حقائق التسميات الإسرائيلية والعبرية واليهودية والصهيونية والفرق بينها
نسمع كثيرًا عن المُسمَّيات المُختلفة لليهود أثناء الحديث عن الصراع الإسلامي والعربي ضد الصهاينة، ومن هذه المسميات العبرية، والإسرائيلية، واليهودية، والصهيونية، ولكن ما الفرق بين كل منها؟! فكثيرٌ من الناس لا يفرقون بينها ويرونها واحدًا فقط دون معرفة المفاهيم الأساسية لكل اسم، فليس كل صهيوني يهوديًّا كما نعتقد! ولتتعرَّف على أصل كل اسم وحقيقته تابع معنا.
1. الإسرائيلي:
لهذه التسمية دلالتان: عامَّة وخاصَّة، فالعامَّة تعود إلى قصَّة التوراة، وهو اسم يعقوب – عليه السلام – الذي تغيَّر إلى إسرائيل، والذي يعني المجاهد مع الرب، أو الذي صارع الله فصرعه (وحاش الله بالطبع!)، ولكنها قصَّة تحتوي على كثير من الرموز الأسطورية والدلالات العُنصرية التي تهدف للفصل بين نسل إسماعيل وإسحاق – عليهما السلام – اللذين يشتركان في أبوة إبراهيم – عليه السلام – ولإبقاء ذرية يعقوب – عليه السلام – فقط تمت تسميتهم بالإسرائيليين وجعل النبوة والوحي محصورتين في نسل إسحاق – عليه السلام – فقط دون أبناء إسماعيل – عليه السلام – ونتيجة هذه الأسطورة العُنصرية ظهرت عدَّة مفاهيم توراتية تعمل على التأكيد على معاني الاختيار الإلهي لهذا الشعب ومفهوم الخلاص وقصر الوعود والمواثيق الإلهية عليه، لتُسمَّى أرض فلسطين أو كنعان منذ ذلك الوقت بأرض إسرائيل.
أما الدلالة الخاصة فهي متجهة نحو الانتماء السياسي الجغرافي لمملكة إسرائيل الشمالية، وهي مؤرخة في عام 932 ق.م، وهو العام الذي انتقل فيه سليمان – عليه السلام – الى جوار ربه، وانقسمت المملكة إلى مملكة إسرائيل شمالًا ومملكة يهوذا جنوبًا، ولذلك تم استخدام هذا الاسم للدولة الجديدة كدلالة سياسية جغرافية على أرض فلسطين، مع الإبقاء على الدلالة العامة للتسمية (إسرائيل) أي الانتساب إلى بني إسرائيل.
2. التسمية العبرية أو العبرانية
تعود هذه التسمية إلى إبراهيم – عليه السلام – ففي التوراة اسمه (أبرام العبراني)، وهي كلمة مأخوذة من الفعل الثلاثي “عبر”، وله نفس المعنى في اللغتين العربية والعبرية، وتعني المُرتحل أو المُتنقل.
وتُنسب هذه التسمية أيضًا إلى معانٍ أخرى، فبعضهم نسبها إلى “عابر”، وهو جد إبراهيم – عليه السلام – وآخرون نسبوها إلى قبائل “العبيرو”، أو “الخبيرو”، والتي كانت موجودة في بلاد الشام وشبه الجزيرة العربية في الألف الثاني قبل الميلاد، قد تدل كلمة “عبري” أيضًا على الغربة، ونجد اللفظ ذُكر في التوراة بمواضع كثيرة بمعنى الأجنبي أو الغريب.
تُطلق كلمة عبري أيضًا على الأدب الذي تم إنتاجه باللغة العبرية مع مرور العصور منذ القدم وحتى العصر الحديث، ولذلك فقد تدل أيضًا على اللغة التي تحدثت بها هذه الجماعات.
3. التسمية الصهيونية
تعود هذه التسمية لكلمة صهيون إلى عصر الملك داوود – عليه السلام – وقد جعلها سليمان عاصمةً له، ولكنه لم يستمر، فمع السبي البابلي انتهى ليظهر كمصطلح سياسي مع المؤتمر الصهيوني الأول.
ويتم إطلاق اسم الصهاينة على كل من يعمل لتحقيق أهداف الحركة الصهيونية، والتي هدفها إقامة وطن قومي لليهود وإحياء اللغة العبرية، ولذلك كل من يُقدِّم المُساعدة لتحقيق هذين الهدفين يكون صهيونيًّا، ولو لم يكن يهوديًّا، وقد نجحت الحركة الصهيونية في تحقيق أهدافها عام 1948م، عندما اعلنت دولة إسرائيل وطنًا قوميًّا لليهود، ويُعبر الأدب الصهيوني عن أفكار الصهاينة سواءً كان باللغة العبرية أو بأي لغةٍ أخرى.
4. التسمية اليهودية
وفقًا للترتيب التاريخي والاستخدام فإن تسمية اليهودي تأتي بعد التسميتين العبرية والإسرائيلية، ولها دلالتان أيضًا عامَّة وخاصَّة، الدلالة العامَّة يُمكن أن تُسمَّى كدلالة دينية خالصة، فهي تُطلق على كل من يؤمن بالشرائع اليهودية ويُمارس شعائرها وطقوسها، أما الدلالة الخاصَّة فتدل على الانتماء إلى الكيان الجغرافي السياسي “يهوذا” في الجنوب وعاصمته أورشليم، وهو الذي تأسَّس بعد انقسام مملكة داوود وسليمان عام 932 ق.م كما ذكرنا في الأعلى.
أصل الاسم يعود إلى يهوذا، وهو أحد أبناء يعقوب – عليه السلام – والذي نال البركة منه، وأهميته كبيرة في قصة يوسف – عليه السلام – وكانت التسمية الخاصَّة مستمرة حتى سقطت مملكة يهوذا في عام 582 ق.م على أيدي البابليين وكانت بزعامة نبوخذ نصر.
وتم التوسع في استخدام تسمية اليهوذي لسببين على كل الإسرائيليين في الجنوب والشمال، أولًا ليتم اكتساب معنى سياسي أوسع لهذه التسمية شاملًا كل الإسرائيليين في الشمال واليهوذيين في الجنوب، وبذلك تُعطى تبعية الشماليين للجنوبيين، أما ثانيًا فكان ذلك كمحاولة ليتم اكتساب معنى ديني للتسمية، فهي لم تكُن تدل على أي دلالة دينية كما هو واضح، مُشيرةً فقط على الدلالة الجغرافية السياسية، ويعتبر أن اليهوذيين نجحوا في تحقيق قدرٍ من ذلك على المستويين السياسي والديني، وخاصَّةً أن الإصلاحات الدينية التي قام بها ملوك يهوذا بعد انقسام المملكة أدت إلى تقوية المفهوم الديني للتسمية (يهودي).
هل تفتشون في جيوبكم عن فلسفةٍ أُخرى لتفريق اليهود ؟ هذا لا ينفع , فهم جميعاً أولاد يعقوب ’ وإن تفرقوا في الممالك واختلفت الأهواء والظروف . فهم نفس التبعية ونفس الدين والعنصر , لا يوجد أيّ فرق نهائيّاً