في ايامه الاخيرة وفي اخر بقعة جغرافية يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” في سوريا، حاول التنظيم ان يستغل مازن سليم واصدقائه لمحاربة خصمه باطراف باغوز غربي الفرات، حيث اجبر مسلحو التنظيم الطفل مازن على ارتداء حزام ناسف وتجهيزه لعمل لم يُفكر به قط
احد ايام شهر شباط من العام الجاري، كان يوما مليئا بالخوف لمازن واصدقائه، بسبب اجبارهم على ارتداء الاحزمة الناسفة من قبل مسلحي داعش بهدف تفجير انفسهم على قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تقاتل التنظيم بدعم من التحالف الدولي.
مازن سليم ذو الـ 14 عاما، تم اخضاعه لتدريبات مكثفة على جميع انواع الاسلحة الثقيلة وكيفية تفجير نفسه، بعد اختطافه من قريته القريبة من خانصور التابع لقضاء سنجار في شهر اب 2014 وعاش لمدة خسمة اعوام في ظروف صعبة ونقولوه فيما بعد الى منطقة باغوز بسوريا.
كان يوم خروج مازن واصدقائه يوما مختلفا، بسبب المعارك الطاحنة والاشتباكات العنيفة في باغوز، الاطفال قبلوا باوامر “داعش” لارتداء الاحزمة الناسفة رغما عنهم، الا ان مازن خطرت بباله فكرة اخرى وهي النجاة بأنفسهم من قبضة التنظيم.
“اخبرونا مسلحي داعش بأن نفجر انفسنا على قوات سوريا الديمقراطية، وتم اختلاطنا مع النساء والاطفال الذين خرجوا من باغوز باتجاه قوات سوريا الديمقراطية، الا اننا نفذنا خ
طتنا وسلمنا انفسنا لقوات سوريا الديمقراطية ورمينا الاحزمة الناسفة”، هكذا لخص مازن نجاته من قبضة “داعش”.
قصة مازن مع داعش
مازن سليم علي، كان عمره 10 اعوام، عندما هاجم تنظيم داعش قضاء سنجار غربي الموصل في 3 اب 2014 ووقع في أسر التنظيم مع والده ووالدته وشقيقه.
مازن من اهالي قرية باشوك التابعة لمجمع خانصور، تم احتجازه لمدة شهرين في قرى تل بنات وكوجو، وقال “كنا نخاف كثيرا ونتسأل ماذا سيحدث لنا في المستقبل”.
بعد بقائه لمدة شهرين في تلعفر ومدينة الموصل، تم تفريق مازن عن والدته ووالده وشقيقه، وبدأت معاناته بعد ذلك التاريخ.
حيث يبين مازن : “أسوأ أيام حياتي كان ذلك اليوم الذي تم تفريقي فيه عن والدي ووالدتي… كنت محبطا وابكي بإستمرار، ولكنني كنت عاجزا عن فعل اي شيء ولم اتمكن من رؤية كل من والدي وشقيقي من ذلك اليوم، اشتاق اليهم كثيرا”.
والدة مازن تم تحريرها في شهر تشرين الاول من عام 2016 وتعيش الان برفقة ابنها في احد مخيمات النزوح باقليم كوردستان.
تدريب مازن على استعمال الاسلحة الثقيلة
قام تنظيم داعش بتدريب مازن وعشرات الاطفال الايزيديين على استعمال انواع مختلفة من الاسلحة في قضاء تلعفر غربي مدينة الموصل، وادخالهم في دورات لحفظ القرآن وتغيير ديانتهم.
وهنا يوضح مازن : “منذ اكثر من عام ونصف تدربنا على كيفية استعمال اغلب انواع الاسلحة من بينهم (دوشكا)، (RBG) والـ(PKC)، وكنا نتلقى محاضرات عن كيفية تفجير انفسنا داخل التجمعات، وفي حال تأخر اي طفل عن التدريبات او يرفض الحضور كان يتعرض للضرب المبرح”.
ويتابع : “كنا نتلقى محاضرات خاصة بحفظ القرآن، وكتب اخرى حول العقيدة”، مضيفا : “كانوا يقولون بأننا كفار ويجب ان تسلموا وتتعلموا قراءة القرآن واداء الصلاة”.
“هل حدث سيئا لسنجار؟”
مازن سليم، مع وصوله الى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في نهاية شهر شباط الماضي، كان قد سأل عن الوضع في سنجار اولا، بقوله : “هل حدث شيئا لسنجار؟” اثناء السؤال، سلطت الكاميرا الضوء على مازن من بين جميع الاطفال الذين تحرروا من قبضة داعش والبالغ عددهم 10 اطفال.
قال مازن لـ (كركوك ناو) : “كنت افكر بسنجار باستمرار، لذا عند وصولي الى القوات حزب العمال، سألتهم مباشرة، ماذا حدث لسنجار، سنجار لديه مكانة خاصة عندي، واحبه كما احب والداي”.
بسبب بقائه لمدة خمسة اعوام وتأثير داعش عليه، لا يستطيع مازن التحدث بطلاقة باللغة الكوردية، وبين : “كان مسلحي داعش يتحدثون معنا باللغة العربية ويمنعون التحدث بلغتنا الام، واحتاج الى عدة اشهر لاتمكن من التحدث باللغة الكوردية مرة اخرى”.
حياة مازن عند داعش
مر مازن باوقات عصيبة تحت حكم خلافة “داعش” لمدة خمسة اعوام ولم يتمكن من الهرب والوصول الى بر الامان، تعرض للتعذيب والتجويع والدخول في تدريبات عسكرية صعبة.
سرد مازن عدد من القصص التي حولت حياته الى جحيم اثناء عيشه تحت حكم “داعش”، من بينها قصة بقائه في باغوز بسوريا، والعيش تحت خيمة متهالكة مع عشرات الاطفال، وقال : “في حال خروجنا من تحت الخيمة، كنا نتعرض للضرب من قبل مسلحي داعش”.
ويشير الى انه : “في احد الايام خرجت من داخل الخيمة، ولكن مسلحي داعش كشفوا أمري وتعرضت للضرب المبرح… في ذلك اليوم بكيت كثيرا وكنت اصرخ بأعلى صوت: انقذوني من هنا”.
ويضيف مازن بأن الطعام الذي كان يوزع عليهم لم يكن صالحا للاكل لعدم مراعاة النظافة اثناء تجهيزه، وقال: “اغلب الاوقات كنا نمرض بعد اكل الطعام”.
في يوم 8 اذار 2019 عندما تحدث مازن لـ (كركوك ناو)، كان يستعد للذهاب الى مدرسة (كانيا سبي) بمخيم كبرتو في قضاء زاخو مع ذويه.
يقول مازن : “انني سعيد جدا بقدومي الى هذه المدرسة… واحب ان ابدء الدراسة مثل جميع الطلاب الموجودين في المدرسة”، مؤكدا : “مثلما سعدت بلقاء والدتي، اتمنى ان احظى بلقاء والدي وشقيقي مرة اخرى”.
كركوك ناو – نينوى