رحیل إیقونة الأدب الروائي العالمي العصامي الصادق حنا مینه
بالأمس وصلنا نبأ رحیل حنا مینه، عملاق الأدب وشيخ الروائيين وكاتب الكفاح والفرح الإنسانيين عن عمر ناهز 94 عاماً بعد أن ترك وراءه البحر في زرقته المائیة و تجربة إنسان ملئها مشقة الحیاة. إمتهن مینه في حیاته وذلك لضمان قوت العیش أعمالاً عدیدة، فأشتغل حمالاً وبحاراً و حلاقاً و مربیاً و مصلحاً للدراجات وموظفاً حکومیاً الی أن إنتهی به المطاف لیصبح روائياً عالمیاً.
لقد کان هذا الكاتب الأصیل واقعیاً في روایاته شدید الإلتصاق بقضایا مجتمعه، متأثراً بالروائي الأمریکي إرنست همنغواي، ملهماً بتموجات البحر و مسحوراً بزرقتهِ، لذا کان یوصف بحق بـ “أدیب الماء أو كاتب البحر”.
تمکن مینه كزملائه في الحرف أمثال المصري نجیب محفوظ و المغربي محمد شكري و بشکل ناجح من إماطة اللثام عمّا یدور في الهوامش وإن کان هو یصف جهوده الرامیة الی كشف الغطاء جهداً و فعلاً تعیساً.
حنا مینه إعتمد علی ساعده، کان ناصراً للفقراء والبؤساء والمعذبین في الأرض و مؤمناٌ في أعماقه بأن إنقاذ البشر من براثن الخوف والمرض والجوع والذل جدیر بأن یضحی لأجله، فقد عانی الراحل الشقاء، أتعبه الحیاة لکنه تمکن من محاربة الشقاء في قلب الشقاء و الإنتصار علیه لیصبح أخیراً سعیداً في حیاته.
أحبّ مینه التجدید ، لم ینتظر كي تقع المصادفة، فقد کان خال الذهن من أي شيء، “يعيش أيّامه بوتيرة واحدة، وإذا المصادفة تنبت زهرة في كفّه، فيتضوّع منها عبق يعطر أيّامه.”
أعماله الروائیة تجاوزت الأربعین، تحول العديد منها إلى أعمال درامية وسينمائية. من أبرز روایاته رواية المصابيح الزرق، الشراع والعاصفة، الياطر، الأبنوسة البيضاء، حكاية بحار، نهاية رجا شجاع، الثلج يأتي من النافذة، الشمس في يوم غائم، بقايا صور، القطاف، الربيع والخريف، حمامة زرقاء في السحب، الولاعة، فوق الجبل وتحت الثلج، مأساة ديميترو، المغامرة الأخيرة، والمرأة ذات الثوب الأسود.
أراد حنا مینه أن یعیش الناس في محبة ووئام وهو القائل في المرأة: “لو خيّروني بكتابة شاهد على قبري، لقلت لهم أكتبوا هذه العبارة، المرأة.. البحر.. وظمأ لم يرتو”.
الدکتور سامان سوراني