الدكتورة سعاد خيري، احتفلت يوم 19 آذار 2019 بعيد ميلادها التسعين، وهي تغني معنا وتنشد الأغاني الوطنية والتراثية، وبنفس روحية التفاؤل والتحدي والصمود الذي قضت فيه معظم مراحل حياتها، ووسط عبق الزهور الجميلة التي ملأت بيتها، من قبل أصدقائها وصديقاتها ورفاقها ورفيقاتها، تحدث بعزيمة الشيوعي الذي لا يلين، فقد دعت السيدة سعاد خيري (أم يحيى) رفاقها وأصدقاءها لمشاركتها الاحتفال بعيد ميلادها التسعين، فلبوا النداء وكانت لحظات من الفرح الغامر، وهي تستذكر معنا رحلتها النضالية الصعبة، حيث تحملت خلالها السجون والمعتقلات والمطاردات منذ شبابها وانتمائها الى صفوف الحزب الشيوعي العراقي، خلال النظام الملكي وما تبعه من أنظمة دكتاتورية فاشية، حيث تعرضت للضغط ومحاولات اجبارها على الهجرة الى إسرائيل وترك وطنها العراق، وفي لقاء صحفي معها أجراف الزميل محمد المنصور تذكر، ((قد خيروا سعاد خيري وهي في السجن، إما أن يسقطوا عنها الجنسية العراقية ويرحلوها إلى إسرائيل، أو أن تتخلى عن الديانة اليهودية وتعتنق الديانة الإسلامية، فاختارت الإسلام واحتفظت بجنسيتها العراقية، وعندما زارها في السجن وفد من حزب العمال البريطاني عام (1948)، وكانت تقضي حكماً بالسجن المؤبد، وعرض عليها الوفد إطلاق سراحها فوراً، مقابل منحها الجنسية الإسرائيلية والسفر إلى إسرائيل، رفضت سعاد خيري بشدة وقالت لهم، “الذنب ليس ذنبكم أنتم وإنما ذنب الحكومة العراقية، التي سمحت لكم بالمجيء إلى العراق وبزيارتي في السجن، ولو بقيت مائة عام في السجن لن اترك بلدي ولو ليوم واحد)).
وتعرضت للسجون، لحين قيام ثورة الشعب في 14 تموز 1958، لتتحرر ولتساهم في مختلف الأنشطة في الميدان الحزبي وكذلك في نشاطها ضمن صفوف رابطة المرأة العراقية، وارتبطت مع رفيق دربها القائد الشيوعي المعروف زكي خيري، حيث تزوجا وكونا عائلة شيوعية مناضلة، منهما وأبنائهما يحيى زكي ووداد زكي. وبعد الانقلاب الفاشي الدموي سنة 1963 أصابها ما أصاب رفاق دربها من الاعتقالات والمضايقات والتشرد، وحتى بعد سنة 1968، لم تكن حياتها تسير بسهولة، وبعد انهيار الجبهة كانت عضوة في سكرتارية مكتب صحافة الحزب وبقيت حتى اللحظات الأخيرة من عمل طريق الشعب العلنية تمد العاملين في الجريدة بالحماس والصمود في وجه الهجمة البعثية الفاشية.
غادرت الى محطات كثيرة منها براغ، حيث مكث مع عائلتها فترة من الزمن، وحضرت مع الرفيق زكي خيري أعمال المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي العراقي الذي عقد في كردستان بحماية فصائل الأنصار (البيشمركة) الشيوعيين، ومن ثم بعد محطات عديدة منها سوريا ثم استقرت مع العائلة في السويد، وفقدت كما فقدنا نحن رفيق دربها زوجها الرفيق الخالد زكي خيري.
وبقيت هذه السيدة قوية صامدة تواجه الحياة بكبرياء وتكتب وتؤلف وتعد وتساهم بكل النشاطات رغم كبر سنها، نجدها في مقدمة الواقفين في الحملات التضامنية لا يمنعها ثلج أو برد.
اليوم ورغم السواد الذي يلف العراق والعالم لكنها كانت أكثر حماس وثقة بالمستقبل، واملها كبير بالجيل الجديد.
قدمنا لها الزهور وبطاقات التهنئة، والقيت الكلمات من قبل منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد ومن قبل رابطة المرأة العراقية فرع السويد، كما عبرت قيادة الحزب في اتصال هاتفي عن تهانيها للرفيقة، مشيدة بنضالها الوطني وتاريخها المشرف.
غنينا معها ورقصنا معها، ومدتنا بالقوة والعزم والتفاؤل، طوبى لكِ أيتها الرفيقة النبيلة، ومجداً لأعوامكِ التسعين.