كل شيء فيه ابيض الا عمامته، كانت سوداء، يتخطى الناس بروية، لا يسمع له صوت، حركته بسكون، وعيناه تحتضن الحاضرين، يرى قلبه من وراء العباءة‘ وهو ينبض بحب الوطن.. تمسك كل شيء به، حتى تعلق بأستار مولد الكعبة، وضل قلبه ينبض نبضة نبضة.
عندما تعشق وطن، فلا يلام به المرء. فتلك عبادة الشرفاء. وصلوات الشجعان وتراتيل الهائمين، لا يسكن وطن.. بل هو المسكن، نذر حياته مجاهدا، يأبى الخضوع، ترفرف بساعده راية الحق، مدافعا عن المظلومين، حكيم ابن المرجعية ، وانامل فكرها وخط مسيرتها وشعاع فكرها، محمد باقر الحكيم(قدس) ، لسانها الصادح بالحق، والقائل بالفصل، والناطق بالحجة، قائد ميداني، وعالم رباني، انتصر الدم.
نعم انتصر الدم، على مر التاريخ، ثبت النصر ولو بعد حين، فالكل قطرة بركان يثور، وناموس وثغور، تعي حجم المواجهة، وتستفيق على صولات الشجعان، في كل ساحة وميدان، اجتمع شرار الخلق، لقتل سليل النسل الطاهر، و الثغر المبتسم، والمنهج المعتدل، في الصباح قبل زوال الشمس عن كبد السماء، تنتظر الغربان السوداء، في باب سيد البلغاء، لا صوائح ونوائح، ريح عاصف.
مع كل كلمة درس، ومع كل جملة منهج، ومع كل فكرة بوصلة، يستشرف المستقبل بعين البصيرة، فلمح خطوط الصد ورأى سهام الغدر، قد لاحت بدره، فما برح وهو يؤكد‘ ويوضح ويرشد، امامكم ثلاث سواتر، المرجعية والشعائر الحسينية و وحدتكم، لم يترك مكان الا وملئه بهذه الكلمات، استشعر خطر القادم، والتضارب المصالح والتخاصم، فدعا الى المرجعية الصالحة، وهو يشير الى النجف الاشرف، ونادى بالجمع .. تمسكوا بمرجعيتكم فهي طريقكم الى اهل البيت عليهم السلام، وهي سبيل نجاتكم من المحن والمصاعب، وأقيموا الشعائر في درب الحسين (عليه السلام) فهي حلقة الوصل بين الاجيال، وتعالوا الى كلمة الوحدة ورص الصفوف ونبذ الفرقة والتفرقة.
ما كان إلا ما توقع في الحلقة الأضعف، بين الهوى والنفس الامارة بالسوء، والمصالح الشخصية، فارتدى البدر ثوب الفراق، واسس لنفسه الغرق، و بنى بنيانه على رمال المصالح، فما ازدادوا إلا بعدى؛ عن طريق الذي رسمه شهيد المحراب، في التمسك بمرجعية النجف، و وحدة الصف .. فما ان رحل حتى تهاوت سواتر الصد، وتصدعه الضمير، ومال مع الهوى.
شهدائنا قضية وطن، رياها عاصفة، وثمارها دانية، ونارها تأكل حطبها، والراقصون على الجراح، يعبثون بالمبادئ، وينحرون اخر مبدأ، بإعلانه في المزاد، فجالسوا معاوية، وشربوا كأس الإهانة، بطعم الدم، على اروقة المقابر، وأم تنعى شهيدها، بين كراسي الفاتحون، طبول الحرب، أوشكت على الاندثار، ليعلن الصلح بين اخوة يوسف والذئب، عفى الباري عما سلف.. ليتك سيدي حاضر، فعيون فاقد الاحبة، لا تفهم لغة العفو.. والراحل بغير وداع، يدمي حائط الحرم.. بدم ابيض كالحمام؛ رسائل الى الامام.
|
|