مرت يوم امس السبت 16 آذار الذكرى السنوية الحادية والثلاثون لمجزرة مدينة حلبجة الواقعة في كردستان العراق والتي راح ضحيتها اكثر من سبعة آلاف إنسان خلال بضع دقائق بعد ان اقدم نظام صدام حسين على ضربهم بالأسلحة الكيمياوية في واحدة من ابشع المآسي الانسانية في التاريخ الحديث التي تضاف الى سلسلة من الجرائم المروعة التي ارتكبها نظام البعث بحق العراقيين.
وقد تزامن حلول هذا الذكرى مع اقدام متطرف استرالي على قتل ما لايقل عن 50 مصليا في مسجدين في نيوزلندا. وقد اثارت هذه العملية الإرهابية التي وقعت في بلد لم يشهد أعمالاً ارهابية من قبل ، اثارت موجة من الغضب في العالم الاسلامي على الصعيدين الرسمي والشعبي ، وقد تصاعدت الأصوات المطالبة بمحاكمة الجاني وكذلك الأصوات التي حملت اخرين المسؤولية بالرغم من ان العملية ارتكبها فرد عنصري وليست دولة ما.
وارتفعت كذلك الأصوات التي تشير الى مدى همجية العالم الغربي الذي خرج امثال هذا المجرم حتى يخيل للسامع ان العالم الاسلامي تسوده قيم مدينة أفلاطون الفاضله التي تؤهله لتقييم الآخرين وكيل الاتهامات لهم . لكن اللافت ان هذا العالم دس رأسه بالرمال يوم اختنقت مدينة حلبجة بالغازات السامة البعثيه ، ولم يجرؤ احد ان يدين هذا الفعل الإجرامي بكلمة ! وظل على موقفه هذا وحتى اليوم ومع حلول ذكرى هذه الفاجعة الانسانية !
بل ان هذا العالم لايزال والى اليوم يعظم مرتكب تلك الجريمة ويعتبره بطلا قوميا يترحم عليه ويحيي ذكرى موته ! بل يحاول ان يمحو هذه المأساة من ذاكرة الأجيال لانها وصمة عار في جبينه كباقي الوصمات عبر التاريخ. واما أولئك الذين مانفكوا يذكرون بجرائم نظام صدام حسين تحت ذريعة عدم نسيانها ومنعا لتكرارها فقد خرست ألسنتهم على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى الفضائيات والصحافة مع حلول هذه الذكرى، وهو مايكشف عن ان اهدافهم من التذكير بجرائم النظام السابق يهدف لتبييض صفحة الطغمة السياسية الفاشلة والفاسدة الحاكمة في بغداد ، ولإقناع مواطني المحافظات الجنوبية بان هذه الطغمة أفضل من نظام صدام وان رحيلها يعني عودة حزب البعث للحكم.
ان حادثة نيوزلندا كشفت مرة اخرى زيف ونفاق الكثيرين من مدعي الدفاع عن قيم السماء فيما هم بعيدون عن قيم الارض الانسانية ، فان مثل هذه الامه التي انجبت الحجاج وصدام واحتفظت لهما بمكانة في قلبها وهللت لداعش ولجرائمه، ان مثل هذه الامه غير مؤهلة لاصدار احكام شاملة على الآخرين ، فعليها قبل ذلك ان تثبت إنسانيتها اولا وتتبرأ من افعال هي ابشع الف مرة من واقعة نيوزلندا وخاصة مايرتكب في العصر الحديث ومنها قتل آلاف الأطفال والنساء والمدنيين في اليمن، وبغير ذلك فستظل مورد سخرية وتهكم الأمم!