الربيع العربي بعيون الخطيب
عباس راضي العزاوي
للخطيب عين متفردة في قراءة الواقع يرسم الحدث ببراعة فاخرة وينثره امامك بألوانه المختارة بعناية ودراية واضحة كمزارع ماهر يمتلك أدوات تنسيق الحقل الفني والإنساني ويجيد التحكم بمساحاته وألوانه ، حتى لتشعر وانت تشاهد لوحاته وضوح الرؤية والرسالة التي يروم تقديمها للمتلقي، وانا كمتابع لا يدرك بالضرورة أسرار الفن التشكيلي أو مدارسه لم أجد اي صعوبة في فهم النصوص المنقوشة في لوحاته الإحدى عشر، فهو قد عودنا دائما على ارتباطه وشغفه بالجذور واشكالياتها الكبيرة ، فهاجسه الدائم كان هو الحنين للأرض، للوطن، للمكان الأكثر أمنا وسكينة، اما في معرضه الاخير الذي تشرفت بزيارته مع نخبة من الإعلاميين والكتاب العراقيين وابناء الجالية العربية والفنلنديين، فقد خدعنا هذه المرة بضربة فنية مغايرة وجديدة، تناول فيها موضوعة الربيع العربي بعيون مغترب يتحسس عن بُعد الخراب الذي حل بدول المحيط العربي والبيع العلني للاوطان وحتى هذه الجزئية لم يغفلها فناننا الخطيب ورسمها كنسبة للتخفيضات التي حددت سعر الوطن، وكان للعراق السبق بنسبة 90% على باقي الأوطان التي حولتها الحروب الى اطلال وخرائب ومشردين وقتلى واجساد طرية تُباع في سوق النخاسة والسياسة الداعرة التي قادت المنطقة الى الهلاك، والتي عبر عنها الخطيب بالراقصات وبنات الليل والاجساد الرخيصة.
العراق وسوريا وليبيا واليمن وحتى فلسطين كانت حاضرة باعلامها كمادة أساسية في ثيمة المعرض، الذي ضم مجموعة جميلة ومعبرة والذي أقيم وسط العاصمة الفنلندية هلسنكي.
في الختام اتقدم بالشكر الجزيل للفنان المتميز والدؤوب عبد الأمير الخطيب على دعوته الكريمة لزيارة معرضه والحفاوة التي استقبل بها ضيوفه والابتسامة المشرقة التي لم تفارقه ابدا، الف مبروك لفناننا الكبير هذا النجاح المستحق ونتمنى له المزيد من الإبداع والتألق.