عندما تواجه الانظمة الديکتاتورية التي تعتمد على الممارسات القمعية من أجل بقائها وستمرارها، تحديات وتهديدات کبيرة وإستثنائية، فإنها تسعى دائما لتصوير ذلك بأن هناك مخططات لإسقاطها ويتم الترکيز على نظرية المٶامرة، والملفت للنظر إن هذه الانظمة تتغاضى وتتجاهل عن أخطائها وعن مساوئها المختلفة وترکز عوضا عن ذلك على التهديد الخارجي الذي يحدق ب“الشعب والوطن“، في سبيل التخلص من تلك التهديدات أو تخفيف وطأتها.
المواجهة السياسية ـ الاقتصادية الجارية بين الولايات المتحدة الامريکية وبين الجمهورية الاسلامية الايرانية والتي ليست في صالح الاخيرة وتعاني وطأة جانبها الاقتصادي الامرين، تسعى وفي الوقت عن طرق قنوات سرية وبعيدا عن الاضواء لتفادي تطور الامور الى درجة اللاعودة وکعادة طهران دائما تسعى للتأکيد عن إستعدادها لکي تکون أکثر مرونة وتقدم تنازلات جديدة في حين إنها وفي العلن تتصرف على العکس من ذلك تماما، فهي تتحدى وتعلن عن إستعدادها لخوض المواجهة الى النهاية.
الرئيس الايراني وفي ضوء الاوضاع الايرانية المتأزمة من جراء المواجهة مع واشنطن، يعلم جيدا بأن خياراته في قيادة البلاد أقل من قليلة ويعلم بخطورة المرحلة ولذلك فإنه عندما يقترح على المرشد الاعلى إستقالته من منصبه وأن يتولى خامنئي بنفسه قيادة البلاد، فإن ذلك يعني بأن الاوضاع صارت خطيرة وإن روحاني صار يعلم بأن واشنطن جدية ومصرة في إعادة إيران الى حجمها لما قبل 1979، وإنه، أي روحاني عندما يقول: “تخوض إيران حربا اقتصادية ونفسية مع أميركا وحلفائها.. هدفهم هو تغيير النظام.. لكننا لن نسمح بذلك، إذ إن أمتنا وقيادتنا موحدة ضد أعدائنا“، فإنه يسعى لتحقيق أکثر من هدف على الرغم من إن روحاني يعلم جيدا بأن طهران لو قدمت التنازلات الجدية التي تطالب بها واشنطن، فإن ذلك يعني جعل النظام الايراني بلا مخالب وبلا أنياب، وهو يعني وبکل وضوح تقديم النظام على طبق من فضة للشعب الغاضب وللمعارضة الايرانية المتحاملة کثيرا على النظام.
النقطة المهمة التي يسعى روحاني لإستغلالها من أجل درأ الخطر عن النظام، هو تأکيده على إن أمريکا تريد تغيير النظام وإن الشعب لايسمح بذلك، لکن الشعب الايراني الذي قام بإنتفاضتين کبيرتين ضد النظام، ليس متمسك به کما يوحي روحاني بل وحتى لايجد نفسه معنيا بالدفاع عنه في حال تعرضه لهجوم وقد ردد الشعب الايراني شعارات تٶکد ذلك وتشير الى أن عدوه في طهران“في إشارة للنظام ذاته” وليس في أمريکا!