“كانت وظيفتي في الرقة هي التعامل مع القضايا الدولية، وتنسيق العلاقة بين تنظيم داعش والمخابرات التركية” يتذكر أبو منصور المغربي سنواته الثلاثة في تنظيم داعش.
أبو منصور، مهندس كهرباء من المغرب، جاء إلى سوريا في عام 2013، سافر من الدار البيضاء إلى اسطنبول وعبر الحدود الجنوبية لتركيا إلى سوريا.
كانت محطته الأولى إدلب، وكلفه التنظيم بوظيفة مسؤول استقبال على الجانب السوري من الحدود التركية، وكانت مهمته تتلخص في ضمان استمرار تدفق المقاتلين الأجانب إلى داعش عبر تركيا.
أبو منصور، المحتجز حاليا في أحد السجون في العراق، تحدث بإسهاب عن طبيعة عمله مع تنظيم داعش والعلاقة بين التنظيم وتركيا، وذلك في مقابلة استغرقت خمس ساعات ونشرت على موقع “هوم لاند سيكيورتي توداي” الأميركي.
لقاء مع أردوغان
“كانت مفاوضتنا (داعش وتركيا) تجري مرة في سوريا ومرة في تركيا، وما إلى ذلك ذهابا وإيابا” يقول أبو منصور، وغالبا “تجري بالقرب من الحدود، بالقرب من البوابات الرسمية”.
وفي عام 2016 طلب من أبو منصور المجيء لأنقرة والبقاء لعدة أسابيع، “وربما للقاء الرئيس أردوغان”.
“ذهبت إلى أنقرة، كان هناك فندق خاص، أو دار ضيافة تابع للمخابرات، أعتقد أنني كنت بالضبط في مكتبهم الرئيسي، أو ربما في مكتب خلية أزمة” يقول المغربي.
ويضيف “بقيت هناك أسبوعا واحدا ولم يرفضوا طلبي للخروج، كنت تحت حمايتهم، لقد اقترحوا أيضا أن باستطاعتي قضاء أسبوع لأستريح هنا”.
“كنت على وشك مقابلة أردوغان لكنني لم أفعل، قال أحد ضباط مخابراته إن أردوغان يريد رؤيتك على انفراد، لكن ذلك لم يحدث” حسب المغربي.
المقاتلون الأجانب
“لقد كانت مهمتي تتمثل باستقبال المقاتلين الأجانب في تركيا” في إشارة إلى شبكة الأشخاص الذين كان تنظيم داعش يدفع لهم الأموال مقابل تسهيل سفر هؤلاء المقاتلين من إسطنبول إلى مدن غازي عنتاب وأنطاكيا وسانليورفا على الحدود مع سوريا.
يوضح أبو منصور أن “معظم العاملين في الجانب التركي، هدفهم هو المال”، لكنه اعترف أيضا بأن الكثيرين في تركيا يؤمنون بتنظيم داعش.
ويضيف “يوجد رجال من داعش يعيشون في تركيا، أفراد وجماعات، لكن لا توجد جماعات مسلحة داخل تركيا”.
يشير أبو منصور إلى أن المقاتلين الأجانب كانوا يأتون من أماكن مختلفة، من شمال إفريقيا في الغالب، وأن عدد الأوروبيين لم يكن كبيرا، حيث قدرهم بنحو أربعة الاف.
ويتابع “لغاية عام 2015 كان هناك 13 ألف مقاتل من تونس، وأربعة الاف من المغرب، وهناك عدد أقل من المقاتلين من ليبيا لأن لديهم تنظيم هناك”.
“كانت وظيفتي هي حراسة الحدود بين سوريا وتركيا واستقبال المقاتلين” يقول أبو منصور.
ويضيف “أشرفت على الاستقبال في تل أبيض وحلب وإدلب، في البداية كنت أسجل الناس، ثم أصبحت مشرفا، وبعدها صرت أميرا في التنظيم”.
سفير داعش في تركيا
عندما تم سؤال أبو منصور عنما إذا ما سمح لمقاتلي تنظيم داعش المصابين بعبور الحدود وتلقي الرعاية الطبية في تركيا، اتضح أنه لم يكن مجرد أمير، بل كان “دبلوماسيا” لداعش.
“كان هناك بعض الاتفاقات والتفاهمات بالنسبة للمصابين بين المخابرات التركية وجهاز الأمن في تنظيم داعش” يؤكد أبو منصور المغربي.
ويضيف “لقد عقدت العديد من الاجتماعات المباشرة مع المخابرات التركية”.
عندما سئل المغربي من بالضبط في الحكومة التركية كان يلتقي بأعضاء داعش قال “بعض الأحيان كانوا من الاستخبارات التركية، وأحيانا أخرى ممثلون عن الجيش التركي”.
“كانت معظم الاجتماعات في تركيا في مواقع عسكرية أو في مكاتبهم، ذلك يعتمد على القضية، أحيانا نلتقي كل أسبوع، ذلك يعتمد على ما كان يحدث، وكانت معظم الاجتماعات قريبة من الحدود، وبعضها في أنقرة ، وبعضها الأخر في غازي عنتاب” يؤكد أبو منصور المغربي.
ويتابع “مررت بالحدود وسمحوا لي بالمرور، وعند الحدود كان الأتراك يوفرون لي سيارة وحماية، كان هناك فريق من شخصين إلى ثلاثة أشخاص من تنظيم داعش معي، وكنت مسؤولا عنهم معظم الوقت”.
أبو منصور كان يتلقى أوامره من شخص عراقي يدعى محمد حدود يعمل فيما يعرف باسم مجلس “شورى تنظيم داعش”، وفيما يتعلق بزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، يعترف أبو منصور أنه التقاه لفترة قصيرة.
داعش وتركيا
أبو منصور على ما يبدو كان يجتمع مع مسؤولين رفيعي المستوى في جميع الفروع الأمنية للحكومة التركية للتفاوض على صفقات وفقا لموقع “هوم لاند سيكيورتي توداي”.
يقول أبو منصور إن “موضوع المنافع المشتركة هو موضوع كبير، المفاوضات لم تكن سهلة، لقد استغرقت وقتا طويلا وفي بعض الأحيان كانت صعبة”.
أبو منصور يقول إن تركيا كانت تريد السيطرة على المنطقة الحدودية القريبة من حدودها واحكام السيطرة على شمال سوريا.
“في الواقع كان لديهم طموحات ليس فقط للسيطرة على الأكراد، لقد أرادوا كل الشمال السوري من كسب (أقصى نقطة في شمال سوريا) إلى الموصل”.
“هذه هي الأيديولوجية الإسلامية لأروغان” يوضح أبو منصور، مضيفا “لقد أرادوا كل شمال سوريا، هذا ما قاله الجانب التركي أرادوا السيطرة على شمال سوريا، لأن لديهم طموحاتهم الحقيقية”.
يوضح أبو منصور أنه أبلغ بأن رؤية الرئيس رجب طيب أردوغان، وليس بالضرورة أن جميع الاتراك يتوافقون معها.
ومن جانب داعش يوضح أبو منصور “لقد كانت فائدة كبيرة للتنظيم، لأنها يمكن أن تحمي ظهرنا، حوالي 300 كيلومتر من حدودنا معهم، تعتبر تركيا طريقا بالنسبة لنا للأدوية والغذاء، فهناك أشياء كثيرة تدخل باسم المعونة، وكانت الابواب مفتوحة”.
التفاوض لعبور الحدود التركية
تفاوضنا لإرسال مقاتلينا إلى المستشفيات في تركيا، كان هناك تسهيل، لم ينظروا في جوازات سفر القادمين للعلاج” وفقا للمغربي.
ويضيف “إذا كان لدينا سيارة إسعاف يمكن عبورها من دون سؤال، لا يسألون عن الهويات الرسمية، علينا فقط أن نعلمهم”.
مبيعات النفط
فيما يتعلق ببيع النفط، يعترف أبو منصور أن “معظم النفط السوري كان يذهب إلى تركيا، وكميات صغيرة إلى نظام الأسد”.
ويقول أبو منصور أنه لم يكن بحاجة إلى التفاوض بشأن هذه المبيعات مباشرة مع مسؤولي الحكومة التركية حيث “حدث هذا تلقائيا”.
“هناك الكثير من التجار الذين يقومون بذلك، وكانت تركيا السوق الوحيدة التي يتم إرسال النفط إليها، يوضح المغربي.
ويضيف أن “نجل” الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أصبح “ثريا بسبب نفط داعش”، إلا أن الصفقات كانت تتم عبر وسطاء.
إطلاق سراح الدبلوماسيين الأتراك والجنود والمواطنين
عندما سئل عن المفاوضات من أجل إطلاق سراح الدبلوماسيين والعمال الأتراك بعد سيطرة داعش على الموصل أوضح أبو منصور “تم التفاوض في سوريا، وأعتقد أن الحكومة التركية أمرت القنصل بعدم المغادرة، وكان العديد من سائقي الشاحنات الأتراك في الموصل في ذلك الوقت، لم يكونوا في خطر، لكن كان هناك مفاوضات للإفراج عنهم”.
وتابع “لم نطلب فدية لإطلاق سراح الموظفين، بل طلبنا تحرير سجناءنا، وكانت المخابرات التركية تعرف أسماءهم”.
ويوضح أبو منصور “تم إطلاق سراح حوالي 500 سجين من تركيا وعادوا إلى التنظيم، وبالمقابل افرجنا عن موظفي القنصلية”.