مثلت السيارات المحملة بالمتفجرات سلاحا فتاكا في يد تنظيم داعش.
خلال السنوات الأخيرة، نشر التنظيم عشرات الفيديوهات لانتحارييه بسيارات مفخخة خلال المعارك التي خاضها في سوريا والعراق.
لكن ما كان ملفتا هو أن يحمل بعض الانتحاريين بالورود، وأن تزين سياراتهم بالورود أيضا.
موقع Popular Front رصد هذه الظاهرة في مقال بعنوان “باقة الموت: لماذا يحمل مقاتلو داعش الورود خلال العمليات الانتحارية”.
في منتصف تشرين الأول/أكتوبر 2016، نشر التنظيم مقاطع فيديو لمقاتليه خلال المواجهات مع القوات العراقي، في قضاء الشرقاط بمحافظة صلاح الدين.
تظهر في إحدى الصور عربة مففخة مزينة بأكاليل من الزهور من مختلف الأنواع والألوان.
للوهلة الأولى، يبدو الأمر سخيفا. لماذا يشغل شخص يسير نحو موت محقق نفسه بتزيين سيارته بالورود؟ يتساءل هيوغو كامان كاتب المقال.
لكن من زاوية نظر الانتحاري، يبدو الأمر مختلفا تماما.
قبل كل شيء، ينظر مقاتلو داعش إلى عملياتهم على أنها “عمليات استشهادية”، وأنها من “أعلى درجات التضحية في سبيل الله”.
وتضمن “الشهادة” لصاحبها طريقا إلى الجنة، حيث تنتظر الحور العين مجيئه.
“عند استعمالها من قبل الجهاديين، تعني الورود بشكل عام الشهادة والجنة معا”، يقول الموقع.
على كل حال، لم تنفع السيارات المزينة بالورود، وخسر داعش قضاء الشرقاط الذي أعلنت القوات العراقية تحريره في أيلول/سبتمبر 2016.
ظهرت السيارات المفخخة المزينة بالزهور بشكل خاص خلال الفترة بين سنتي 1916 و1917.
لكنها في الواقع ليست ظاهرة حديثة، بل بدأ ظهورها قبل ذلك بنحو عقد على الأقل. حينها كان تنظيم داعش يطلق على نفسه “دولة العراق الإسلامية” فقط.
في الشريط الرابع من سلسلة “فرسان الشهادة” التي أطلقها التنظيم في أيلول/سبتمر 2008، يظهر مقاتلان يهيئان سيارة مفخخة وفي الأخير يضعان عليها وردة حمراء.
سلسلة “فرسان الشهادة” بالكامل مليئة بصور الزهور. في مقدمة أحد أشرطة السلسلة تظهر شاحنة مرسومة بتقنية الأبعاد الثلاثية وسط حديقة من الزهور، وفي الخلفية زقزقة الطيور.
وينقل المقال عن توماس هيغهامر، مؤلف كتاب “Jihadi Culture” (الثقافة الجهادية) والباحث في مؤسسة بحوث الدفاع النرويجية في أوسلو، تأكيده أن العمليات الانتحارية تعتبر أشبه “بحفلات زفاف” في أعين الجهاديين.
هذا هو السبب الذي يجعل الكثير من الانتحاريين يزينون أنفسهم تحضيرا لمقابلة الحور العين في الجنة. ومن هذه الزاوية، يبدو إحضار الزهور كهدية أمرا منطقيا.
في الواقع، تعطي الأدبيات الفقهية الإسلامية “للشهيد” مكانة خاصة. فـ”الشهداء” لا يغسلون بعد موتهم، وهم “أحياء عند ربهم يرزقون”، ويدخلون الجنة مباشرة بعد مقتلهم، ويبعثون يوم القيامة تفوح منهم رائحة المسك.
بل إن الكثير من الكتب الدينية، التي تتحدث عن “كرامات الشهداء”، تشير إلى رائحة المسك التي تفوح من أجسادهم بعد مقتلهم! وتعتبر ذلك دلالة على “القبول” و”حسن الخاتمة”.
وعلى هذا الأساس، يقوم انتحاريو داعش أحيانا، وهم يستحضرون درجة “الشهداء”، باستعمال العطور قبل تنفيذ عملياتهم.
في الشريط الثامن من سلسلة “فرسان الشهادة” يظهر أحد الانتحاريين وهو يتسلم عطرا ويرشه على عنقه، قبل أن يتوجه نحو هدفه.
وخلال السنوات الأربع التي سيطر فيها داعش على مساحات شاسعة في العراق وسوريا، اعتمد التنظيم بشكل واسع على الانتحاريين وسياراتهم المزينة بالزهور، لكن ذلك لم يمنع من سقوطه وفقدانه لكامل أراضيه.
* عن Popular Front (بتصرف).