بحزاني نت /هانوفر/17.3.2019
سفو قوال سليمان
بعد ما يقرب 75 عاماً مضت.. مع عدة اجيال.. ادار الامير الراحل الامارة الايزيدية عبر منعطفات متتالية استمرت لسبعة عقود ونيف . فسنة 1944 كان البداية لعهده.. حيث الجهل والأمية والفقر والممارسات العشائرية السائدة في المجتمع الايزيدي في تلك الحقبة . والآن تغيرت المعادلة واصبح الشعب الايزيدي شعباً متعلماً ومثقفاً واعياً بشكل يلفت النظر.. فنسبة المتعلمين من اصحاب الشهادات والدراسات الجامعية تفوق فيه مقارنة بجيران لنا من الكورد والعرب وحتى مقارنة بمجتمعات المدن الكبيرة كالموصل ودهوك على سبيل المثال..
مع هذا لا بد وان نقر بأن رحيل سمو الامير ترك فراغاً كبيراً و وضع الايزيديين امام مفترق طرق ومستقبل مشوش يفتقر الى الوضوح والرؤيا . فالمؤسسة الدينية كان وضعها قبل سبعون عاماً عند تسلمه منصب الامارة مقبولة وفق معايير ذاك العصر.
حيث كان عدد رجال الدين كبيرا وكانت علومهم الدينية مميزة.. وكانوا يمثلون حالة وعي اجتماعي وديني متقدمة قياساً لمجتمعهم وزمانهم حينها . فقد اكتسبوا معرفة وخبرة وقيماً لا يستهان بها من المدارس الدينية التي كانت موجودة في ذلك العصر ومن خلال التجوال المنظم لجوق السنجق والحوار المجتمعي والديني . وبذلك كانت لهم مكانة متميزة واحترام وتقدير لدى عموم ابناء المجتمع ..
في حين يفتقر اكثرية من رجال الدين الآن الى التعليم والمدارس الدينية ، وأغلبهم لا يملكون شهادات اعدادية، لذا يصنفون في درجات ضعيفة ضمن التراتب الثقافي في المجتمع .
كما لا توجد قوانين لتنظيم عملهم وتطوير قدراتهم الدينية والثقافية ، واصبحت الامور تسير بعفوية من جراء ما يحيط بالمؤسسة الدينية من فوضى وضعف وفقدانها للضوابط والأسس و الالتزام وعدم اعتمادها لقوانين تنظم عملها.مما اضعف دورها وجعلها متخلفة عن ركب التطور .
نحن الآن كمجتمع إيزيدي نواجه تحديات كبيرة و على ابواب تحولات جارفة في خضم اوضاع معقدة تدفعنا لخوض امتحان ليس سهلا وتجربة جديدة في اختيار و تنصيب امير جديد يلاقي القبول ويتناسب مع حجم المهام التي تواجهه وهو يتصدى للموقع كأمير مطلوب منه ان يكون في مقدمة ابناء شعبه وجديرا بالتحديات التي تواجههم .. اميرا قادرا على استيعاب حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه في بناء مؤسسة دينية عصرية . اميراً بذهن مفتوح وقدرة على استيعاب الآراء والافكار التي تطرح من قبل الشرائح والفئات المكونة للمجتمع الايزيدي .
الآن المجتمع الايزيدي على ابواب تحولات كبيرة وفي خضم امتحان كبير في عملية تنصيب امير جديد . وقد تضع المتغيرات الجديدة مستقبل الامارة والمجلس الروحاني او بالادق مستقبل المؤسسة الدينية الايزيدية وكيانها برمته على المحك .
وللأسف الشديد نقول : شهدت الفترات الاخيرة وخاصة بعد الابادة استهزاء و استصغاراً بالمؤسسة الدينية واميرها. مما خلق شرخاً كبيراً في المجتمع.. خاصة بين المجلس الروحاني والمجتمع، حيث لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً لا يستهان به في اثارة تلك الانقسامات وتغذيتها وتعقيدها وتأزيمها كما يلاحظ الجميع..
سيرث الامير القادم ملفات شائكة ومعقدة .. تعكس الواقع المرير الذي يعيشه الاعزاء الشنكاليون في المخيمات.. اضافة الى الانقسامات الاجتماعية والسياسية ..التي تطغي على المجتمع الايزيدي .
وكذلك الموقف السلبي لقطاعات اجتماعية من المؤسسة الدينية .. وهذا مما يضعه في موقف لا يحسد عليه، بل يحتاج الى جهود استثنائية وعقل راجح لمعالجة تلك الارهاصات والتراكمات التي تهيمن على واقعنا الاجتماعي..
منذ فترة يجتمع رجال من كافة افخاذ العائلة الأميرية لأجل اختيار شخص محدد ليكون اميرا ، و ليضعوا الايزيديين امام الامر الواقع بقبول المرشح المنتظر للعائلة الاميرية . اي ان العائلة تحدد الامير وليس للإيزيديين الا قبول الامر الواقع … هذه الاجتماعات المغلقة اثارة حفيظة الاخرين .. خاصة مع وجود اجتماعات اخرى للاخوة الشنكاليين موازية بالمقابل تتحدث عن اسس وشروط جديدة كورقة عمل للامير المنتخب .
..
ان نذكر بكبر انجاز الامير الراحل تحسين بك.. الذي اخضع تعيين كبار رجال الدين لأسس ديموقراطية تشاورية.. حيث اعتمد في تعيين الـ (بابا شيخ) على تصويت الايزيديين من كافة القرى الايزيدية، وحينها اجتمع الكل وتقدم المرشحون وتم التصويت بشكل ديموقراطي وحر . . بهذه الطريقة اختير (شيخ ختو) كبابا شيخ كما يعلم الجميع ويتذكر..
أما النقطة الثانية المهمة فكما يعلم الجميع ان الامير الراحل رفض منذ عدة سنوات تيعين ولياً للعهد رغم الضغوط التي تعرض لها واصرّ ان يعطي هذا الحق للإيزيديين في اختيار اميرهم القادم. وهذا الكلام مسجل في شريط فيديو يؤكد حق الايزيديين في المشاركة في اختيار اميرهم القادم.. و رفض اعطاء هذا الحق او حصره في بيت الامارة ، باعتبار ان الامير ليس رئيساً لتلك العائلة فقط ، بل رئيساً واميراً لكل الايزيديين دون استثناء..
وما يأمله الشارع الايزيدي الآن.. ان يشترك المجتمع برمته وفي كافة البلدان في تحديد شخصية الامير الجديد .. ووضع الاسس والقوانين التي يعمل بموجبها هو وكل المؤسسة الدينية لاحقا..
كل الدلائل تشير.. الا ان الامير الذي يعين خارج هذه السياقات.. لن يكون اميراً فاعلا ومقبولا وقادرا على انجاز المهام الموكلة له في هذه الاوضاع الدقيقة ..
ان مهمة تعيين الامير هي مهمة المجلس الروحاني الاعلى، باعتباره اكبر هيئة دينية ايزيدية ، والمجلس مطالب الآن بوضع آلية حضارية وديمقراطية لعملية اختيار الأمير جديد من قبل الايزيديين دون تدخلات خارجية .
بالتشاور مع نخبة من الشخصيات الايزيدية والاجتماعية والأكاديمية من مختلف الشرائح والاعمار.. مع الاخذ بنظر الاعتبار الثقل السكاني لمنطقة شنكال في تحديد آلية اختيار الامير المقبل .. بأمل كبير ..
الكرة هي في ملعب بيت الإمارة , لقد طرحنا في البيان الأول , أن يُرشحو عدداً من الكفوئين منهم وليس من غيرهم , ولا يزال التكتّم هو رد الفعل حتى اليوم وإن طال إلى الأبد فذلك هو اليوم المشؤوم , عليهم أن يفعلو شيئاً , أنا لا أظن أن فرض أحد منهم نفسه على الملّة سيكون عملاً ناجحاً , الأفضل للجميع هو الإسراع بترشيح عددٍ منهم وأنا أقترح خمسة كل حفيد لميان خاتون بمرشح , أو أي حل آخر ولا يجوز السكوت إلأى الأبد نحن في الإنتظار على أحر من الجمر أرجو التوفيق والنجاح للأمير القادم
رائد خلات
عجبني طرحك الأخير أستاذي، أنطلاقاً من فهمي بان المشاكل الاجتماعية لا تحل إلا بمزيدٍ من الديمقراطية. صحيح و لكننا تعلمنا من التجارب بان كل مجتمع يجب ان يكون له ديمقراطية خاصة به. وكل الدماء التي سيلت في المنطقة في العقدين الاخيرين دليل على قولي هذا.
ان جص نبض المتفاعلين مع منشورك القيم ربما لاتتفائل بالإجماع في شخص واحد و قبوله من قبل أغلبية الأطراف، حتى لو كان هناك فقط مرشحين، فكيف سيجمع الايزديين في تحديد امير جديد على الارض الواقع و مع اكثر من مرشحين؟ ارجوا ان لا آكون متشائماً.
ولكن المشكلة هنا لاتكمن في كيفية الاختيار، بل بقبول ننائج الاختيار، حيث يمكن عدم قبول النتايج سيرجع الايزديين الى فكرة أحقية علي بالخلافة على أبو بكر، الله يبعدنا حتى من أمثلتهم، ولكن التذكير واجب.
و من جهة اخرى هذا سيجعل تدخل أطراف اخرى و بشكل غير مباشر بالموضوع و خاصة الأحزاب السياسية طالما كلنا نعرف ان المجتمع الايزيدي مخترق حتى النخاع من قبل اكثر من جهة.
ان قبول نتائج الانتخابات او الاختيارات سمي ماشئت، يا استاذي هذه مسألة اخلاق ووعي قبل ماتكون مسالة ثقافة وتعليم، و ارجوا ان لا نتحمل الايزديين بما لا طاقة لهم فيها.
حسب معلوماتي القليلة، بعد الشيخ أدي لم ينل احد من الايزديين الشرعية و طال بها إلا هذه العائلة الأميرية بأوسع جذورها. فلو أعطى مستقبل تحديد الأمير بيد الايزديين لفقد هذه العائلة ايضاً شرعيتها تدريجياً.
لكن السؤال الذي يلح و يطرح نفسه هو لماذا لا نساهم في تحديد صلاحيات الأمير بدل المساهمة في تحديد هوية امير و بمطلق الصلاحية؟
نحن احوج ما نكون في تنظيم و تحديد حكم و صلاحيات الأمير بدل تحديد شخص الأمير نفسه، كيف يحق لنا تحديد امير و لا يحق لنا تحديد صلاحيات هذا الأمير ؟
خير الأمور هنا للأسف لاتكمن فقط في شخصنة الأمير الملهم والواعي والفاهم ،،،،الخ بل في حوكمته بأطر و قوانين عرفية كانت او مكتوبة.
و التاريخ ايضاً يخلو من اختيار الشعوب للملوك والامراء، ولكن التاريخ يعيد و يكرر بتحديد الشعوب صلاحيات ملوكها و اومرائها.
حسب رأيي المتواضع يجب فصل صلاحيات الدينية و الدنيوية، الاولى حصرها و تطليقها بيد المجلس الروحاني، و الثاني حصرها و تحديدها بيد الأمير الجديد.
ويعطي الحق الكامل لبيت الإمارة بتحديد الأمير الجديد أقتباساً من كلام الأمير الراحل تحسين بك ”الأمير الجديد يكون من عائلتنا و يتفق عليه الايزديين او الايزديين يجب ان يكونوا راضيين منه” ولم يقل ان يختاره الايزديين.
يمكن التاريخ القريب يذكرنا بان اجتماع وجهاء الايزديين في تنصيب الأمير الراحل كانت بمثابة البيعة و ليس تحديد الأمير نفسه.
اما المجلس الروحاني فهناك أعضاء فيه يختارون بالوراثة و الاخرى بالاختيار و غيره بالإجماع، ليبقى هذا كما هو و ويضاف اليه حسب آليات محددة أعضاء من ايزديي سنجار و سوريا و تركيا و جورجيا و أرمينيا و روسيا ولكن الشخص المرشح لعضوية المجلس الروحاني باي طريقة كانت يجب ان يتسلل بمراتب دينيه و فقهية كثيرة.
اذا كان موضوع تعين الأمير قد أستدرج فعلاً الى المجلس الروحاني حسب ما ذكرت جانبك، فحبذا لو تحل داخل المجلس حصراً.
والله ولي التوفيق.
(( اذا كان موضوع تعين الأمير قد أستدرج فعلاً الى المجلس الروحاني حسب ما ذكرت جانبك، فحبذا لو تحل داخل المجلس حصراً.
والله ولي التوفيق.))
هذه العبارة الأخيرة نسفت كل المقال , فالمجلس الروحاني لم يخرج عن طوع أمر الأمير سابقاً ولن يخرج عن طوع وكيله لاحقاً
يقولون لو عمت المصيبة هانت ! إلا مصيبتنا هذه فلو عمت ما هانت !!
انشاالله ماراح تصير مصيبة.
..