتأكيد ستشعر دومًا أنك جزءًا من عالمين – وطنك القديم والحديث. لكن الإختلاف بين العالمين سيتلاشى أكثر فأكثر بمرور الوقت؛ لكن دومًا على الأرجح ستجد أنك تقوم بأمور مثل أن تبعث برسالة لوالديك أو أن تحتفظ بمجموعة من الصناديق بقبو صديقٍ لك.
2. صندوق الرعاية سيعني لك الكثير
بالرغم من أننا في الوقت الحاضر يمكننا أن نطلب أيّ شيئ عبر الإنترنت؛ إلا أن استلامك لصندوق الرعاية (صندوق هدايا مرسل لك من وطنك) هو أفضل هدية ممكن ان تتوقعها في عيد ميلادك .وبالطبع سيكون كل شيء في هذا الصندوق أفضل طعما مرات ومرات من الطعام الذي لم يسافر العالم ليصلك. و من هذا المنطلق، سيكون عليك أن تختار استراتيجية صندوق الرعاية،اما أن تلتهم كل شيء في وقت واحد من دون ترك أي أثر ، أو تصبح ساحرا لديك القدرة على تغيير تاريخ انتهاء صلاحية الأطعمة لجعلها تدوم أطول فترة ممكنة .
3.سيصبح الوداع أسهل ( نوعا ما )
على الرغم من صعوبة الشخص بتحويل العودة الجميلة إلى الوداع ،فإن الوداع يصبح أسهل قليلا مع مرور الوقت . ربما لأنك تعلم أنه يمكنك العودة إلى ديارك و الجلوس على الأريكة التي تفوح منها رائحة مألوفة تذكرك بديارك – بغض النظر عن المكان الذي سافرت منه وإليه . ربما كنت قد وجدت أيضا وسيلة لإيقاف جميع الأعضاء العاطفية بشكل مؤقت ، وأنتم تعلمون أنه بعد الوداع هناك دائما ترحيب واستقبال بمرحبا .
4. تكثيف الصداقة
الإنتقال بعيدًا و قطع آلاف الأميال الفاصلة بينك وبين من تهتم لأجلهم لن يكون سهلًا. فسرعان ما ستعرف أولائك الذين يفعلون الكثير للبقاء على إتصال معك ويقضون إجازاتهم معك وبنفس الوقت ستجد أناس يبتعدون و ستجد آخرون يصبحون أقرب إليك. فالسفر بمثابة تجربة وجدانية لمعرفة من عليك الاحتفاظ بصداقتهم في حياتك و من عليك أن تتخلى عنهم .
5.التحديات تبدو مختلفة
بالتأكيد إنه لشيئ رائع أن تعيش في منزل يطل على المحيط و لكن عليك حينها أن تدفع الإيجار الباهظ، و تقوم بإصلاح المراحيض المسدودة، وتجربة التعافي من نزلات البرد البغيضة لأكثر من مرة. الحياة في بلد آخر، التي ربما تكون لك بمثابة الجنة وربما لا، لاتعنى بالضرورة أنك ستبتعد عن المشاكل وأن كل الأمور ستكون جميلة كالتنزه في الحدائق (أو على الشاطئ)؛ فالحياة الوردية لابد لها من نهاية بغض النظر عن المكان الذي تعيش فيه. فبالرغم من أن أصدقاؤك ربما يحسدونك على العيش فى الخارج، لكنهم أغفلوا أن الأمور ليست دومًا مشرقة في الجانب الآخر.
6.الشعور الدائم بالذنب
أتذكر تلك المشاعر التي إجتاحت وجه والدتك عندما علمت أنك لن تستطيع الحضور لتناول الغداء يوم الجمعة ، لكنك وعدتها أنك ستأتي الأسبوع المقبل؟ حسنًا الآن تخيل المشاعر التي ستكسوا وجهها عندما تحاول إخبارها أنك لن تستطيع قضاء العيد معها لأنه ليس لديك الوقت الكافي (أو ربما بسبب تلك الرحلة البرية مع الأصدقاء التى من المستحيل رفضها)، و تذكر أنك لن تستطيع زيارة عائلتك حتى الصيف المقبل. سيكون هناك رحلات تشعرك بالذنب وعليك وقتها أن تهتم بجودة الرحلات بدلا من عددها.
7. الحياة ستستمر ( معك او بدونك )
الحب القاسي: أحداث مثيرة ستحدث بدونك – الأصدقاء سيتزوجون، والأطفال سيولدون، وأروع الحفلات ستقام؛ سيفوتك على الأغلب كل تلك الأمور وكل ما ستراه هو تلك اللحظات التي يصورونها ويشاركونها على وسائل التواصل الإجتماعي. سيصعب حقًا تقبل الأمر؛ لكن في نفس الوقت سيكون الوضع سيان بالنسبة لهم، الأمر الذي ربما يكون بمثابة جائزة ترضية لك، وربما لا، فهم سيفوتون كل تلك الأمور الرائعة في حياتك بالخارج.
8.سترى وطنك من منظور مختلف تماما
ربما كانت أسباب إنتقالك هي الطقس أو الشوارع المضجرة والمزدحمة؛ لكن عندما تخبر الناس الذين ستقابلهم في البلد الآخر عن موطنك، ستجدهم منبهرين و مهتمين بالصور والتفاصيل. و سيعطيك هذا المنظور الخارجي نظرة مختلفة عن تقييمك لتلك الشوارع وذاك الطقس السيئ الذى إعتدت التذمر منه. فالغربة تجعل القلب أكثر ولعًا، بل وربما أكثر إنتماءًا – خاصة عندما تشجع منتخب بلدك في رياضة ما.
9. ستبدأ تتصرف مثل السكان المحليين
شيئا فشيئا يمضي الزمن لتصبح مواطنًا محليًا؛ سيبدأ الأمر بتعلمك للغتهم، لكنه لن يتوقف فقط عند فهمك للمحادثات. بل في نهاية المطاف ستجد نفسك على دراية بأمور مثل الذهاب للسوق في الوقت المناسب للحصول على أفضل العروض، و ستجد المقهى حيث يعرفون العاملين فيه طلبك قبل أن تطلبه، كما أنك ستناقش الإنتخابات المحلية بحماس أثناء ركوبك الحافلة. على الرغم من أنك ستصبح محليا أكثر من شخص تربى في البلد الجديد، ستحاكي “أفعال المواطنون المحليون” و ستجد نفسك تفعلها تلقائيًا – إنه لأمر رائع حقًا أن تكون جزءًا من ثقافة جديدة.
10.الوطن؟ الوطن !
سيصبح من الصعب الإجابة على سؤال: أين هو وطنك؟ لأنه حينها سيحتاج لشرح مطول (كما ذكرنا في النقطة الأولى). أحيانًا يكون الوطن هو المكان الذى يعشقه القلب و أحيانًا أخرى يكون وطنك هو المكان الذي قضيت فيه طفولتك أو عشت فيه مرحلة هامة من حياتك. أما بالنسبة لي، فالوطن هو المكان الذي يوجد به حاسوبي المحمول ويوجد به إتصال تلقائي بالإنترنت.