على خلفية الموقف البرلماني في العراق، المنقسم بين مؤيد ومعارض لـ “قانون إخراج القوات الأميركية” من البلاد، ركزَ تقرير صحيفة “الأندبندنت”، السبت، على فحص المزاج الراهن لسكان محافظتي الموصل والأنبار، وتحديدا في مسألة المفاضلة بين تموضع قوات عسكرية أميركية أو حشد شعبي. فبينما يتركز الوجود الأميركي في قاعدة عين الأسد الجوية في ناحية البغدادي غرب الأنبار، يتمركز بعض المستشارين الأميركان في ناحية القيّارة جنوب الموصل.
“الموصل قبل وبعد غرق العبارة”
وذكر تقرير الصحيفة الذي تابعه “ناس” اليوم (6 نيسان 2019) أن “معظم السكان الأنبار يصطفون خلف موقف واحد هو ضرورة بقاء القوات الأميركية في المحافظة”، وعزا التقرير حرية حركة القوات الأميركية في الأنبار والموصل إلى “ارتباطهما بحدود مشتركة مع سوريا، على النقيض من مدينة تكريت التي تمتاز بحدودها المغلقة بمدن عراقية أخرى.”
وأضافت أن “حالة من التذمر والمعارضة من بقاء قوات الحشد الشعبي في الموصل بدات تسود من أوساط برلمانية، وعشائرية وخصوصا بعد حادثة غرق العبّارة في الموصل، حيث صار السكان يتحدثون بصوت مرتفع عن ضلوع بعض قادة عصائب أهل الحق في المدينة في عمليات فساد داخل المحافظة، وحتى بعد إقالة المحافظ بقيت الأحاديث تدور بين الناس على القضية ذاتها، ولا يبدو أنها ستهدأ في القريب العاجل”.
وبحسب الصحيفة فإن أحد سكان مدينة الموصل، حامد ريحان، يقول: “في السابق كنا نخشى الحديث عن القضية، وحتى عند وقوع مشكلات أمنية أو تفجيرات كنا نعرف أسبابها، وندري أن الصراعات داخل الموصل لن تنتهي. واليوم، بتنا أكثر جرأة في الحديث عما يدور في المدينة”.
وتابعت الصحيفة أنه “قبل أكثر من شهر انطلقت شائعة في مدينة الموصل مفادها أن الحكومة ستُقيل قائد عمليات نينوى نجم الجبوري، الذي يحمل الجنسية الأميركية وتقيم عائلته في الولايات المتحدة، فسادت حالة تذمّر وتحرك بعض وجهاء المدينة بغية إيقاف الأمر، ليتضح لاحقاً أنها محض شائعة ولم يصدر أي أمر رسمي بالإقالة. ويُعتقد أن القوات الأميركية التي لا يتجاوز عددها العشرات في مركز الموصل، هي التي أطلقت الشائعة لمعرفة مدى تمسك الأهالي بالجبوري المقرّب منها”.
ويضيف ريحان أنه “على الرغم من تذمري في بداية الأمر من وجود القوات الأميركية، فأنا اليوم أشعر بالارتياح حينما أرى المنطاد الكبير، الذي يحمل كاميرات كبيرة، معلّقاً في الهواء في منطقة القصور الرئاسية، لشعوري بوجود قوة توازنُ وجود الحشد في المدينة”.
“الأنبار ..ممكنات تصحيح الأخطاء”
وفي الأنبار نقلت صحيفة “أنبندنت” قول أحد شيوخها، محمد علي سلمان وهو أحد القادة الميدانيين لقوات الصحوة ويعمل مستشارا ضمن هيئة الحشد الشعبي، حيث يقول إن “عودة القوات الأميركية إلى محافظة الأنبار هي تصحيح للأخطاء التي ارتكبتها أثناء مغادرتها العراق، والسبب أن العراق لم يكن قد تعافى بعد لتخرج منه في العام 2011، فقد كان وما يزال بحاجة إلى قوات محايدة تتولى مهمة الملف الأمني”.
ويضيف “بحكم كوننا قوات عشائرية تصدت لتنظيم القاعدة، نجد في دعم القوات الأميركية لنا في مقاتلة تنظيم داعش أو أي جماعات مسلحة أخرى، دعماً جدياً يختلف عن دعم الحكومة العراقية، التي ما تزال تتعامل معنا على أننا مقاتلون من الدرجة الثانية، ولا تمنحنا أي صلاحيات أو تجهيزات، ووفق هذا، أسعى منذ سمعت بإمكان عودة القوات الأميركية إلى العراق، إلى التواصل معها للعمل معاً من أجل استقرار المحافظة”.
ووفقا للصحيفة فإن “معظم سكان الأنبار يحملون رؤية الشيخ سلمان ذاتها، منهم ياسين إبراهيم الكبيسي، وهو رجل سبعيني يقطن في مدينة الفلوجة ويتابع بارتياح الأخبار التي تحدثت عن عودة القوات الأميركية من سوريا إلى العراق. إذ أصبح المواطنون في الفلوجة يرون أن تلك القوات بمنزلة بيضة القبان التي توازن بين القوى المختلفة في المدينة”.
يقول إبراهيم الكبيسي: “كنت أرفض أي وجود أجنبي على أراضينا، لكن بعدما بدأت الميليشيات المسلحة والحشد الشعبي يتدخلان في كل صغيرة وكبيرة في الجوانب الأمنية، والاجتماعية والدينية، صرتُ أشعر أن القوات الأميركية هي القوة الوحيدة التي يمكن أن تحمينا”.