بخلاف جميع الزعماء العرب والأفارقة، حافظ الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة يمارس مهامه كرئيساً للجمهورية وهو عازب، دون أن تظهر بجواره امرأة أو أطفال في أي مناسبةٍ رسمية، على مدار العقدين الذين حكم بهما الدولة الجزائرية.
تحاط الحياة الخاصة للرئيس الجزائري بكتمـان شديد، لدرجة أن لا أحد من الجزائريين يعلم شيئاً رسمياً عن حياته، كما هو الحال بالنسبة لصحّته التي يتم إخفاء المعلومات حولها منذ حوالي ٤ سنوات.
زواج غريب من نوعه!
الكاتب والصحفي المتخصص بالشأن الجزائري في مجلة “جون أفريك jeuneafrique” فريد أليلات، كشف في تقريرٍ صحفي نشر في مارس/ آذار عام ٢٠١٥ مجموعة من التفاصيل الشيّقة عن حياة بوتفليقة.
يوضح أليلات أن الرئيس الجزائري خرج على طاعة والدته منصورية الغزلاوي التي توفّيت قبل ١٠ أعوام، بوضع حدٍ لحياته كرجلٍ عازب عام ١٩٨٩، وقد كان بوتفليقة يبلغ من العمر حينها ٥٢ عاماً عندم تعرّف على آمال في القاهرة وقام بخطبتها.
وفي عام ١٩٩٠، تزّوج الرئيس الجزائري من طالبة الطب الجميلة والذكية المثقفة آمال التريكي المولودة عام ١٩٦٨ (٢١ عاماً آنذاك)، وهي منحدرة من تلمسان وابنة الدبلوماسي الجزائري الذي كان يعمل في القاهرة يحيى التريكي.
تزوّج المرأة ولم يعش معها!
من الغريب في قصّة بوتفليقة مع الشابة الجميلة آمال، أنه رغم زواجه رسمياً منها، إلا أنه لم يسكنها معه في منزله، إذ يقول المناضل عبدالقادر الدهبي وهو من الوجوه السياسية البارزة في الجزائر وكان صديقاً لبوتفليقة ويزوره بشكلٍ دوري في منزله أنه لم يلحظ وجود نساء بالمنزل في جميع المرات التي زاره بها.
وعندما قام الدهبي بسؤال بوتفليقة عن سر غياب زوجته الدائم عن المنزل، كان الجواب بأنّها تقيم في منزل والديها، “سيأتي يوم وتتعرف عليها” يقول الدهبي الذي أكد أن هذه المرأة كانت ومازالت لـغـزاً محيّراً في الحياة العاطفية للرئيس الجزائري.
ورغم قلّة المعلومات حول العلاقة بين الرئيس بوتفليقة وآمال، إلا أن علاقتهما انتهت بالطلاق، وعادت آمال لعيش حياتها الطبيعية والاستقرار بين القاهرة وباريس، إلا أنها ما زالت تحظى باعتبار كبير لدى السفارة الجزائرية بباريس، فضلاً عن كونها مستشارة دبلوماسية رسمية.
ونظراً لكون بوتفليقة أصبح فيما بعد رئيساً للجزائر، فإن ذلك يفرض عليه بعد البروتوكولات التي تتطلب وجود زوجة لديه، ففي عام ٢٠٠٣، وعندما زار الرئيس الفرنسي جاك شيراك الجزائر كان لا بد من اختيار إحدى الوزيرات في حكومة بوتفليقة لمرافقة برناديت شيراك زوجة الرئيس الفرنسي.
ومنذ عام ٢٠١٤ لم تعد تلك البروتوكولات تمثّل أمراً هاماً لدى الرئيس الجزائري، إذ أن المانع الصحي بات يحول بينه وبين الظهور الإعلامي، فضلاً عن عدم قدرته على السفر بسبب وضعه الصحي الحرج، بحسب موقع الصباح.
حياة مليئة بالنساء!
عُيّن عبدالعزيز بوتفليقة وزيراً للخارجية وهو بعمر ٢٦ عاماً فقط، وقد كان شاباً وسيماً وذكياً وأنيقاً للغاية، إذ كان الرجل ذو العينين الزرقاوتين وقصة الشعر المميزة زبوناً دائماً لأكبر ماركات الملابس الشهيرة في باريس الفرنسية.
ومما يدور في كواليس السياسة الجزائرية، أن الشاب الأنيق قضى فترةً كبيرةً من أيام شبابه وهو يستمتع بالسهرات الخاصة بالفيلل الفخمة في ضواحي العاصمة الشاطئية.
وحسبما تقول مذكرات الرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان التي حملت اسم “السلطة والحياة” ونشرت عام “١٩٩١”، فإن “الزيارات التي كان يقوم بها عبدالعزيز بوتفلليقة إلى باريس لم تكن تخفى على الاستخبارات الفرنسية، إذ كان يختفي لأسابيع عديدة دون أن يترك أثراً يدل على مكانه، لقد كان يأتي إلى فرنسا متخفيّاً كي يتمكن من أخذ راحته”.
“لقد كان عبدالعزيز بوتفليقة محباً للنساء، وقد كنّ يحببنه بسخاء”، حسبما تقول إحدى المعارف القديمة للرئيس الذي ارتبط بأستاذة طب جامعية وتعلّق بها قبل أن يتم الفراق بينهما.
٣ نساء مؤّثرات في حياة الرئيس الجزائري!
بعد ما تحدّثنا به عن الحياة العاطفية للرئيس الجزائري، ليس من الغريب أن لا تكون بين هؤلاء السيدات أي زوجة له، وتعتبر السيدات الثلاثة اللاتي أثرن في حياته هنّ حسبما يذكر الكاتب الجزائري أليلات:
السيدة الأولى هي والدته منصورية الغزلاوي، والتي رحلت عام ٢٠٠٩ بعد مرضٍ ألزمها الفراش لمدة طويلة.
وقد كانت السيدة غزلاوي تتمتع بقوة الشخصية، وتحظى بحب واحترام شديدين من ابنها عبدالعزيز الذي كان يناديها “يايا” أو “الحادجة” أي الحاجة.
وقد لعبت دوراً رئيسياً وهاماً في حياته، لاسيما في قراراته الكبرى مثلما حدث عام ١٩٩٤ عندما رفض اقتراح قدمه له مجموعة من الجنرالات لتولي السلطة.
أما السيدة الثانية، فهي زهور بوتفليقة، وكانت تعمل في الأساس قابلة قانونية، ومنذ عودة الرئيس الجزائري إلى بلاده عام ١٩٩٩، باتت هي من تعتني به، ومع مرور الوقت أصبحت المساعدة الطبية الخاصة لطبيب بوتفليقة في إقامة زرالدا غرب الجزائر، حيث تقيم الأسرة.
وتقول وسائل إعلام حالياً أن زهور بوتفليقة تلعب دوراً رئيسياً في حكم البلاد إلى جانب إخوتها منذ مرض شقيقهم الرئيس.
أما المرأة الثالثة والأخيرة في حياة الرئيس الأكثر حكماً في تاريخ الجزائر، فهي فتحية بوضياف زوجة الرئيس الراحل محمد بوضياف الذي توفي عام ١٩٩٢.
وترتبط فتحية ببوتفليقة بعلاقة وطيدة، وكانت هي من الذين شجّعوا بوتفليقة على الترشح للرئاسة عام ١٩٩٩، عندما اتصل به وشجعته لتقديم ترشيحه.
وتعتبر فتحية من السيدات القويات في الجزائر، إذ كانت ثاني زوجة للرئيس الراحل محمد بوضياف، وقد كان لها تأثير كبير عليه قبل أن يرحل.
وقد منعت السلطات الجزائرية نشر المجلة الدولية جون أفريك وعددها الذي تناول قصّة عزوبية الرئس الجزائري وعدم وجود زوجة في حياته من النشر في البلاد.
أولاد بوتفليقة!
نظراً لعدم استمرار زواجه لمدة طويلة، أو اختياره لشريكة لحياته تفيد الأنباء أن الرئيس بوتفليقة لم يرزق بأي أولاد له، وذلك رغم ظهوره المتكرر مع أولاد أخوته.
من هو عبدالعزيز بوتفليقة؟
ولد الرئيس عبدالعزيز بن أحمد بوتفليقة في الثاني من مارس/ آذار عام ١٩٣٧ في مدينة وجدة المغربية، وهو من أصولٍ أمازيغية، ويعتبر الرئيس العاشر للجزائر منذ التكوين، والرئيس الثامن منذ استقلال البلاد.
عام ١٩٥٦ وعندما كان يبلغ ١٩ عاماً، التحق بوتفليقة بجيش التحرير الوطني الجزائري، وذلك بعد أن أنهى دراسته الثانوية بصفوف الجيش.
وفي الـ ٢٦ من عمره، تم تعيينه وزيراً للخارجية، وقد أصبح الرئيس صاحب المدة الأكثر حكماً للجزائر بين نظرائه، بعد أن تجاوز الرئيس هواري بومدين.
مرض الرئيس الجزائري لأول مرة في عام ٢٠٠٥، وقد نقل حينها إلى مستشفى في فرنسا، حيث تلقى العلاج لفترة تجاوزت الشهر، ولم يؤثر ذلك على أدائه لمهامه كرئيس للدولة.
ولكن في نيسان/أبريل من العام ٢٠١٣، تعرض بوتفليقة لــجلطة بالدماغ، نقل على إثرها لمستشفى فال دو قراس العسكري في فرنسا، ومنه إلى مصحة ليزانفاليد الباريسية.
وفي يوليو من العام ٢٠١٣، عاد الرئيس الجزائري إلى بلاده وهو يجلس على كرسي متحرّك، مما أثار موجةً واسعة من الجدل حول قدرته على تسيير مهام الحكم.
وقد طالبت الكثير من أحزاب المعارضة والشخصيات الجزائرية منذ ذلك الوقت بإعلان شغور منصب رئيس الجمهورية بسبب عدم قدرة الرئيس على آداء مهامه بعد غيابه لأكثر من شهرين برحلته العلاجيه.
ويمنع المرض الرئيس الجزائري من حضور العديد من المناسبات الهامة التي اعتاد حضورها، أبرزها الذكرى السنوية لعيد الاستقلال، ونهائي كأس الجزائري لكرة القدم، وصلاة عيد الفطر، وليلة القدر.
بوتفليقة.. الرئيس الأطول حكماً للجزائر
ومنذ استقلالها، حكم الجزائر سبعة رؤساء تفاوت فترات الحكم لكلٍ منهم، لكن بوتفليقة هو صاحب المدة الأطول، إذ وصلت لحوالي ٢٠ عاماً.
وكان احمد بن بلة أول رئيس للبلاد، من ١٥ أكتوبر ١٩٦٣ وحتى يونيو ١٩٦٥، قبل أن ينقلب عليه رئيس الأركان العقيد هواري بومدين ليبدأ عهده في حكم البلاد من يونيو ١٩٦٥ وحتى ديسمبر ١٩٧٨.
وبعد رحيل بومدين، تسلّم الشاذلي بن جديد مقاليد الحكم من قبراير ١٩٧٩ وحتى يناير ١٩٩٢، عندم دفعه الجيش لتقديم استقالته، ليأتي بعده الرئيس محمد بوضياف الذي لم يستمر حكمه سوى ستة أشهر.
وبعد رحيل بوضياف، حكم علي كافي لمدة سنتين، من ١٩٩٢ وحتى ١٩٩٤ عندما تم تزكية وزير الدفاع ليامين زروال كرئيس للدولة، قبل أن يتم تقليص عهدته بسبب خلافات مع الجيش الذي قرر تنظيم انتخابات مبكرة عام ١٩٩٩.
وفي ٩ أبريل/ نيسان انتخب بوتفليقة رئيساً للبلاد، وبقي يحكم حتى وقتنا الحالي الذي يشهد مظاهراتواسعة ضد ترشحه لعهدة خامسة.