الثلاثاء, نوفمبر 26, 2024
Homeمقالاتقراءة في المجموعة الشعرية ( مشاهدات مجنون في عصر العولمة ) للشاعر...

قراءة في المجموعة الشعرية ( مشاهدات مجنون في عصر العولمة ) للشاعر حميد الحريزي :جمعة عبدالله

 
يثابر الاديب في تعاطي الابداع السردي والشعري بتألق بارع  , ويقتحم تداعيات الواقع عبر ازمنته السوداء , التي مرت على تاريخ  العراق وجعلته صريع الهموم والنوائب الغزيرة في خجم المعاناة  , يتعامل معها بالطرح والتناول الشجاع والجريء , لذلك  امتلك خاصية مميزة في مثابرته الابداعية , بطرح رؤية فكرية , لا تهاب المحظور وتتجاوز الخطوط الحمراء التي وضعها الالهة المزيفين ,وهذه المجموعة الشعرية , في طرحها الحاد والاستفزازي غير المسبوق تناولها الشعري , تتطرق الى  اهم عصب الحساسة والدقيقة  في القضايا الواقع واشياءه التي اصبحت مخالب جارحة تنزف منها الدماء وحزن ومعاناة  .  يطرحها على المكشوف الى  حد الاستفزاز في الشحن  غير المألوف .  في كشف معاناة وهموم الواقع  واشجانه المريرة والمزرية , التي سلبت روح الانسان ,  ودفعته الى المعاناة القاهرة بالاسى المرير  , نحو  التراجيدية المأساوية في سريالتها الغرائبية , لذلك فأنه يصب جام غضبه العاصف بالتذمر والرافض , بالاستهجان والسخرية والتهكم , ويتقمص سلاح المواجهة والتحدي بالحدة الصادمة  بتسمية الاشياء بأسمهائها الصريحة ومسمياتها  .  ويتعامل بالمثل في الحدية والاستفزاز , مثلما يتعامل الواقع مع الانسان.   ما يطرحه من لغة شعرية ومفردات صادمة في رموزها التعبيرية ,  التي توجه سهامها النارية الى نحر المشاكل والمعضلات الظاهرة والمكشوفة   ,  في توظيف التقطيع المفردة  اللغوية , لتكون المرادف والنقيض , لتكون بمستوى مواجهة  الواقع المزري والمرير, بمستوى الفعل الهجومي , الذي ينهش في سهامه الحارقة , لذا فأن لغته الشعرية تنحت  في الابتكار المعاني المفردات في شكلها الجديد   , التي  يعطيها قوة عميقة في  الرؤية والرؤى التعبيرية الدالة في المغزى البليغ  , لذلك مارس صنعة  الابتكار في خلق المفردات الدالة والعميقة  , لواقع لا يعترف بالتهاون والمسالمة , وانما كل جبروته يجند طاقاته بالهجوم الوحشي على الواقع ,  بغية  التسلط والاستحواذ والامتلاك , ليكون الانسان لعبة ودمية في يديه يمشي على اربع ارجل , او يحوله الى خرفان مطيعة وذليلة , هذه الصيغة الاستغلالية الظالمة  التي تجعل من الانسان  خروف اعمى , وعيون حارسة لامارة الاميرالسلطان القاهر الاوحد والجبار  , ورعيته تكون   دروع بشرية للمحافظة ولاية الامير  .   بأن يبقى صولجان السلطة في يد  الامير الثور , والوزير الحمار , وعسسهم الكلاب والقرود والعجول العاقرة . لينتعش الامير بأنه اصبح السيد المطلق في دولة الحمير , وما على خرفانه العميان , التي عليها   السجود والركوع والتهليل بالمجد العظيم للامير الثور المبجل , المنصور بالله , الذي اصبح وصي ووكيل الله على العالم , بل اصبح سيد العالم بالمطلق ( عاش الامير … مات الخفير / كلنا حمير . كلنا حمير )  , هذا ما تلمسه بالحقيقة المرة , من مشاهدات  المجنون ( الحكيم / البصير ) في مشاهدته في عصر العولمة في دولة الحمير . التي خرجت عن المألوف والمنطق . في واقع ينهق ويعوي فيه  الخراب ,  والفرهدة بالعلس واللحس , كأننا امام  غابة وحشية يسيطر  على مخانقها الذئاب والكلاب  , واقع محموم بالصداع الدولار الاسود ,  وصولجان الكرسي , في امار الامير الذي يحكم بامر الله . في شكل العولمة الجديدة , التي هي بين فئتين . الطاحن والمطحون  , الحاكم والمحكوم .  المتجبر والمتغطرس  والذليل . الناهب والمنهوب . الرابح والمنحوس . الجلاد والضحية , المتخم والجائع . هذه بركات ديموقراطية  العولمة , التي تحولت الى  الدم / قراطية , بين الرأس والذيل . انه عالم يتعدى حدود العقل والمنطق . الى السريالية المجنونة ,
أنا شاهد عليها
تحت ظلال رماح القصب الصفراء
ضفادع لها فحيح , تزدرد الافاعي
أنا شاهد عليها
خراف عمياء تحرس  الراعي
هذه اشجان وشجون الواقع المأساوي ,  ان يكون الضحية الحارس الامين والمفدى لجلاده والسفاح  القاتل . ان يسجد تحت ( نعال ) ناهب رغيف خبزه وعيش اطفاله , او يكون ضمن جحوش العسس ,  يحمي الحرامية واللصوص ان ينهبوا بيته وعرضه وشرفه  , وهو يغني بالتبجيل والفرح العظيم ,  لانهم يدفعونه الى الجحيم , هذه العولمة التي بشر بها الالهة العميان . ليكون الواقع عبارة عن التراجيدية الكوميدية , تضحك عليها حتى  الامم الجاهلة ,  بالسخرية والاستهجان , لغبائها الابله الذي ضرب به رقم قياسي ,  بفعل مطر الدولار الاسود ,    الذي دفن   الاخلاق والقيم واصول الدين , تحت فيضان  المطر الدولار النفط  الاسود . لتكون دولة الامير عبارة عن حفلات التهريج الايروسية , في السفاهة والدعارة
 
غجرية ثملى
تنشد لحن ( الهجع )
من فوق مئذنة الحي
المزينة بالدولارات النفطية
هذه امراض العولمة التي تحولت الى وباء خطير يفتك في دولة الحمير ,  بالخراب والدمار . ولكن لا يهم هذا الخراب حتى لو كان على تلال من  الجماجم , طالما الخرفان العمياء ,  تؤدي صلاة الطاعة وسجودها للجلاد الامير وعسسه من  الكلاب والضفادع والقرود والعجول الثيرانية العاقرة . فكل شيء يطرب الامير ويجعله يزهو بعلامات النصر العظيم  . فهو الفاعل , والرعية  مفعول بها  ,  وفي حضرة الامير . فكل شيء ملكه يتصرف بما يشاء ويرغب , ولا يمر احداً إلا عبر ( قضيب ) الامير , فما اروع هذه   النعمة ,  وهذه  البركات  آلهية في دولة الحمير . فلا ظلم ومعاناة بعد اليوم . كلهم خصيان
وسموا بأسم وكيل ( الرحمن )
من بركاتنا
جعلناكم خصياناً
لا تحزن
نساؤكم سيطؤها سيدنا
اعفاكم من الشقاء
نكاح النسوان
لا ظلم بعد اليوم
للكل حق ب : –
قضيب السلطان ؟؟؟
—————
تتزين صدورهنَّ
بقلائد مرصعة بكرات
من بزار السلطان
نساء
لا تنجب إلا بأمر من ( قضيب ) الوالي
 
هذه المهازل في دولة  الحمير , التي تنغمر بالفرح  في مهرجانات الخرافة والشعوذة بغياب العقل , طالما ان دولة الاميرشريعتها السمحاء ,  دونت في ابجديتها   بالجهل والغباء ,  وفي اطلاق  الفتاوى المعتوهة بغشاء البكار ( الصينية )  , التي تجاوزت اعلى مراحل الغباء . امة ضحك من جهلها وغبائها الامم العالم ,  ان ترعى  الاباحية  , من اجل بناء مجتمع الحلم الالهي  , لذا لابد التقييد بوصايا الامير وكيل الله , للابتعاد عن الشذوذ والاباحية  الشيطانية  , عندما يكون ( الخيار ) فوق ( الطماطة ) انها  ( بورنية شاذة )  تعصف بالقيم ومعايير الاخلاق  التي لا تخدم  دولة الحمير , وتهدد عقليتها السليمة الصافية بالايمان والتقوى  الديني  , تهدد  الثقافة  والتعليم , تهدد في  الابعاد عن  التطور والتكنولوجية البخورية الزعفرانية  .
في قاعات الدرس
تعلمنا فن الخطابة أخرس
ومتسول أعمى
يعلمنا فن ادخار الفلس
وشيخ الحي
يعلمنا فنون المنكر والرجس
كأننا امام عولمة الجنون
هذه دولة العولمة المباركة , التي هي عبارة  عن ناكح ومنكوح ,  في دولة وكيل الله على الارض , واطاعته فرض ملزم وشرعي  , من اجل اقامة دولة العدل الالهية , فعلى الخرفان العمياء الالتزام بالممنوعات والمحظور , من اجل نقاوة دولة الامير من الشوائب  , اذا اعطى الضوء الاخضربالسماح  بالقتل بالشوارع واي مكان مسموح ومكشوف بأمر شريعة الله , وعلى الرعية التشدد في وصايا الامير المباركة
ممنوع
أحتضان
المطرقة للمنجل
محظور
وضع ( الخيار ) في الاعلى
و( الطماطة ) في الاسفل
ممارسة الموت
في الشارع مقبول
أما الفرح
محظور حتى
خلف الباب المقفل
إياك
 ان تبتل ريقكَ
ب ( المنكر )
هذه الدولة الرشيدة والنزيهة والعفيفة , سادنها وربان قبطان  سفينتها ( القواد) الذي يتحمل مسؤولية عظيمة في ترتيب مهرجان النكح والمناكحة بأمر الامير . ان تقام هذه الصلاوات في ملعب الفئران الامير. من اجل رفع الهتاف العظيم ( عاش الامير . كلنا حمير ) الاله الاعظم مانح الحياة والموت , فهو الرب الاعلى والسيد الاعلى , ووكيله ( القواد ) المبجل ,  ينفذ اوامر الامير ,  وكيل الله على الارض
أنا اللاعب
و ( القباب ) كراتي
أنا الاكبر
أنا الاقدر
من له قوة دفقاتي ؟؟
من له ها ( المرود ) ؟؟
أنا صوت ( القواد ) وربان
المقود
أنا السيد الاعلى
أنا الاله الاعمى
أنا راعي القطيع الاسمى
أنا الاول أنا الاخر
أنا الوحيد الاوحد
أنا المعبود وأنا المعبد
الاعمار بيدي
الديار بيدي
الاقمار أقماري
أنا الهادي  والمهتدي
هذه هي معجزة مطر الدولار الاسود , الذي روض عقلية الامير , ان يكون الاله الاوحد ,  لدولة الخرفان العميان , وحارسه الامين الذئب , الذي يتسلى في لحوم البشر , من اجل ادامة دولة الامير الى الابد , او باقية رغم انوف الجميع  ( دولة الخلافة باقية , دولة الطائفية باقية ) ,  ولم تتوانى في قلع العيون ,  وارسال فراميل الموت , من اجل استمر المطر الدولار النفط  الاسود
مطر الدولار
لا يعرف لونا
ولا يعرف عنواناً
صرنا
أرقاماً
ما عدنا نتعارف
بالاسماء
 لا معنى للغيث ِ
صار
 مطرنا اسوداً
والرعد
ناراً ورصاصاً وعواءً
 كذلك يعرج الشاعر الى محنة المطرب الشعبي الكبير ( حسين نعمة ) في محنته الانسانية والعائلية , بأن سدت ابواب الحياة في وجهه ظلماً وزوراً , وصار يطرق ابواب اليأس  .
صار مرتعاً
ل ( الطناطل ) والافاعي
رد ( أبن نعمة )
مكسور الخاطر
يطرق ابواب اليأس
يبحث عمن هتك
أسراره
( رديت ……. وشرديت …. باب باب ادك)
غادر النجم سماءنا
إدلهمت ليالينا
ومات القمر
كما اعرج على ذكر المناضل الشهيد ( خالد أحمد زكي  )  جيفار الاهوار ,  مهندس ترك العيش والرفاه  في لندن , ورجع الى العراق لينقذه من المحرقة البعثية , في تفجير الانتفاضة المسلحة في الاهوار عام 1969  , لكنه حلمه لم يتحقق , فقتل مع رفاقه , بعد مقاومة بطولية
يا ( خالد ) مازال دمك
يجري
يطارد
من اعانك
ومن خانك
صوت البط
ورقصات ( البربش )
زنابق الاهوار
واغاني الصياد
المقهور
يا خالد
يا بن ( عشتار ) و ( جلجامش )
هذه مشاهدات المجنون ( الحكيم / البصير ) في دولة الامير المبجل العظيم . التي تعيش الفرح والابتهاج على صوت ألحان نهيق  الحمير ,  وعواء الكلاب , في الدولة المباركة الالهية  ( عاش الامير . كلنا حمير )
مجموعة الشعرية ستحرك المياه الراكدة بالهيجان والاستفزاز . في قصائدها  الحادة والشرسة في مواجهتها الواقع المنكوب . مجموعة شعرية قدم مقدمتها الرائعة ,  الشاعر  السماوي الكبير .
× المجموعة الشعرية : مشاهدات مجنون في عصر العولمة
× المؤلف : حميد الحريزي
× الطبعة الاولى : عام 2019
 
 
RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular