شهدت الأيام الأخيرة التي سبقت سقوط العاصمة الألمانية برلين في قبضة السوفيت أواخر الحرب العالمية الثانية العديد من عمليات الإنتحار في صفوف القادة النازيين الذين فضّلوا الموت على الوقوع أحياء في يد الجنود السوفيت.
وكقائده أدولف هتلر الذي لجأ للإنتحار يوم 30 نيسان/أبريل 1945 رفقة عشيقته إيفا براون (Eva Braun) التي تزوجها قبل يوم من موته، اتجه وزير الدعاية الألماني جوزيف غوبلز (Joseph Goebbels) وزوجته ماغدا غوبلز (Magda Goebbels) لإنهاء وجود عائلتها عن طريق قتل أبنائهما الستة ووضع حد لحياتهما.
من خلال زواجها الثاني بوزير الدعاية الألماني والرجل البارز بالحزب النازي جوزيف غوبلز سنة 1931 رزقت ماغدا غوبلز بستة أبناء. وبسبب إعجابها وتأثرها الشديد بشخصية القائد النازي أدولف هتلر عمدت هذه المرأة لتسمية أبنائها الستة بأسماء بدأت بحرف H تشبها بلقب هتلر (Hitler) الذي يبدأ بنفس الحرف.
كانت هيلغا (Helga) أكبر بنات ماغدا وجوزيف غوبلز حيث ولدت الأخيرة سنة 1932. وفي حدود سنة 1934 رزق هذان الزوجان بإبنتهما الثانية هيلدغارد (Hildegard) وسنة 1937 ولدت الطفلة الثالثة هولدين (Holdine) وبعدها بسنة واحدة رزقت ماغدا غوبلز بإبنتها الرابعة هيدفيغ (Hedwig). وخلال الأشهر الأخيرة من عام 1940، ولدت هايدون (Heidrun) خامس بنات عائلة غوبلز وأصغرهن. وإضافة لبناتهم الخمسة رزق وزير الدعاية وزوجته بطفل واحد من جنس الذكور سنة 1935 سمي بهيلموث (Helmut). وقد كان أبناء جوزيف غوبلز الستة مقربين من القائد النازي أدولف هتلر الذي عرف بحبه الشديد للأطفال.
أثناء الأسابيع القليلة التي سبقت استسلام ألمانيا، اصطحب الزوجان غوبلز أبناءهم الستة نحو ملجأ الفوهرر (Führerbunker) ببرلين لمرافقة أدولف هتلر خلال أيامه الأخيرة. فضلا عن ذلك، وضع جوزيف وماغدا غوبلز خطة لقتل أبنائهما وإنهاء حياتهما خلال الفترة التي ستلي انتحار أدولف هتلر حيث أكدت ماغدا غوبلز، والتي لقبت بالسيدة الأولى لألمانيا النازية، للعديد من المقربين منها وعلى رأسهم وزير التصنيع الحربي ألبرت شبير (Albert Speer) أنها لا ترغب في أن يعيش أطفالها في عالم يخلو من عمهم هتلر والنازية
مع احتدام المعارك حول برلين، عرض الطبيب الألماني كارل غيبهارت (Karl Gebhardt) على جوزيف غوبلز خطة لنقل أبنائه إلى مكان آمن خارج العاصمة ولكن وزير الدعاية الألماني رفض ذلك مؤكدا على ضرورة بقائهم بالقرب من هتلر خلال هذه الأيام الصعبة. وطيلة فترة تواجدهم بملجأ الفوهرر ببرلين كان أبناء غوبلز مقربين لدرجة كبيرة من أدولف هتلر حيث لم يتردد القائد النازي في قضاء أوقات طويلة برفقتهم.
على إثر حادثة إنتحار أدولف هتلر وإيفا براون يوم 30 نيسان/أبريل 1945, اتفق الزوجان غوبلز على إنهاء حياة أبنائهم الستة. وخلال ساعة متأخرة من نفس ذلك اليوم، قدمت ماغدا غوبلز بمساعدة الطبيبين هيلموت كونز (Helmut Kunz) ولودفيغ شتومبفيغر (Ludwig Stumpfegger) مشروبا مخدرا تكون أساسا من المورفيين لأبنائها بعد أن أوهمتهم بأنه دواء مضاد للسعال. وعلى إثر خلودهم للنوم، أقدمت ماغدا غوبلز أثناء الساعات الأولى لأول يوم من شهر أيار/مايو 1945 على تسميم وقتل أطفالها الواحد تلو الآخر بإستخدام كبسولات السيانيد.
وخلال النهار، لم يتردد وزير الدعاية جوزيف غوبلز وزوجته في وضع حد لحياتهما بطريقة مشابهة لتلك التي انتحر بها أدولف هتلر خلال اليوم السابق حيث أطلق جوزيف غوبلز النار على زوجته وأجهز من بعدها على نفسه برصاصة بعد أن أمر عددا من الحراس بحرق الجثتين.
بعد يوم واحد من هذه الحادثة، ذهل السوفيت عقب دخولهم لملجأ الفوهرر حيث عثر الجنود على الأطفال الستة جثثا هامدة بإحدى غرف النوم كما اكتشفوا جثتا كل من جوزيف وماغدا غوبلز المتفحمتين بشكل جزئي.