1975
المجتمع الشنكالي بعد تأسيس الدولة العراقية تخلص من حملات الابادة التي كانت تجري عليه كل فترة و اخرى ، لكنه تعرض لنكبات عديدة بسبب انضمام اعداد منهم للاحزاب الكوردية و الحزب الشيوعي العراقي لفترات عدة ، لكن اثار الفرمانات كانت بادية عليه و متجذرة في وجدانه و تصرفاته لذا كان حذرا في التعامل مع الدولة و مع الغرباء و لا يثق بهم .
كان انضمام اعداد منهم للاحزاب التي تم حظرها فيما بعد نتيجته الملاحقات و المواجهات و الاعدامات و الاعتقالات لعدد غير قليل منهم و تدمير قرى كاملة . فاصبح ينظر اليه وقتها انه مجتمع ولائه ليس للسلطة . فكانت النتيجة أن اجبرت الحكومة القرويون الفقراء على هدم قراهم قرب الجبل و ترحيلهم قسرا الى مجمعات سكنية ابعد عن الجبل لكي يضمن تمردهم مستقبلا و احتمائهم بالجبل .
بنيت المننازل وفق تخطيط هندسي بسيط فرض عليهم . مكون من غرفتين احداهما كبيرة و اخرى صغيرة للنوم بجانب بعضهما . على أن يكون لكل منزل بابان متقابلان احدهما مطل على الخارج حيث الشارع و الاخر يطل على ما يسمى الحوش الذي هو الاخر الزم أن يكون الباب يقابل البابان الاخريان على ان يكون ابواب المنازل المتقابلة بنفس القياس و التقابل، بحيث يستطيع الناظر في اخر القاطع السكني او الحي ان يرى ما يجري في جميع المنازل المفتوحة ابوابها الثلاثة خلف بعضها البعض . ربما لتسهل المراقبة و المتابعة من قبل اجهزة الامن وقتها .
المجمعات بنيت كأنها سجون، يمكن مراقبتها و متابعتها بدقة كبيرة . أضافة الى مركز شرطة اختير لها اعلى نقطة على اطراف كل مجمع ، يمكن منه باستخدام منظار مقرب بسيط معرفة ما يجري في كل منزل . ناهيك عن العذاب و التعب و الجور الذي عاناه السكان و هم ينقلون لبنات الطين و الاخشاب و الحصران و القش من قراهم القديمة على ظهور الدواب الى مجمعاتهم السكنية الجديدة . اما العائلة التي لا تملك رجلا يبني لها و ينقل لها كعوائل الايتام و الارامل فكانت مهمتها شاقة جدا .
في تلك الاوقات كانت الكثير من العوائل في شنكال ملاحقة و مراقبة من قبل اجهزة الامن، او لديها افراد في السجون او خرجوا منها بسبب انتمائهم للاحزاب الكوردية او الحزب الشيوعي العراقي .
اختار اغلب هذه العوائل بعد فترة قصيرة من الترحيل القسري ، الرحيل الى منطقة ربيعة حيث شيوخ الشمر و نفوذهم في الدولة و سلطتهم .
فمن ناحية يعملون كرعاة لاغنامهم او فلاحون يفلحون في اراضيهم ، ومن ناحية اخرى يهربون من المراقبة و الملاحقة حيث الملاذ الذي يوفره لهم الشيخ مقابل عملهم المخلص و الامانة التي عرفوا بها .
ففي حين كان الغالبية من الشنكاليين يعودون الى مجمعاتهم بعد انتهاء موسم الحصاد في الخريف ، تبقى هذه العوائل في الشتاء ايضا .
1979
بداية الرخاء و الاحتكاك الحقيقي مع مجتمع العراقي، اذ وجد السكان فرص العمل في المدن الكبيرة و العاصمة كعامل في مطعم او في البناء او خباز او كازينو فرصة اضافية تزيد من دخله . فكانت السنوات الاولى في التاريخ الايزيدي للعمل خارج اراضيه و الاحتكاك و الاختلاط المباشر مع المجتمعات العراقية و التعرف عليها عن قرب دون خوف و العيش في المدن الكبيرة و التعرف على حياة التمدن العصرية و بهذا سبق جيرانه الذين فضلوا البقاء و العمل في الرعي و الزراعة .
كان شنكال اعتمادها الدائم على الزراعة الديمية و الرعي في محيط جبل شنكال حيث الموارد شحيحة و المعيشة قاسية و الفقر في اعلى درجاتها بسبب الانتاج المتذبذب .
1980
بداية الحرب العراقية الايرانية .
التحق جميع من يصلح للجيش بالوحدات العسكرية مجبرين، حالهم حال العراقيين جميعا .بذلك فقدت الكثير من العوائل معيلها و دخلها اما من لم يصلح من كبار السن اجبر على الخدمة في الجيش الشعبي .
حينها تحولت المجمعات السكنية الى مجمعات يسكنها الاطفال و العجائز و النساء و بعض الطلبة القلائل و من يعود مجازا لايام معدودة ثم يلتحق بوحدته العسكرية . العوائل كانت اغلبها تعتمد في دخلهم على رواتب افرادها من الجنود او على الرعي من يمتلك حيوانات يرعاها صبيانهم، او الزراعة الديمية التي انيط مهمتها على كاهل كبار السن .
استمرت هذه الحالة لسنوات الحرب الثمانية رافقها حزن كبير على استشهاد اعداد كبيرة من ابناء المجمعات في الجبهات و فقدان شبابها اضافة الى المعانات من مفارز البحث عن الهاربين من الخدمة العسكرية ، التي كانت ترعب السكان . حيث كانت تجري في الشوارع و المنازل و تعدم من يلقى القبض عليه ليخيم على المجمع حزن اسود لأيام و رعب و خوف للنساء و الاطفال .
ايضا كان المعارضون القادمون من سوريا في الليل ، يشتبكون مع مراكز الشرطة حيث اصوات الرصاص التي تضيف على رعبهم رعبا.
في هذه الفترة كانت جميع الدوائر في شنكال تدار من قبل عرب او تركمان ، اما الوجود الايزيدي فيها كموظف كان يقتصر على عامل خدمة او كاتب بسيط حتى مراكز الشرطة لم يكن فيها اي ايزيدي .
اما المقار الحزبية لحزب البعث ، كانت فيها افراد من الايزيدية و لان المناصب عن طريق الانتخابات ، حاول البعث قطع الطريق امام البعثي الايزيدي على ان يتبوأ مناصب عليا في الحزب ، فقسم شنكال الى منطقتين حزبيتين ، منطقة جنوب الجبل تابع للبعاج و الجزيرة، و شمال الجبل تابع لناحية ربيعة . بهذا ضمنوا تشتتهم بين المنطقتين و عدم وصولهم الى مراكز عليا في السلطة و وجود عرب و تركمان بينهم يراقبون عملهم و يقيمونه .
حتى هذه الفترة كان المجتمع الايزيدي في شنكال محافظا جدا يفتخر بجميع عاداته و تقاليده و يعتز بهويته و انتمائه و يقدمها على غيرها من الانتماءات و الولاءات الاخرى ، كان مجتمعا يغلب عليه الطابع الديني المحافظ جدا و العشائرية المهيمنة . تجمعهم علاقات و اواصر قوية ، سمتها الشهامة و الكرم و الاخلاق و نكران الذات لأجل المجتمع و الاستعداد للتضحية لأجل المجتمع .
الفرد الايزيدي الشنكالي عرف عنه الصدق و الامانة و الاخلاص و التفاني في العمل ، الصفات التي شكلت شخصية الايزيدي و هويته في المجتمع العراقي .
سعدون مجدل
20/3/2019
التجمعات السكنية لم تكن لها ايّ’ علاقة بالخوف من التمرد او العصيان أو أية مشكلة , القلاقل في سنجار كانت في العهد الملكي ولم يحدث شيء ضد الحكومة بعد حركة 1941 , كانت خطة البعث واضحة قبل توليهم الحكم حتى لو لم تحدث ثورة الشمال في الستينات وظهور الحزب الكوردستاني في سنجار وخديدا بسي في زمن الهدنة أي زمن الأخوة العربية الكوردية حتتى فاجأهم صدام بالتعريب وهي خطة ميشيل عفلق وأمين الحافظ في صهر الاقليات وإبعاد الكورد عن مناطق الجبال فصنعا الشريط الحدودي المستعرب على حدود تركيا فخصاهما حافظ الأسد رحمة الله عليه ألف مرة , أصلاً جبل سنجار جبل معزول أن لم تكن حكومة مجرمة فلا تلاحق العصاة فيه ,ولا يُمكن لأية حركة أن تقاوم فيه , لكن العداء العنصري الخبيث يبحث عن الحجج في تنفيذ خططه ولو بدونها فهو ماضِ
على كل بيت كوردي أن يخبز رغيفين من الخبز يوميّاً رغيف له ولأولاده والثاني في سبيل الله على روح الخميني الذي حارب لمدة 8 سنوات فأنهك , صدام ولولا حربه لما بقي اليوم كورديٌّ في شمال العراق بمن فيهم الئيزديون