مما شك فيه أن القمة الثلاثية التي أقيمت في القاهرة بحضور رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي وعبد الفتاح السياسي رئيس جمهورية مصر العربية والملك عبدالله ملك المملكة الأردنية جاءت في وقت مهم وفي نفس الوقت حرج جداً للمنطقة عموماً، كونها أطلقت رسائل عدة، أولها جاءت بوساطة أردنية،وتأتي قبل القمة العربية المقبلة في تونس خلال الأيام القليلة المقبلة، والذي أنعش الاحتمالات في محاولة من الدول الثلاث،أنها ربما تكون محاولة منها في تنسيق المواقف والترتيب لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، وتفعيل دور العمل العربي المشترك بينهم لإعادة الدور العراقي إلى مكانته الطبيعية بين الدول العربية بعد سنوات من الإبعاد والمشاركة في القرار العربي، كما يعد خطوة نحو الخروج من التضييق الخليجي على العراق خصوصاً،ليعود إلى مكانته في المشاركة بالقرار العربي، بدل إيجاد الذرائع من أجل تطبيع العلاقات مع دول الخليج، والابتعاد عن الابتزاز السعودي، ومحاولة ابتزاز القوى السياسية لمصالحها الشخصية .
القمة تأتي في ظل الانتصارات المهمة التي تحققت على تنظيم داعش خصوصاً في العراق وسوريا، وإكمال تحرير كامل المناطق في شرق الفرات،وتحصين الحدود العراقية،لضرب خلايا داعش الهاربة من سوريا،ما يعتقد أن القمة جاءت لتنسيق الأدوار من أجل مواجهة التطرف والإرهاب بأشكاله كافة،خاصة وأن الدول الثلاث عانت معه طيلة السنوات السبع الماضية وما زالت تخوض المعارك ضده،لذلك ربما من السابق لأوانه عن تشكيل أي محور جديد في المنطقة من أجل تحقيق التوازن مع دول الخليج الذي أخذ يهيمن على وضع القرار في المنطقة منذ عام 1990 ،كما أن التقارب العراقي المصري يشكّل تطور جديد في الساحة الإقليمية،ما يجعل قوة القرار بين العراق ومصر تبدو لمواجهة أي تمدد خليجي فيها .
الشيء الأهم أن هذه القمة ربما تعد بوابة لعلاقات جديدة بين إيران والمنطقة عموماً،خصوصاً مع مساعي واشنطن في إبعاد بغداد عن محور إيران المقاوم في المنطقة،كما أن هذا التقارب بين بغداد والقاهرة ربما سيكون مقدم لتقارب طهران مع القاهرة،وذلك لان بغداد تمثل بوابة أي علاقة مع طهران ولكن مع كل هذه التكهنات يبقى السؤال الأهم هو قدرة هذه القمة على تغيير خارطة المنطقة،وإيجاد توازن فيها أمام الضغوط الأمريكية وإنهاء الدور السعودي فيها .