الثلاثاء, نوفمبر 26, 2024
Homeمقالاتبعد الباغوز، طنب الصغرى والكبرى : جان كورد

بعد الباغوز، طنب الصغرى والكبرى : جان كورد

   kurdistanicom1@gmail.com                 

 لا ينكر أحد أن “تحرير الباغوز” بعني سياسياً نهاية دولة تنظيم الدولة الإرهابي عملياً وانتصار حزب الاتحاد الديموقراطي والمتحالفين معه من القوات العربية العشائرية في ظل قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش، وللانتصارات السياسية نتائج إيجابية ومكاسب على أرض الواقع، على الرغم من أن الانتصار التام على داعش يتطلب جهوداً مضنية وحثيثة لفترةٍ طويلة من الزمن، فالنظام السوفييتي قد انهار في وقتٍ وجيز، إلاّ أن الفكر الشيوعي لا زال مستمراً وإن كان بضعفٍ ومصاعب، وهكذا فإن الفكر الداعشي يتطلب تنسيقاً مستمراً بين مختلف الدول الإسلامية وغير الإسلامية الرافضة للإرهاب الذي يتشح بالدين الحنيف ويجد له حاضنة اجتماعية شعبية واسعة على الدوام. ومحاربة هذا الفكر الخطير يحتاج إلى وقتٍ وأموال ودراسات وجهودٍ مختلفة، ولكن ما هي مكاسب الكورد من هذا كله؟

بالتأكيد، فإن أي انتصارٍ عسكري لفصيلٍ كوردي أينما كان هو انتصارٌ للشعب الكوردي، إلاّ أن حزب الاتحاد الديموقراطي لا يعتبر ذاته تنظيماً كوردياً وله مشروع غير قومي، يتجاوز حدود المنطقة الكوردية التي تطالب الأحزاب الكوردية السورية لها حكماً “فيدرالياً” ضمن حدود الدولة السورية ذات السيادة الكاملة على أراضي بلادها، في حين عمل حزب الاتحاد الديموقراطي على شطب كل ما له صلة بالقومية الكوردية ولفظ ذلك النهج القومي “الرجعي!” في تربية كوادره وفي إعلامه بشكل حثيث ورفض الفيدرالية مستعيضاً عنها بما سماه “الإدارة المركزية الديموقراطية” التي ليس لها لون قومي محدد، والتي يسمونا أحياناً في  إعلامهم وندواتهم ب”الفيدرالية الديموقراطية” و كأن هناك “فيدراليات غير ديموقراطية” وعلى أساس ذلك بنى سياسةً مخالفة لسياسات الأحزاب الكوردية لدرجة الإعلان مراراً عن استعداده للقتال ضد قوات “لشكرى روز” الكوردية المدربة في جنوب كوردستان، والمتشكّلة من الكورد السوريين، في حيال قدومها لمساعدة قوات “قسد” ضد التنظيمات الإرهابية أو لدعم المعارضة السورية أو لمؤازرة “وحدات الحماية الكوردية” ذاتها. ورغم هذا النأي بالنفس عن الحراك الوطني الكوردي، فإن المجتمع الدولي بدأ يعترف بالكورد شعباً وحركةً سياسية كعنصرٍ أساسي من عناصر بناء المستقبل السوري، شاء العنصريون العرب ومن على شكالتهم، ذلك أم أبوا، سواءً في النظام أو في المعارضة، وهذا يعني بدء المسار الصحيح لمناقشة جادة وعميقة للقضية الكوردية السورية التي بدأت تصبح من القضايا الدولية الهامة، وسيتكلل ذلك بالنجاح إن استمر المجتمع الدولي في تذكّر الفداء والتضحية الكوردية في الحرب على الإرهاب.

الانتصار الثاني هو في اكتساب القوات الكوردية خبراتٍ عظيمة في القتال، تحت أي مسمى حزبي أو تنظيمي كانت، لأنها في النهاية “قوات كوردية” شاء زعماؤها أم لم يشاؤوا، فالشباب الذي يفدي بدمه في ساحات الوغى لم يلتحق بتلك الزعامات إلاّ من أجل أهداف شعبه المضطهد عبر العصور. ويجدر بالذكر هنا امتلاك أسلحة وعتاد ووصائل اتصال وخبرات استخباراتية ومعلومات هامة عن أساليب الاستطلاع والتحضير للهجمات والدفاع عن النفس، إضافةً إلى امتلاك قدرات مالية ضخمة لم تحصل عليها الحركة الوطنية الكوردية في أي مرحلةٍ مضت من مراحل كفاحها التحرري، والسيطرة على منابع النفط والانتاج الزراعي في المنطقة الكوردية.

الانتصار الثالث هو الوصول إلى مستوى يمكن الاستغناء فيه عن تعليمات وأوامر “الرفاق” في جبل قنديل، بل إن حزب الاتحاد الديموقراطي هو الذي عليه تحديد سقف “التدخل الرفاقي” في شؤون غرب كوردستان.  إضافةً إلى السمو بوضعه السياسي إلى مستوىً يمكن عنده إقناع العالم الخارجي بأنه ليس حزباً إرهابياً أو تابعاً لمن يتهمونه بالإرهاب، وعلى هذا الأساس يمكن لحزب الاتحاد الديموقراطي رسم خطوط سياساته الخارجية وبالتالي: الترفّع عن سياسة “الحزب الواحد” و”الزعيم القائد” والكنتنة المستوردة أصلاً من الفكر الفوضوي في العالم الخارجي، فيما إذا كان يؤمن فعلاً بالديموقراطية.

وبالطبع هناك نواحي سلبية في مجمل القضية المتعلّقة بالحرب على الإرهاب:

  • منذ التدخلات الأجنبية العسكرية في سوريا (إيران وحزب الله وفصائل الحشود الشيعية من كل مكان، روسيا، الولايات المتحدة وقوات التحالف الدولي، ثم تركيا ومرتزقتها من شتى أنحاء العالم الإسلامي) وحزب الاتحاد الديموقراطي لايتمكّن من تحديد الزاوية التي ينظر  من خلالها إلى الأحداث السورية وما ينجم عنها من انعكاسات على وضع المنطقة والسياسات الدولية، فهل هو حليف للنظام الأسدي الفاقد للشرعية أم ضده؟ وهل هو حليف لروسيا التي سحبت قواتها من مصيف كفرجنة لتدخله قوات حليفتها تركيا بهدف الهجوم على عفرين من ناحية الشرق؟ أم هو تابعٌ لإيران المتحالفة مع نظام الأسد وحزب الله والحشود الشعبية وروسيا وتركيا في الوقت ذاته؟ وماذا عن العلاقة مع القوى والأحزاب السورية المتنفذة لسياسات السيد أردوغان، هل سيبقى الحزب في عداءٍ معها؟ ما الأسس التي سيبني عليها الحزب مواقفه من كل هذه المحاور؟ أهو مدى قبولها بالحق القومي الكوردي؟ أم قبولها بتحويل سوريا إلى كانتونات وإدارات ذاتية “ديموقراطية” لتتحقق أفكار الزعيم أوجلان الرافض للدولة الكوردية؟ ماذا بالضبط؟

طبعاً للحرب على الإرهاب نتائج عديدة منها الفوضى التي نراها الآن على الساحة السورية واختلاط الأمور وعدم وضوح المواقف والرؤيا… فماذا يعني عزف نشيد “أي رقيب” القومي الكوردستاني في قرية الباغوز العربية الواقعة بالتأكيد خارج المنطقة الكوردية؟ وماذا إذا طلبت الولايات المتحدة إقامة كيان كوردي في غرب كوردستان، فهل ستنهار فكرة “الشعوب والأمم الراقية الكانتوناتية!!”؟ أو ماذا سيحدث إن فرض الأمريكان مع الأتراك “منطقة آمنة” في شرق الفرات ورفضوا أي دورٍ لقوات قسد في تلك المنطقة؟ كما أكد المبعوث الأمريكي لسوريا جيفرسون مؤخراُ.

قبل باغوز  كان كل شيء يتم تغطيته بشعار “الحرب على الإرهاب” ولكن بعد باغوز لا بد من إيجاد فرضة عمل لكل هذه القوات المحاربة، فما هو مشروع ما بعد باغوز؟ هل سيتم حل هذه القوات أم  سيعمل قادتها على ضمها للجيش “العربي” السوري؟ وأمريكا ترفض العلاقة مع النظام حتى الآن، أم سيتم زجها في القتال ضد الدولة التركية وحلفائها؟ أم سيتم دفعها صوب جنوب كوردستان؟ الهدف القديم لحزب العمال الكوردستاني الذي فشل حتى في تحرير قرية واحدة من شمال كوردستان رغم شروعه في القتال ضد الجبش التركي منذ عام 1984؟  وعينه على جنوب كوردستان الذي كاد يتحوّل إلى دولة “مستقلة”…

طبعاً هناك أسئلة تفرضها مرحلة ما بعد باغوز  والإجابة عنها ليس سهلا كما يظن البعض، وداعش كالجمرة تحت الرماد لم ينتهِ كما يظن البعض، طالما هناك من يدعمه في منطقة الشرق الأوسط من حكومات وجيوش ومخابرات، وما أكثر الداعمين للإرهاب وتحويل سوريا إلى “عش الدبور”!

منطقة جبل الكورد (عفرين) لا زالت تحت سلطة الاحتلال التركي، وهي المنطقة التي قدمت حتى الآن آلاف المقاتلين لثورة حزب العمال الأوجلاني وتابعه حزب الاتحاد الديموقراطي، وهي تتشوّق لمن يسعى لإنقاذها من بين مخالب الناهبين القاتلين المجرمين الذي يذكروننا بغزوات التتار والمغول لما قاموا به من انتهاكات خطيرة ضد أرواح وممتلكات الكورد، حتى أضطر الاتحاد الأوربي إلى المطالبة بخروج تركيا من المنطقة لأن كل الجرائم ضد الإنسانية والبيئة فيها حدثت ولا زالت تحدث في ظل قواتها العسكرية.

فهل ستكون عفرين هدف ما بعد باغوز أم على كردها الانتظار حتى يتم تحرير طنب الكبرى والصغر ى في الخليج العربي/ الفارسي؟

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular