يندر أن تجد عربيا, لم يشاهد مسرحية ” شاهد مشافش حاجة” للمثل المصري الشهير عادل إمام.. والتي عرضت في زمن, كان للمسرح فيه رسالة, وكانت الكوميديا حينها حقيقة, وليست تهريجا رخيصا أو سخافة ممجوجة, كما نراها في غالب ما يعرض هذه الأيام.
من طريف مواقف تلك المسرحية, دور الشرطي” حسين” الذي يجعل منه ” البطل– عادل إمام” شاهدا صامتا متفرجا فقط, على ما يدور من حوله.. ويكتفي بالكتابة وتسجيل ما يقال له أن يكتبه, رغم “الشحن” الذي يمارسه عليه البطل مما يدفعه نحو الإنفجار بوجه الضابط الكبير, لكنه بحكم الإنضباط الذي ” أجبر” نفسه عليه ” والتعود” على السكوت, يصل الحافة ولا يجتازها.. وربما يكون كل ذلك بأمر المخرج.. من يدري!
رغم ضحكنا وسرورنا وتفاعلنا مع موقف الشرطي” المسكين” الصامت.. لكننا كلنا في حقيقتنا يكون “صامتا متفرجا” في بعض المواقف, التي تتطلب أن نتكلم, خصوصا إن كانت تمس حياتنا شخصية كانت أو عامة, بل وحتى لو كانت المواقف تمس حقوقنا ومستقبلنا.
أحيانا يتطور موقفنا, فلا نكتفي بأن نكون شهود زور صامتين, بل ونشارك في التزوير, دون أن تكون لنا منفعة منه.. بل نفعلها ونحن مستيقنين أن مشاركتنا تلك ستعود علينا, بأسوء الضرر!
نماذج عديدة أكثر من أن تعد لسلبيتنا الصامتة.. فلازلنا نستقبل بالأحضان مسؤولين “فاح” فسادهم, حتى جاوز كل قدرات العطور الفرنسية المستوردة لحسابهم خصيصا.. ونعيد إنتخابهم مرة بعد أخرى.. أو نتقاعس عن المشاركة أصلا بحجة المقاطعة, أو عدم تأثير الصوت الواحد, ونحن نعلم يقينا أنهم يفرحون بل ويشجعون تقاعسنا هذا.. ونكتفي بان نشتمهم في صفحاتنا الشخصية.. فيالنا من شجعان!
نشاهد من يسرقنا, ومن يتجاوز على القانون ..بل نخالف القانون بأنفسنا, وبإصرار دائم ومستمر, بحجة أن النظام فاسد, ونحاول سلب حق بعضنا البعض, في أبسط القضايا, حتى في الدور أمام فرن الصمون.. بحجة أن الدولة فاشلة, وأما إن وفقنا وكنا ممن لا يخالف القانون, فنحن ممن يكتفي بالصمت أو يكتب.. أو لا أفعلها أنا معكم الأن, وأكتب فقط!
يبدوا أن سلبيتنا, ووقوفنا على التل للتفرج, هو أهم سلاح يستخدمه ناهبوا بلدنا ومستقبلنا, ضدنا, ومن الواضح أننا نحن من صنع السلاح وسنه وحده, وسلمه بيديه على طبق من ذهب لإعدائه.. ولا تظهر في الأفق, أي مؤشرات, أن هذا الحال سيتبدل قريبا.. وسنظل جيلا يكتفي بالكتابة!