بقلم الدكتورنجم الدليمي
مقدمة
في31/3/1934 ، يحتفل الشيوعيون العراقيون واصدقاؤهم بذكرى ميلاد حزبهم المجيد ، حزب الشهداء ، حزب فهد ـ سلام عادل ، الذي كان عن حق حزبا وطنيا وثوريا في ظل قيادة ثورية حقة ، انه الحزب الذي قدم عشرات الالاف من الشهداء من اجل (وطن حر وشعب سعيد ). لايوجد حزب شيوعي في العالم قدم مثل ما قدمه الحزب الشيوعي العراقي من تضحيات جسام ، واولها اقدام الانظمة الرجعية والعميلة والفاشية على اعدام مؤسس الحزب الرفيق فهد عام 1948 ، وبعده سكرتير الحزب الشيوعي سلام عادل عام 1963 في استشهاد بطولي نادرا ان يحدث في تاريخ العراق الحديث .
لا يمكن فهم ودراسة اللوحة السياسية والصراع السياسي والطبقي في العراق منذ العشرينات من القرن الماضي ولغاية اليوم من دون الرجوع الى التاريخ النضالي المشرف للحزب الشيوعي العراقي ومعرفة دوره ومكانته في المجتمع العراقي ، حيث كان له دورا فاعلا وحضورا مشهودا له في الميدان الفكري والسياسي والجماهيري والاقتصادي ـ الاجتماعي .
ان ذكرى تأسيس حزبنا الشيوعي العراقي ، هي ذكرى بالغة الاهمية في مسيرة الحزب والشعب العراقي ، وعلى الشيوعيين العراقيين المخلصين لحزبهم وفكرهم النيير ان يقيّموا هذه المسيرة النضالية الهامة لحزبهم ، وبكل جوانبها الايجابية والسلبية ، من اجل اخذ الدروس والعبر ومواصلة النضال المبدئي والجاد الذي رسمه مؤسس حزبنا الرفيق فهد والرفيق سلام عادل .
اولا : وصايا هامة
في 26/1/1924 ، القى الرفيق ستالين ، وصايا هامة للرفيق الخالد لينين ، حول الحزب ـ وقال : علينا ان نحافظ ونتمسك وبشكل كبير وعال بلقب عضو الحزب الشيوعي ،وان نحافظ على الحزب كما نحافظ على قرة العين ، وان نصون ونرسخ ديكتاتورية البروليتاريا (سلطة الشعب ) ،وان نعزز ونوطد بكل قوانا وحدة العمال والفلاحين .
ان هذه الوصايا الهامة كانت ولا تزال وستبقى حية ومفيدة ونافعة لآي حزب شيوعي ثوري حقيقي ، ولكننا نطرح سؤلا مشروعا : منذ خط آب التحريفي عام 1964 ولغاية اليوم ، هل أن قيادة الحزب الشيوعي العراقي المتمثلة بالسيد عزيز محمد ، وحميد مجيد ، ورائد فهمي قد التزموا بهذه الوصايا الهامة لحزب فهد وسلام عادل ؟ نقول لا والف لا ، بل هم عملوا بشكل مباشر او غير مباشر على تفتيت الحزب الشيوعي العراقي ، واضعاف دوره ومكانته في المجتمع العراقي ، وبالتالي اوقعوا الحزب في وضع لا يحسد عليه وفي جميع الميادين التنظيمية والسياسية والفكرية ، وجعلوه مريضا سريريا ، بسبب تخليهم عن الثوابت المبدئية،فلا حزب ثوري بدون وحدة فكرية ثورية ، ولا حزب ثوري بدون نظرية ثورية ، وبدون وحدة تنظيمية مبدئية وسليمة .
ثانيا : لاحياد عن الثوابت المبدئية
ان الاحزاب الشيوعية ،هي احزاب طبقية وثورية ، تستند في نضالها العادل والمشروع على ثوابت مبدئية ، ومن اهم هذه الثوابت المميزة للاحزاب الشيوعية هي الاتي :
1- ينبغي الالتزام الثابت بالنظرية الماركسية ـ اللينينة، كدليل عمل لها والدفاع عنها وعن قادتها ، والعمل على تطويرها واغناءها حسب ظروف عمل ونشاط كل حزب شيوعي ، فالماركسية خارج اللينينية ،لا تتجاوب ومصالح الطبقة العاملة وحلفاؤها ، وان فصل الماركسية عن اللينينية ، يعد نهجا تحريفيا وانتهازيا ومدان ويلحق الضرر بمصالح الشغيلة وحلفاؤها ،فلا يمكن فصل الرأس عن الجسد .
2- الالتزام بقانونية الصراع الطبقي في ظل المجتمع الطبقي ، وقانون الصراع الطبقي هو المحرك الرئيس لتطور المجتمع الطبقي .
3- من الضروري الالتزام بدكتاتورية البروليتاريا (سلطة الشعب) وبدونها لايمكن بناء المجتمع الاشتراكي كهدف سامي ومشروع ، فهي ترعب الطبقة البرجوازية ولكن يجب ان لا ترعب من يدعي انه قائد شيوعي ، سكرتير حزب شيوعي ؟ .
4- يجب الالتزام بمبدأ التضامن الاممي والاممية البروليتارية ،لان الطبقة العاملة وحزبها الشيوعي يحتاجون باستمرار الى التضامن والاسناد والدعم من الاحزاب الشيوعية واليسارية العالمية ،بالضد من تسلط وقهر واستغلال الطبقة البرجوازية الحاكمة في المجتمع الطبقي .
5- يجب على الحزب الشيوعي ان يلتزم ويتمسك بالوحدة الفكرية والتنظيمية على اساس الفكر الماركسي – اللينيني ، وان يلتزم ويطبق ويحترم مبدأ المركزية الديمقراطية ، ومبدأ النقد والنقد الذاتي ، في حياة الحزب من اعلى ىسلطة حزبية الى ادنى سلطة حزبية وفق النظام الداخلي ، وان يحافظ على هويته واستقلاليته الوطنية والطبقية والأيديولوجية والتنظيمية ، وان يكون حقا قائدا سياسيا للطبقة العاملة وحلفائها .
6- ينبغي الالتزام المبدئي في النضال لمحاربة التيارات الانتهازية والتحريفية والقومية المتطرفة داخل الحزب ، وكما أكد لينين ، يجب ان يكون نضال حزبنا موجها ضد الانتهازية والوصولية والبيروقراطية ،التي اصبحت الآن اداة منظمة للطبقة البرجوازية داخل الحركة العمالية .
7- من الضروري الالتزام المبدئي والثابت بالدفاع عن الوطن وصيانة استقلاله وسيادته ووحدته الوطنية ، وهذا يتطلب بنفس الوقت النضال المبدئي والجاد ضد النظام الامبريالي العالمي بقيادة الامبريالية الاميركية المتوحشة والاجرامية والعدوانية التي تهدف الى اختراق واضعاف وتفتيت وتخريب الحركة الشيوعية العالمية وتقويض حركة التحرر الوطني في البلدان النامية ونهب ثروات الشعوب والعمل على زرع عملاؤها وطابورها الخامس في الاحزاب الشيوعية والانظمة الوطنية التقدمية ، وغورباتشوف وفريقه الخائن خير دليل على ذلك ، وهناك عشرات بل ومئات مثل غورباتشوف في الاحزاب الشيوعية والوطنية والتقدمية مع شديد الأسف ،ولكنها حقيقة موضوعية .
يمكن القول وخلال المسيرة النضالية المشرفة لحزبنا الشيوعي العراقي لـ 85 عاما ،قد رافقتها صعوبات كثيرة وبنفس الوقت نجاحات ملموسة وبالاخص اعوام 1934-1958 ومنها صمود حزب فهد- سلام عادل تنظيميا وفكريا وجماهيريا رغم حملات الاعتقالات والاعدامات … وثورة تموز عام 1958 ومنجزاتها الكثيرة في الميدان الاقتصادي والاجتماعي والعلاقات الخارجية ، ولكن منذ خط آب 1964 ولغاية اليوم ، فان حزب فهد – سلام عادل تم اختطافه من قبل قيادة السيد عزيزمحمد وفريقه والمؤتمر الرابع انموذجا، واستمر على نفس النهج السيد حميد مجيد ورائد فهمي ، فهؤلاء القادة قد ابتعدوا عن الثوابت المبدئية التي يتميز بها كل حزب شيوعي بشكل عام . ومن المؤتمر الخامس الذي شكل نقطة تحول تحريفية – انتهازية خطيرة في تاريخ حزب فهد – سلام عادل بشكل خاص ، حيث تم التخلي الكامل عن الثوابت المبدئية تحت غطاء ما يسمى بالتجديد والديمقراطية ، وعلى غرار نهج الخائن غورباتشوف – البيروسترويكا ، وبالنتيجة اصبح لدينا اليوم حزب شيوعي بالشكل فقط وبقيادة اصلاحية – ليبرالية ليس لها علاقة بالفكر الشيوعي من حيث المبدأ اما ( الدراويش ) فهم في سبات اهل الكهف لا يفكرون بما يحدث من حولهم لانهم ” يعبدون ” القيادة بلا وعي متكامل ، هذه هي الحقيقة الموضوعية المرة ، التي يجب ان يدركها اعضاء والكادر المخلص في الحزب سواء اكانوا داخل التنظيم ام خارجه !.
ثالثا : مع مبدأ التحاف … ولكن
لا اعتراض على مبدأ التحالف ، ولكن هناك اسئلة مشروعة في هذا الموضوع : مع أي قوى سياسية نتحالف ، مع قوى حاكمة ام مع قوى غير حاكمة ؟ لماذا نتحالف ومع من نتحالف ؟ وماهي المرحلة التي يعيشها الشعب وقواه السياسية ؟ ماهي طبيعة النظام الحاكم ؟ وغيرها من الاسئلة المشروعة .
خلال المدة 1968 -1973 وجه نظام صدام حسين حملة ارهابية شعواء ضد الحزب الشيوعي العراقي وخاصة القياديين (المعارضين لنهج التحالف) وكذلك لكوادر واعضاء الحزب ، هدفها هو ممارسة الضغوطات على الحزب بهدف قبول مشروط لجبهة صدام اللاوطنية ، وقدم الحزب شهداء عديدين في مقدمتهم شاكر محمود وستار خضير وعلي البرزنجي وكاظم الجاسم وعبد الامير سعيد وغيرهم من الرفاق الاخرين .
خلال المدة 1973 -1980 ،وقعت الجبهة اللاوطنية وكانت القاعدة الحزبية وكادرها واغلب قيادة الحزب لديهم تحفظات على شروط الجبهة اللاوطنية ، وبسبب ضغوطات وارهاب النظام الحاكم ضد الحزب الشيوعي والرغبة الجامحة لعزيز محمد وعامر عبد اللة وبتشجيع من السوفييت في اقامة الجبهة حتى يقول عامر عبد اللة ” مستعد اوقع على البياض … ” وعقدت الجبهة بشروط شبه استسلامية لقيادة عزيز محمد -عامرعبداللة لصالح حزب صدام ، حيث تم الاعتراف فعليا لحزب صدام بقيادة الجبهة اللاوطنية وحل المنظمات الجماهيرية للحزب وتسليم قيادة الدولة لحزب البعث وحل التنظيمات العسكرية التابعة للحزب ، وغيرها من التنازلات التي لم يصدقها حتى الطاغية وفريقه ، وهذا ما قاله في جلسة خاصة نعيم حداد . ان قيام الجبهة اللاوطنية تم بفعل ثلاث عوامل – ضغط وارهاب النظام الحاكم – والرغبة اللامحدودة لعزيزمحمد وعامرعبد اللة – وضغط الرفاق السوفيت من امثال بريماكوف وياكوفلييف وغيرهم . وخلال المدة المذكورة لم تتوقف حملة الارهاب 1973-1978 وبالتالي خرج الحزب رسميا من الجبهة عام 1980 .
ان من المفارقات الكارثية وضعف الوعي الفكري لا نقول اكثر من ذلك هو ان قيادة الحزب توصلت الى استنتاج خاطئ وكافر الا وهو ” يدا بيد نبني الاشتراكية ” !!.
أي اشتراكية ؟ وفي ظل قيادة أي حزب ؟ ثم يقول عزيز محمد ( ثورتنا بخير ، صدام بخير ، جبهتنا بخير، والتطور اللاراسمالي بخير …ومن لا يرضى بهذا فالباب يسع الجميع ) . شوكت خوزندار، ص 262 . وفي 29/7/1987 وفي دمشق يخاطب عزيز محمد شوكت خوزندار ” ابو جلال انا لوحدي اقمت الجبهة ووقعت الجبهة ” ص 239،ان الهدف الرئيس للجبهة من قبل صدام حسين هو كشف تنظيمات الحزب بالكامل وبعدها توجيه الضربة المنظمة للحزب وخاصة لقاعدة الحزب وكادره بالدرجة الاولى ، حيث قال حتى لو تهدمت الكعبة يستمر الضجيج لمدة شهر وينتهي ، يقصد بذلك شن حملة واسعة ضد الحزب الشيوعي العراقي ، حتى لو ثارت الضجة الاعلامية في البلدان الاشتراكية لا تتعدى اكثر من شهر وتنتهي ، وهو بذلك قد كسب ود الرجعية العربية والامبريالية الاميركية وحلفائها في الغرب الامبريالي ، بدليل تم اعتقال نحو 250 الف عضو وصديق للحزب ولفترات طويلة ، وتم اعدام المئات من الرفاق والرفيقات لكونهم اعضاء بالحزب الشيوعي العراقي ، ناهيك عن الاغتصاب والتعذيب الوحشي وغيرها من الممارسات الفاشية ضد معتنقي فكر انساني .
الغريب في الامر ان قيادة الحزب عزيز محمد – فخري كريم – حميد مجيد – رائد فهمي … لم تتعض من التجربة الفاشلة والخاطئة والمريرة بالتحالف مع حزب صدام حسين والخسائر الكبيرة للحزب في صفوف اصدقاؤه واعضاؤه وكادره بالدرجة الاولى ( فتقوم بالتوقيع مع الاتحاد الوطني في شباط عام 1983 على وثيقة من قبل اعضاء المكتب السياسي تضمنت تطوير التحالف حتى بناء الاشتراكية ) عدنان عباس ، هذا ما حدث ، ص 302.أي اشتراكية بنيتم مع الطاغية صدام؟ وأي اشتراكية تريدون بنائها مع طاغية ودكتاتور على حزبه وشعبه ؟
في آيار عام 1983 أقدمت قيادة الأتحاد الوطني بزعامة جلال – نيشروان بارتكاب جريمة بشعة ونكراء بالهجوم على مقر حزبنا الشيوعي العراقي وبالتنسيق والتعاون مع اجهزة نظام صدام مقابل مبلغ تافه ، لم يدفع لهم من قبل النظام كما تشير المصادر ، وراح ضحية هذا الهجوم الفاشي اكثر من 150 رفيق ورفيقة وحذاء كل من هؤلاء الرفاق الابطال يشرف الطغمة الفاشية ،فأي مستوى من الوعي السياسي والفكري لقيادة الحزب التي تكرر الاخطاء ، وهل هي صدفة ام خيانة ؟ المستقبل القريب سيكشف لنا الحقيقة الموضوعية .
لقد فشلت قيادة الحزب الشيوعي ، عزيز محمد ، حميد مجيد ، رائد فهمي في جميع التحالفات السياسية من عام 1973 ولغاية اليوم ، والمتمثلة بالجبهة اللاوطنية عام 1973 وفي تحالف جود وجوقد والتحالف مع اياد علاوي وكذلك التحالف مع مثال الالوسي وفايق الشيخ علي وتحالف سائرون ودخول سائرون بتحالف مع تحالف الاصلاح والبناء وهذا التحالف يضم عمار الحكيم وأياد علاوي والمالكي وهادي العامري واسامة النجيفي وقيس الخزعلي وخميس الخنجر ، ان جميع هذه التحالفات السياسية فاشلة لانها متنافسة فيما بينها على تقاسم السلطة والثروة بالدرجة الاولى وهي خاضعة تحت اشراف وضغوطات اقليمية ودولية وفاقدة الاستقلالية في اتخاذ القرار السياسي والاقتصادي والامني والعسكري …، ونقول لقيادة الحزب الشيوعي الحالية وللسيد رائد فهمي وفريقه المتنفذ بعد فشل هذه التحالفات ! مع من ستتحالفون بعد هذا ؟؟؟.
نعتقد ان السبب الرئيس لتخبط قيادة الحزب ، عزيز محمد ، حميد مجيد ، رائد فهمي ، والركض السريع وراء الاوهام ، يعود الى التخلي عن الثوابت المبدئية للحزب ، ووجود دكتاتورية السكرتير العام على المكتب السياسي واللجنة المركزية ، وغياب الديمقراطية داخل الحزب بشكل عام وفي قيادته بشكل خاص ، وعدم الاخذ براي القاعدة الحزبية والكادر الحزبي في القضايا الهامة والمصيرية ، مثل التحالفات السياسية ، حل المنظمات الشبابية والطلابية والنسائية … عام 1973 ارضاء لرغبة صدام حسين ، وكذلك ما حدث في جميع التحالفات السياسية الاخري وخاصة التحالف مع سائرون ، اما تحالف سائرون مع تحالف الاصلاح والبناء نعتقد حتى بعض قيادة – كادر الحزب لم يعرف بذلك ؟؟.
رابعا : مؤتمرات الحزب بين الشرعية واللاشرعية
ان عقد مؤتمر للحزب يجب ان يشكل نقلة نوعية في حياة الحزب وفي كافة ميادين العمل الحزبي ، وان يضع له هدفا مركزيا ضمن المرحلة المحددة التي يعيشها الحزب ، وان يعمل المؤتمر على تعزيز وحدة الحزب التنظيمية والفكرية والجماهيرية والسياسية ، وان يعقد المؤتمر وفق الشرعية والديمقراطية ، وان لا يكون المؤتمر اسلوبا لتصفية الحسابات مع الرفاق الذين لديهم وجهة نظر معينة ، وان يبتعد اعضاء المؤتمر وخاصة المتنفذين فيه عن اسلوب التكتلات والتآمر والانقلاب الحزبي بهدف تصفية وابعاد الرفاق ، لأن هذا يعني ان المؤتمر لم يكن شرعيا ، بل هو انقلاب فوقي وتامري ويعمل على تمزيق وحدة الحزب ، وهذا ما حدث في المؤتمر الرابع عام 1985، وهومؤتمر غير شرعي .
وان مؤتمرات الحزب من الثالث حتى المؤتمر العاشر ، كانت تتسم بسمات غير مبدئية وغير ديمقراطية ، من خلال وجود التكتلات الحزبية قبل وداخل المؤتمر ، وبين ما يسمى بالجناح اليميني واليساري ، وتلعب الارتياحات والعلاقات اللامبدئية مع القادة المتنفذين في الحزب دورا كبيرا في الترشيح لعضوية اللجنة المركزية للحزب ، في حين الكادر المبدئي الملتزم والكفؤ وله تاريخ نضالي مشرف وغير متملق يتم تجاهله وابعاده ، وعدم حضوره للمؤتمر . يشير الرفيق شوكت خزندار الى الرفيق الشهيد البطل الدكتور صفاء الحافظ وعدم ترشيحه لعضوية اللجنة المركزية ، وحسب رأي القيادي في الحزب سليمان اسطيفان ،لا تنطبق عليه الشروط الثلاثة وهي ان يكون ( اخرس ، اطرش ، اعمى )، أي موافج ،ص 289. وهذا ينطبق ايضا على الشهيد الدتور صباح الدرة .
يعد المؤتمر الرابع من اخطر المؤتمرات من الناحية التنظيمية والشرعية وغياب الديمقراطية في حياة الحزب من عام 1934 ، ويشير الرفيق شوكت ( جاء المؤتمر ليشرع الانقلاب الفكري والسياسي والتنظيمي داخل الحزب ، حيث عقد المؤتمر باسلوب تأمري … ويعد اكبر ضربة للشرعية الحزبية ) ص 218 . وكما يؤكد الرفيق عدنان عباس الى ( ان ما تم تدبيره بصورة تآمرية من قبل حلقة ضيقة من اعضاء القيادة الذين استهدفوا اقصاء نصف اعضاء اللجنة المركزية من مراكزهم القيادية ) ص 289. ويوضح الرفيق الدكتور رحيم عجينه ان (انتخابات المندوبين للمؤتمر رافقه نقصا بالغا في مجال تطبيق الديمقراطية … وافراط في البيروقراطية وحرمان القاعدة من انتخاب ممثليها للمؤتمر ) ص 175 . وكما بين الرفيق أراخاجادور الى ( انه مؤتمر لموظفين حزبيين المطلوب منهم المصادقة على وثائق اعدت واقرت على عجل لأضفاء الشرعية على اشخاص اثبتوا ضعفهم وعدم مقدرتهم وعجزهم وخشيتهم ونفورهم من أي محاسبة شرعية موضوعية ) ص 44 .
ان الغريب في المؤتمر ان يحصل عزيز محمد على موافقة المؤتمر بأختيار (10) اعضاء جدد للجنة المركزية وعدم معرفة أي شئ عنهم من قبل المؤتمر او اعضاء اللجنة المركزية ، وتم ذلك تحت غطاء وهمي ومخادع الا وهو السرية في العمل ! !. وان بعضهم تم اختيارهم من العناصر غير المرغوب فيهم واطلق عليهم ( العشرة المبشرة ) ، وهذا الاسلوب اللاشرعي تم لاول مرة بتاريخ الحزب . ويضيف السيد عزيز محمد في اجتماع اللجنة المركزية ( اننا اجتمعنا لكي يلغي نصفنا النصف الآخر )، عدنان عباس ص 290 . انه انقلاب فوقي غير شرعي وتآمري قاده عزيز محمد وفريقه المتنفذ ، حيث اعتمد في المؤتمر الرابع ( مبدأ ) وهو = بقص الحواشي الرخوة = وفي النهاية وبعد ترتيب البيت الداخلي وفقا لرغبات عزيز محمد وفريقه ، تم تسليم قيادة الحزب في المؤتمر الخامس عام 1993 للوريث الشرعي السيد عزيز مجمد .
ان المؤتمر الخامس للحزب ، كان اخطر مؤتمر في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي من الناحية الفكرية – الآيديولوجية ، حيث تم تحويل حزب فهد – سلام عادل من حزب ثوري طبقي الى حزب اصلاحي – ليبرالي وفق شعارات المؤتمر ، التجديد ، الديقراطية … وتم ذلك على غرار مافعله الخائن والمرتد غورباتشوف عبر البيروسترويكا للاعوام 1985 -1991 ، وشعاراتها الجوفاء الكاذبة ،( الديمقراطية ، العلنية ، التجديد …) . وخلال قيادة السيد حميد مجيد ” ابو داود ” للحزب للمدة (1993 -2016) تم تسليم القيادة للسيد رائد فهمي ، وتم تقديم ( العشرة المعصومين ) واغلبهم لا يستحقون ذلك ولم يكن مصيرهم افضل من مصير ( العشرة المبشرة ) ، حيث اغلبهم اليوم خارج التنظيم الحزبي .ان الابتعاد والتخلي عن الثوابت المبدئية قد ادى الى ارباك واضعاف الحزب في الميدان افكري والتنظيمي والسياسي والجماهيري ، والواقع الذي نعيشه الآن وخاصة بعد الاحتلال الاميركي ومشاركة السيد حميد مجيد بمجلس الحكم البريمري الاميركي والاستمرار بالعملية السياسية الفاشلة والمرفوضة من قبل اكثر من 80% من الشعب العراقي ودخول قيادة الحزب في تحالفات سياسية متناقضة مع فكر فهد – سلام عادل ادى كل ذلك الى ( تحول الحزب منذ فترة طويلة الى سفينة بلا اتجاه في بحر هائج ). آرا خاجادور ، ص 119 . وكما يشير ايضا ( ان الحفاظ على اسم الحزب عندهم حاليا هو لضرورة المصلحة ، ولمهمات انتهازية ومن اجل خدمة ” الرسالة الراهنة والعصرية ” للغزاة ، ومن اجل عدم الانكشاف امام من تبقى لهم من جماهير ، وهم يؤجلون موضوع التخلي النهائي الى وقت اخر لاحق …) ص178 . يمكن طرح سؤال مشروع على رفاق واصدقاء الحزب : هل استطاعت قيادة الحزب منذ عام 1964 ولغاية اليوم ، صيانة والحفاظ على وحدة الحزب الفكرية والتنظيمة ، وهل سارت هذه القيادة على نهج سياسة الرفيق فهد -سلام عادل من اجل تحقيق الشعار الرئيس ( وطن حر وشعب سعيد ) .
نؤكد ماقاله الرفيق فهد ، مؤسس حزبنا الشيوعي العراقي عند النطق بحكم الاعدام وفي ليلة تنفيذ اعدامه قال ( ان مات فهد ، ففي العراق فهود) .
المراجع
1- مؤلفات الرفيق فهد ، من وثائق الحزب الشيوعي العراقي ؛ 1934 – 1974، منشورات الثقافة الجديدة ، بغداد .
2- سلام عادل ، سيرة مناضل ، ثمينة ناجي ، نزار خالد ،الجزء الاول والثاني ، بغداد دار الرواد للطباعة والنشر ، الطبعة الثانية ، السنة 2004 .
3- آراخاجادور وسكنيان ، نبض السنين ، ( حول الصراعات داخل الحركة اليسارية والوطنية ، بيروت ، الطبعة الاولى ، السنة 2014 .
4- د. رحيم عجينه ، الاختيار المتجدد ، ، ذكريات شخصية وصفحات من مسيرة الحزب الشيوعي العراقي ، بغداد ، السنة 2009 .
5- شوكت خزندار ، سفر وحطات ، ( الحزب الشيوعي العراقي … رؤية من الداخل ) بيروت ، السنة 2005 .
6- عدنان عباس ، هذا ما حدث ، دمشق ، دار كنعان للدراسات والنشر والتوزيع ، السنة 2008 .
7- صباح زيارة ، اختطاف الحزب الشيوعي العراقي ، دار سلام عادل للنشر ، الطبعة الاولى ، السنة 2014 .
8- د. نجم الدليمي ، رؤية مستقبلية حول ضرورة وحدة الشيوعيين العراقيين ، واقع وافاق الديمقراطية في العراق المرحلة ما بعد عام 2014 ( بمناسبة الدكرى الـ 80 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي ) دار الآداب للطباعة والنشر ،بغداد ، السنة 2014 .
9- د, نجم الدليمي ،لينين والحزب ، (بمناسبة الذكرى 134 عاما على ميلاد لينين ، جرية الطريق ، العدد الثالث عشر ، بغداد 2013 .
موسكو