تحدث نازحون خارجون من الباغوز السورية، الخميس، عن مشاهداتهم في معركة الجيب الأخير لتنظيم داعش المحاصر من قبل قوات سوريا الديمقراطية منذ أسابيع.
وذكرت صحيفة “الشرق الأوسط” في تقرير لها اليوم، 7 آذار 2019، ان بعض الرجال لهم ملامح آسيوية وآخرون من روسيا ودول غربية وعربية، قطعوا آلاف الكيلومترات وقدموا إلى سوريا، وحلموا بالعيش في كنف تطرف مشابه لداعش، وانتهى بهم المطاف في الباغوز بانتظار تحديد مصيرهم بعد استسلامهم.
وأضاف التقرير أنه على بعد كيلومترات من آخر معاقل داعش، يتم جمع معظم الخارجين من عائلات التنظيم من جنسيات متعددة، نساء متشحات بالسواد من دول المغرب العربي ومن العراق ودول عربية، وأخريات من دول الاتحاد السوفياتي السابق ومن روسيا والشيشان وإندونيسيا، بالإضافة إلى عائلات قدموا من فرنسا وبلجيكيا ودول غربية.
ونقل عن إمرأة عراقية من الموصل تدعى “شيماء” قولها، “قتل زوجي أثناء المعارك في مسقط رأسي منتصف 2015. على إثر ذلك نزحنا إلى مدينة القائم الحدودية مع سوريا، وبعد اشتداد المعارك هناك، قررنا المجيء إلى سوريا، قصدنا قرية أبو حمام بريف دير الزور الشمالي، ثم هجين والسوسة وشعفة وآخر مكان كنا محاصرين بداخله الباغوز، كنا نتراجع مع انسحاب مقاتلي التنظيم”.
فيما قالت أخرى “أنا هيفاء متزوجة من مقاتل لا يزال مرابطا بالباغوز. لقد قرر القتال حتى النهاية. أما نحن فخرجنا بأمر من أبو بكر البغدادي القرشي. فالنساء والأطفال مستضعفات لذلك أصدر قرارا بالسماح بخروجهن. نمنا اليوم هنا ونأمل في ترحيلنا اليوم لمخيم الهول شمالا. عندما جاء الصحافيون والكاميرات، قدموا لنا كل شيء، من طعام ودواء وخبز. ولكن لا أحد يكترث لنا، عندما نأكل يجب أن نرفع البرقع والخمار، لكن مع وجود هذا الكم من الأشخاص الغرباء لا أحد يحترم خصوصيتنا. يأتون لالتقاط الصور وإجراء المقابلات وهذا غير مقبول”.
بينما أشارت أرملة من طاجيكستان، إلى ان “اسمها أسماء وتنحدر من طاجيكستان، عمرها 27 سنة ولديها 4 أطفال جميعهم من مواليد سوريا. زوجها كان من الطاجيك وكان يعمل في مصر يمتلك شركة صغيرة للتجارة، وانضم إلى تنظيم القاعدة بداية 2012، بعدما قرر والدها الانضمام إليه وانتقل إلى إدلب السورية وقتل بغارة جوية هناك أما والدتها فلا تزال تعيش هناك. لا تعلم عنها شيئا منذ شهرين”.
وأضافت قائلة “أنا هنا بسبب زوجي الذي قرر السفر لسوريا بداية 2013. بداية كان مقاتلا مع جبهة النصرة – هيئة تحرير الشام الآن – وبعد احتدام القتال بينها وبين تنظيم داعش، قرر الالتحاق بالأخيرة وقصدنا مدينة الرقة مع إعلان السيطرة على مناطق في شهر كانون الثاني 2014، وبعد إعلان معركة الرقة نهاية 2016، خرجنا إلى مدينة الميادين ثم البوكمال وبعد اشتداد القتال هناك قصدنا بلدة الباغوز. منذ أشهر ونحن لا ننعم بالاستقرار والأمان. أحمل حقيبة صغيرة معي أضع بداخلها بعض الملابس لأطفالي أما أنا فمنذ شهر أرتدي هذه الملابس السوداء”.
وأوضحت إمرأة أخرى انها من أعزاز بريف حلب، وعمرها 22 سنة، وهي زوجة زعيم بالتنظيم ينحدر من دولة عربية وأكبر منها بعشرين سنة، مبينة أن عائلتها وافقت على زواجها لكونه مسؤولا بارزا، وفي معركة الباغوز أصيب إصابة بليغة، وعندما أعلنت الهدنة الأخيرة قرر الخروج وهو محتجز لدى الأميركيين.
وتابعت “في معارك حلب فقدت كل وثائقي، بطاقتي الشخصية وجواز سفري، لا أحمل أي إثبات لشخصيتي، أما زوجي فحمل كل أوراقه وصحبها معه، وحاولنا الهروب مرارا، أول مرة طلب منا المهرب 5 آلاف دولار أخذ نصف المبلغ ولاذ بالفرار، بينما في المرة الثانية دفعنا ألفي دولار مقابل إيصالنا إلى الحدود العراقية، وعندما وصلنا إلى مخيم الباغوز بعد مشي استغرق 6 ساعات، قلنا إنها الحدود لوجود مخيم ثان هناك، لكن اكتشفنا سريعا أن المهرب خدعنا وهرب هو الآخر”.
أما سعدية التونسية فقد أفادت قائلة “عمري 26 سنة. كنت أدرس اللغة العربية في بلدي، وبعدما قررت أسرتي السفر إلى سوريا صيف 2015 جئت معهم، قتل والدي في معركة دير الزور، أما زوج خالتي فأصيب في معركة الباغوز وسلم نفسه أمس نجهل مصيره، وخالتي كان لديها ابنها البكر يقاتل في صفوف التنظيم، قرر البقاء للقتال ورفض بشدة الخروج معنا”
وعن الحياة في الباغوز قالت، “كنا معظم الوقت نأكل الحشائش ونشرب مياه الفرات. فقدت الأغذية والسلع الأساسية. لم يكن هناك أدوية أو أطباء، الحياة كانت صعبة للغاية. قبل ثلاثة أيام وأثناء القصف العنيف، تحولت السماء إلى كتلة من النار، شعرت أن الأرض احترقت بالكامل، كنت أقول إنه لن يسلم أحد ليلتها. في اليوم الثاني بقي لهيب النار وسحب الدخان تغطي المكان. روائح الجثث المتفسخة كانت في كل مكان. لم نصدق أننا نجونا من الموت”.