(1) عيد راس السنة الايزدية (سرسال)
ينتقل كوكب الارض في دورانه حول الشمس في حركات ومواقع ومدارات متعددة وينتقل في الافلاك حول النجوم والابراج, ويتداخل حركة الارض في مدارات الكواكب الاخرى يحدث عنها اقترانات فلكية وكوكبية لها تأثيراتها الكبيرة على حياة الانسان منذ وجده على كوكب الارض .
يدخل كوكب الارض الى الحركة الاعتدالية بتاريخ (21/3)عند الدخول الى برج الحمل في يوم 21 مارس اذار, تكون اعتدال ربيعي بزاوية تساوي صفر درجة, ويقول بعض العلماء أن الاعتدال الربيعي يبدأ بين برج الحوت والحمل في اللحظة الفاصلة بين البرجين.
في أول أربعاء من شهر نيسان هو عيد تذكير الإنسان الإيزيدي(الكردي) ببدء الحياة على كوكب الأرض وبداية التكوين(الخلق والخليقة) في الاعتقاد الإيزيدي. وهي عيد (طاووس الملائكة)و نزول(ملك زان) وظهور النباتات والكائنات على سطح الأرض, وظهور الكائن البشري عليها, وفي عرفات العيد يذهب رجال الدين إلى لالش لإحياء وأداء مراسيم السما وإيقاد الفتائل في الباحة الخارجية في(سوق المعرفة)من قبل الحاضرين.
ان تحريم الزواج لدى الايزيديين في شهر(نيسان) لنزول الملائكة الى الأرض وهو عيد بداية الحياة ونزول الروح (لالش)(لي لش) إلى الأرض وتجددها بنزول الملاك. وكان تحريم الزواج قائما في العهود السومرية والبابلية والاكدية والمثرائية ولدى الكثير من أقوام وشعوب بلاد ما حوض ما بين النهرين, وتحريم قائم لدى الايزيديين الى اليوم.
يعتبر رأس السنة الايزدية (سرسال) عيد طاؤوس الملائكة ايزيدياً، بما يحمله من معاني مثرائية وسريانية وايزدية في الطقوس، إنعكاساً وإستمرارا لعيد (زاكموك – أكيتو) مما لا لبس فيه, ويمكن القول بأن الايزيدية هي التي احتفظت أكثر من مسيحيي العراق (الكلدانيين والآشوريين) بطقوس وعادات هذا العيد المثرائي (السومري – البابلي) الممتد في أعماق تاريخ وظهور الانسان على الارض وذلك من خلال التجليات التالية: ـ
(1) ـ منع الزواج وحفر الأرض في شهر نيسان الذي يعتبره الايزيديون عروسة الأشهر
(2) ـ سلق وتلوين البيض, وما لها من معاني تتعلق بخلق الكون والخليقة بعد خلق الكون في انفجار الدرة البيضاء , وكان جز صوف الماشية والأغنام، حيث كانت تجري عملية جز الصوف لتاريخ قريب في قضاء الشيخان والقرى التابعة لها, وكذلك في قصبتي بعشيقة وبحزاني على أنغام الدف والشباب.
(3) ـ تعليق شقائق نعمان مع قشور البيض على واجهات البيوت، انه استعداد الانسان الايزدي والقديم في انتظار حادثة او شيء ما, والتي كانت تسمى في زمن البابليين بـ (نيشان)تدل على الكرامة , وكذلك الاحتفال بعيدين الأول (سرسال) في شهر نيسان، والثاني (الجماعية) نهاية أيلول/ بداية تشرين الأول, تقديم القرابين والنذور.
(4)ـ المهرجانات (الطوافات) والأعياد التي تقام في جميع القرى الايزيدية هي تعبير على بداية السنة الجديدة وبدء وتجدد الحياة على الارض من طوافة بعشيقة وبحزاني.
حسب الميثولوجيا الايزدية تعود الديانة الايزدية الى أكثر من مائتي الف سنة حسب النصوص (الاقوال) الدينية الايزدية أي الى زمن النبي نوح , وحتى يذكر في بعص النصوص الدينية, ان الايزدية تعود الى زمن ادم وبدء الخليقة.
اما تاريخيا عرف البشرية مصطلح الإيزيدية في الكتب السومرية على الرقم الطينية التي اكتشفها المستشرقين (ئى زى دى)التي تعني السير على الطريق المستقيم, والغير الملوثين إشارة إلى الإنسان وعمله وسيرته في هذه الدنيا, وتعود الى اكثر من سبعة الاف سنة.
أن تلوين البيض في هذا العيد وبألوان الزهور والورود, هي تأكيد وإشارة على لبس كوكب الأرض حلتها, ونمو النباتات والزهور على سطحها. وبدء حياة جديدة في سنة جديدة, ان البيض هي أشارة بدية كل كائن في هذا الكوكب, وأن البيضة ترمز إلى الدرة البيضاء والتي منها تكون منها الكون.
ويرمز البيض أيضا إلى الولادة وانبعاث الحياة. و حلول عام جديد، وان سلقها ربما هي اشارة واضحة لتجمد سطح كوكب الأرض والقشرة الأرضية, لأن الكرة الأرضية في بداية تكوينها كانت كتلة ملتهبة وسطحها كان مائعا وشديد الحرارة وبعد ملايين السنيين تصلبت قشرتها الخارجية وتجمد سطحها وتقدر عمر كوكب الأرض والمجموعة الشمسية بنحو(4700)مليون سنة أرضية, حسب التقديرات الفلكية والعلمية .
(2) عيد رأس السنة البابلية – الآشورية (أكيتو)
إن رأس السنة البابلية والمعروف باسم أكيتو، الذي يصادف يوم 21 آذار فى التقويم الميلادي ويوم 1 نيسان بالتقويم البابلي القمري، تشير النصوص البابلية المحفوظة إلى استمرار الاحتفالات لمدة 12 يوماً متتاليين، حيث تبدأ من 1 نيسان حتى 12 نيسان وفقاً للتقويم البابلي، وأحياناً لمدة 11 يوماً، ويشير بعض الباحثين إلى مغزى رمزية الرقم 12 المقدس وأهميته واستخداماته المختلفة، فهو يمثل أشهر السنة، وعدد الأبراج الفلكية، بالإضافة إلى ارتباط العيد بالقمر ودوارنه اثنا عشرة دورة قمرية محورية لاسكتمال دورته الشهرية حول كوكب الارض.
المدوّنات السومرية الأثرية، والألواح المسمارية المحفوظة فى متحف لندن، تشير إلى أن الاحتفال هو اعادة اخراج الاله “نابو” لوالده الاله “مردوخ” من العالم السفلي، الذي كان وفقاً للاسطورة يختفي لمدة يوم أو يومين في جبل يسمى (خرشانو) وهو من أسماء العالم السفلي، وكانت الأهالي قديماً تقوم بمشاهد تمثيلية لإحياء هذه الميثولوجيا بضرب بعضهم حتى يسيل الدماء مثلما سال دماء مردوخ فى العالم السفلي، ثم تبدأ رحلة ابنه نابو بالبحث عنه خلال اليومين، وعند العودة إلى الحياة مرة أخرى يرجع للمدينة ويقوم الأهالى بالاحتفالات فرحاً برجوعه.
كان للبابليون تقويماً خاصا بهم يبدأ من (21) آذار(شيكركو)السومري وكان عنده (1) نيسان (نيسانو) أي أن شهر نيسان عندهم لا يطابق شهر نيسان الحالي في تقويمنا بل يطابق(21)آذار في تقويمنا وهو بداية السنة عندهم وكان يعرف عيد رأس السنة عندهم يسمى بـ (آكيتو)وهي كلمة بابلية ذات جذر سومري وأقدم صيغة لها جاءت بحدود 2500 ق.م وعلى شكل (آ- كي- تي) تعني الماء والتراب والحياة، فيكون بذلك معنى الكلمة كاملاً (قدوم حياة جديدة الى الأرض) وأن طقوس الربيع والمطر وعيد تجدد الحياة تعود إلى فترة حضارة سامراء في الألف السادس قبل الميلاد حيث شكلت هذه الطقوس بذرة العيد الأكبر آنذاك. كانت مدة العيد إثنا عشر يوماً (أي بعدد أشهر السنة) تبدأ من الأول من نيسان وتنتهي في الثاني عشر منه. ففي بداية هذه الأعياد من كل سنـة جديدة يأتي الإله نابو من معبد (ايزيدا) في بورسيبّا (برس نمرود) لزيارة والده الإله مردوخ في بابل. كان الاحتفالات يعرف ببيت (الأكيتو) يقع خارج المدينة كما في الوركاء وآشور وبابل, كانت الأيام الاربعة الأولى فيها, لتقديم الضحايا والقرابين وتعيين درجات الكهنة وقراءة ملحمة الخليقة البابلية, وفي اليوم الخامس يحمل تمثال الإله نابو من بورسيبا إلى بابل في سفينة مذهبة, وفي اليوم السادس تجرى محاكمة الملك ونزع شاراته الملكية في معبد الإيساجيل في بابل ويسحب من أذنيه حتى يركع أمام الإله ويؤدي الدعاء. وفي اليوم السابع تمثل دراما محزنة لموت الإله وصعوده إلى السماء وتسود الفوضى في المدينة حيث تجري عربة هائجة في شوارع بابل, بسبب غياب مردوخ ويُنصّب ملك مزيف للحكم في هذا اليوم. وفي اليوم الثامن يعود مردوخ إلى الحياة وتنظم بعودته الأشياء وتجتمع الآلهة في مخدع المصائر ويقررون مصائر البشر للسنة الجديدة، وتعاد شارات الملك إلى الملك الحقيقي ويسير الكهنة في موكب نحو بيت الأكيتو خارج المدينة ليمكثوا ثلاثة أيام لتمثيل دراما رمزية للخليفة, وفي مساء اليوم الحادي عشر يعود الكهنة إلى المدينة ويدخلون المعبد ويقضي الإله مردوخ ممثلاً بالملك ليلة مع الكاهنة العليا في معبد الإله, وفي اليوم الثاني عشر تغادر الآلهة بابل, وتنهي العيد الذي استمر (12) يوما.
للنار دلالات روحية دينية عميقة وكبيرة ترتبط بالديانات والمعتقدات التي كانت شائعة في آسيا ولدى شعوبها (الهندية – الأوروبية)، وفي الديانة الزرادشتية التي بشر بها النبي زرادشت على قدسية النار وهو النور والضوء. وهي في نفس الوقت ذات علاقة دينية بالشمس باعتبارها مصدر النور والحياة على الأرض، ويبقى نوروز رمزاً قوياً ذات دلالات دينية وحياتية كبيرة . ويمكن أن نجد صلة عميقة ما بين المعتقد الديني لذلك العصر وبين الشعب الإيزيدي (الكردي), من خلال الترابط الجدلي بين النار ونوروز(يوم جديد) ابتداء من تأسيس أول دولة كوردية (ميديا), وحتى قبل (ميديا) بآلاف السنين كان يمارس هذا العيد(نوروز) لدى الشعوب الارية في حوض بلاد ما بين النهرين, وحتى في روما وأواسط اسيا,كانوا يحيونها, مثلما يحيونها الان في دول ولدى شعوب كثيرة .
كان في الأول من نيسان من كل عام يحتفل بها الشعوب( البابلية , الكلدانية , الآشورية)في مناسبة دينية عظيمة هي عيد (أكيتو)(زكماك)(نوروز)(سرسال)
(3) رأس السنة الكوردية ــ الآرية نوروز (اليوم الجديد)
رأس السنة الميدية والزردشتية الكردية, نوروز (اليوم الجديد) انه تجدد للحياة, وتذكير جميع الشعوب الآرية في التمسك بالأصل والعادات والتقاليد والطقوس الدينية العريقة, ولا يمكن أن يتخلى عنها أبدا مهما تغيرت الأفكار والمعتقدات والاديان في الأزمان والعصور, والاحتفال والخروج إلى السفرة في الطبيعة الخلابة إنما هو تعبير صادق للانتصار, انه تثبيت وترسيخ للايديولوجية الدينية الايزيدية(الكوردية) المثرائية(الارية) الكبيرة في اليوم الجديد( نوروز) قبل آلالاف السنين في ميزوبوتاميا وقبلها, فيحيونها الشعب االايزدي(الكردي) بكل حب وإخلاص في احتفالات عظيمة في كل سنة, تعطي الانطباع في المحافظة والتمسك بالأصل والجذور والعقيدة القديمة. ويلبسون الزّي الكردي الاصيل والجميل ويرفضون الملابس السوداء فيها, ويشعلون النيران في الأماكن المرتفعة وعلى رؤوس الجبال إيذانا ببدء حياة جديدة في سنة جديدة. نوروز مصطلح كردي يعني يوم جديد, وهو اليوم الأول للعام الشمسي الايزدي(الكردي) واليوم الثامن لشهر آذار من التقويم الشمسي(البابلي ـ الايزيدي) ولو أضفنا الفارق بين التقويمين الإيزيدي والميلادي(13) يوما لأصبح (8+13)=21 وهي يوم الاعتدال الربيعي في شهر آذار حسب التقويم الميلادي, وهو اليوم نفسه حسب التقويم الشمسي, الذي يتساوى فيه الليل والنهار. انه اليوم الذي يحتوي على معان كبيرة في المعنى والبعد التاريخي والفلكي لذلك الزمان وكيف وضعوها وفي هذه الفترة بالتحديد. عيد نوروز هو أحد أقدم الأعياد الذي عرفها الشعب المثرائي الإيزدي الزردشتي(الكوردي) قبل الميلاد بآلالاف السنين، انه العيد الذي كان يمارس طقوسه الشعوب الارية, في بداية السنة الشمسية في التقويم الشمسي المستخدم في (سومر و بابل وأكد, واشور وميسوبوتاميا)، وهذا ما يظهر من بدء هذه التقاويم بشهر آذار ونيسان وبأعياد رأس السنة لتلك الحضارات مع عيد رأس السنة الكردية. مع اختلاف بسيط, في بداية شهر نيسان ونهاية شهر آذار. تعتبر الديانة الإيزيدية او الزردشتية او المثرائية هي ديانات الكرد القديمة تمتد جذورها وتربطها نحو الديانات الشمسانية والمثرائية والزرادشتية وهي لها علاقة دينية بملاك الشمس(شيشم) باعتباره مصدر النور والحياة على كوكب الأرض. بالنسبة لإحتفالات الخريف، كان السومريون يحتفلون بِتساوي النهار والليل في الخريف، حيث كانوا يحتفلون بِجني المحاصيل الزراعية ويُعبّرون عن فرحهم بِجمع منتوجاتهم الزراعية بعد عملٍ شاق يستمر لأشهر عديدة، حيث كانوا يزرعون المحاصيل الزراعية ويخدمونها الى أن يحين موعد حصادها وجمعها وتناولها. كان الإعتدال الخريفي يُمثل أول قمر جديد للخريف. كان إسم عيدهم الخريفي هو (Zag-mug) الذي يعني بالسومرية (ميلاد السنة الجديدة) أي ميلاد يوم جديد أو ميلاد الشمس من جديد بعد خلاصها من هيمنة الظلام. لا تزال هذه الكلمة المركبة باقية في اللغة االكوردية (زگماك) التي تعني الام علاقتها بالولادة والتكاثر. من جهة أخرى، يتبيّن من النصوص السومرية بأنّ العيد الربيعي للسومريين كان يُسمّى عيد (أكيتو Akitu) وأن السومريين هم أول مَن إحتفلوا بهذا العيد الذي كان يبدأ في الأول من شهر نيسان من كل عام، الذي كان إحتفاءاً بإنتهاء فصل الشتاء بِقسوته وبرودته وثلوجه ورياحه وظلامه وإبتداء فصل الربيع، حيث الشمس الساطعة وتساوي طول الليل والنهار والمناخ المعتدل والطبيعة المكسوة بالخضار والأوراد البرية المنتشرة في كل مكان وزقزقة الطيور وولادات المواشي والأغنام وتدفق مياه الينابيع. كان يتم إعلان الإعتدال الربيعي من خلال ظهور أول قمر جديد للربيع. الإسم السومري لهذا العيد هو (أكيتي (Ákiti) وكانت إحتفالات السومريين بهذا العيد تستمر لمدة أحد عشر يوماً. بمرور الوقت تحولت هذه الإحتفالات الموسمية الى إحتفالات دينية ذات أهمية قصوى في تقويم الطقوس الدينية لبلاد ما بين النهرين. لذلك إرتبط عيد (أكيتو) بالإله السومري للقمر نانا (Nanna) المولود من إنليل (Enlil ) و نينليل (Ninlil)، سيّد و سيدة الهواء، حيث كان هذا الإله يحكم كلاً من مرور الوقت و خصوبة الأرض، ولذلك كانت تُقام إحتفالات كبرى لإله القمر (نانا) في عيد (أكيتو ( كما هو معروف، أنّ يوم 21 مارس/آذار هو رأس السنة الكوردية (عيد نوروز), يصادف الأول من نيسان حسب التقويم السومري. هذا يعني أن عيد نوروز يصادف يوم عيد (أكيتي) السومري الذي كان يُقام في الأول من نيسان من كل عام حسب التقويم السومري، وبذلك فأن عيد نوروز هو إمتداد لِعيد (أكيتي). هكذا فأن عيد نوروز، تعود جذوره الى آلاف السنين قبل الميلاد، حيث كان أسلاف الكورد السومريون يحتفلون في الربيع (21 آذار) بمناسبة تساوي النهار والليل في هذا اليوم والبدأ بزيادة طول النهار. في هذا اليوم، تتخلص الشمس وتتحرر من قبضة الظلام. أسلاف الكورد الميتانيون بِدورهم، الذين كانوا يعتنقون الديانة الميثرائية، كان عيدهم الرئيسي هو الإحتفال بإنقلاب أو إنحدار الشمس ڤیشوڤا (vishuva) الذي كان شائعاً في معظم الثقافات في العالم القديم. إن هذا العيد كان عيد رأس السنة الجديدة في الهند في العهود السحيقة في القدم و يصادف 14/15 نيسان/أبريل الذي هو وقت قدوم الربيع، حيث الطبيعة الزاخرة بالخضار و الأزهار. إن عيد نوروز له صلة بهذا العيد أيضاً، حيث أنه في يوم نوروز أصبح (ميثرا) حيّاً من جديد، إنه يوم قيامته. إنتقل عيد نوروز وبِأسماءٍ مختلفة جيلاً بعد جيل من أسلاف الكورد السومريين والخوريين والأرارتيين … الى أحفادهم الشعب الايزيدي(الكوردي)، فبقي حياً الى يومنا هذا. كان الآريون الميثرائيون يحتفلون بعيد ميلاد (ميثرا) بإيقاد النيران ليلاً على سطوح الدور، فيرقصون حولها ويقفزون من فوقها إبتهاجاً بهذا اليوم. إشعال النار في عيد نوروز لا يزال باقياً عند الشعب الكوردي ولدى شعوبٍ آرية أخرى. عندما نتحدث عن الديانات الكردية التي هي الجذور التاريخية لعيد نوروز ورأس السنة الكردية والتي قسم من معتقداتها لا تزال باقية في الثقافة الكوردية والتراث الكردي، أود هنا أن أذكر بأن الشمس وعدد أشعتها الواحد والعشرين لهما أهمية ثقافية ودينية كبرى في العقيدة الدينية اليزدانية (الميثرائية) ولذلك تم إختيار الشمس لتتوسط العلم الكوردستاني بأشعتها الواحدة والعشرين. في الديانة الميثرائية التي تتجلى في الديانة اليزدانية والتي هي الديانة الأصلية للشعب الكردي، الشمس هي رمز إله الشمس (ميثرا). يعتقد معتنقوا الديانة اليزدانية بأن فترة الحمل لجميع الشخصيات الدينية اليزدانية المقدسة تستغرق 21 يوماً فقط. أن الروح في العقيدة اليزدانية تنتقل من جسم شخص آخر عند الوفاة من خلال تناسخ الأرواح بعد 21 يوماً من وفاته. لذلك تم إختيار (21) شعاعاً للشمس التي تتوسط علَم كوردستان، كرمز لولادة الأمة الكردية وولادة هويتها ونهضتها وحضارتها من جديد. وكذلك في العقيدة اليزدانية.نجد إن الأشعة الواحدة والعشرين لِشمس العلم الكردستاني ليست لها علاقة بالتاريخ الميلادي(21)اذار كما يظن الكثيرين من الناس ولا علاقة لها بعيد نوروز وأسطورتها في شخصية كاوة الحداد الاسطورية. الميثرائية تتجسد في الدين اليزداني، حيث أنّ الميثرائية هي دين آري قديم جداً، إعتنقته الأقوام الآرية قبل أكثر من 4000 سنة.
من الجدير بالذكر أن الديانة الزردشتية إنشقت عن اليزدانية، لذلك عندما بدأ زردشت بنشر دينه في كردستان، لاقى معارضة كبيرة من أهالي المنطقة الذين كانوا يعتنقون الدين اليزداني، فإضطر زردشت أن يترك منطقته (مدينة ورمێ “أورمية”) ويهاجر الى خراسان، حيث قام هناك بنشر دينه، لذلك فأنّ الكثير من مبادئ وفلسفة وطقوس الزردشتية مأخوذة من الدين اليزداني. الفرس إعتنقوا الدين الزردشتي وإستغلوه لأهداف سياسية لإستلام الحكم وبناء دولة لهم ونجحوا في ذلك. أود أن أشير أيضاً بأن الديانات الكردية القديمة مثل الإيزدية والهلاوية (العلوية) والشبك والدروز واليارسانية هي فروع للديانة المثرائية, وأن فلسفة و طقوس وآداب هذه الأديان تكاد تكون متطابقة مع بعضها، بإستثناء إختلافات بسيطة , ربما حصلت نتيجة التباعد الجغرافي الذي يعزلهم عن البعض وتشتت معتنقيها الناتج عن إحتلال كردستان من قِبل عدة دول. بِغض النظر عن خلفيات عيد نوروز، فأن نجاح الشعب الكوردي في إيجاد عيد قومي له وجعله رأساً للسنة الجديدة، هو إنجاز عظيم للأمة الكردية، حيث أصبح نوروز رمزاً وطنياً وقومياً يُعبّر عن هوية الأمة الكوردية رغم معارضة العقيدة الاسلامية بشدة لذلك الحدث التاريخي الكردي العقائدي الاصيل.
(4) رأس السنة السومرية (زكموك) (زكماك).
(أكيتو (بالسومرية أكيتي سنونم) (ريش شاتين بالأكادية، هو عيد رأس السنة لدى الأكاديين والبابليين والآشوريين والكلدانيين من بعدهم يبدأ عيد رأس السنة الجديدة في اليوم الأول من شهر نيسان) نيسانو)ويستمر لمدة اثنا عشر يوماً.
ويعود الاحتفال برأس السنة الرافدية في الأول من نيسان إلى السلالة البابلية الأولى، أي إلى مطلع الألف الثاني قبل الميلاد، إذ تم على عهد هذه السلالة العمورية ترتيب حلقات الحياة بشكلها شبه النهائي في حياة سكان بلاد ما بين النهرين سواء من الناحية الدينية أو الاقتصادية أو الاجتماعية. أن تأريخ السومريون كان يعتمد على عدة عناصر طبيعية وأهمها القمر، فقد كان معلوما بأن شهر (نيسانو (نيسان يبدأ بحسب التقويم الآشوري بليلة الاعتدال الربيعي، إلا أنّ المدوّنات الأثرية تبقى المرجع الأول والأخير ومنها الألواح المسمارية في متحف لندن. عند الشعوب القديمة كان الشهر القمري يبدأ مع القمر الجديد, وأن طول هذه الفترة كان حوالي 29 يوم و12 ساعة و44 دقيقة و3 ثواني يتوسطها اكتمال القمر مرة واحدة شهريا، مما يعني بأنه لا يمكن تحديد تاريخ مرقـم لرأس السنة الجديدة لأن القمر الجديد سيتغيّر تاريخه الرقمي كل سنة بالتقويم الحديث. تؤكد المصادر التاريخية بأن السومريين في أور وبابل هم أول من احتفلوا بعيد رأس السنة(زكَموك) (زكَماك) هو عيد ملاك الخير(الشمس) لدى السومريين، وأهل سومر كانوا يحتفلون بعيد الملاك في اليوم الأول من ربيع كل عام ، وتتفق أغلب المصادر التاريخية على أن السومريين قد نزحوا من جبال كوردستان نحو جنوب بلاد مابين النهرين ، مما يعني ان معتقداتهم كانت تتشابه معتقدات شعوب ميزوبوتاميا وكردستان القديمة . وكان السومريون يحتفلون بهذا العيد مرتين في السنة الأولى في (21)آذار, والثانية في(22)أيلول وجعلوا عيد رأس السنة السومرية في21 آذار(شيكوركو) او ركو وهي كلمة كوردية تعني الاساس, وهي تسمية آذار عند السومريين وأسموه عيد (زكَمك الأول)وهي كلمة كردية ايضا تعني الولادة والتجدد والتكاثر في الاعتدال الربيعي ونشاط ولادة الحيوانات ونمو النباتات فيها.
أما في 21 أيلول(آكيتي)(كتي)وهي كلمة كوردية تشير الى الانتهاء والتيبس في النباتات, وهي تسمية شهر أيلول عند السومريين حيث يكون عيد (زكَموك الثاني) الذي يعني الموت والبذار(دفن البذور) والدخول في فترة سبات, وموت جديد كما وصفه السومريون ونزول الملاك (إنانا) إلى العالم السفلي. ويبدو أن السنة السومرية كانت منقسمة إلى نصفين الأول ربيعي زكَماك الأول و خريفي (زكَماك)الثاني. إن أقرب الأديان القديمة إلى حقيقة الديانة الإيزيدية والديانات القديمة هي الديانة المثرائية, وفي العديد من المعابد المثرائية نجد لوحة فيها صورة رمزية تمثل ملاك الشم)(شمش)(شيشم) وهو يذبح الثور, وتمثل الصورة الملاك بشخص وهو يمسك بالثور من خيشومه, أو من قرنه, بينما يركع الثور أمام الملاك ويرى الملاك (شمش) وهو يمسك بيمناه خنجرا يغمده عميقا حتى المقبض في قلب الثور، فسنابل الحنطة تنمو من ذيله أو من نهايته ومن دمه, وفي الوقت نفسه نجد عقربا ينهش الأعضاء التناسلية للثور. مما يؤيد ويؤكد (التاريخ الفلكي)في تقابل بداية السنة مع نصفها, حيث يقابل برج الثور لبرج العقرب على الدائرة الفلكية للابراج , هذه الصورة الفلكية تشير الى اقتران تاريخ فلكي في ترابط فلكي تشير الى فترة بين الاعتدالين. وهي الفترة التي تتهيأ الشمس الى الدخول اوالاشراق في برج الحمل في ذلك الفترة لا يمكن رؤية برج الثور في السماء, لان برج الثور ملاصق لبرج الحمل.
(5) الاقتران الفلكي بين الاعتدالين وعيدي(سرسال ـــ الجما)
في العهود السومرية كانت تقام الاحتفالات بأعياد الزاغموك و انتقلت الى البابليين باسم أعياد اكيتو واصبحت أعياد بابلية الطابع باحلال اسم مردوخ محل الاله الكبير ويلعب الاله نابو دور المنقذ المحيي فيها ويصل الى بابل في اليوم السادس من الأحتفال
اعياد الاكيتو انتقلت من بابل عندما انهارت الامبراطورية البابلية وصعدت الى الامبراطورية الاشورية فارتحل الاكيتو الى نينوى، وقام اشور بانيبالبرفع اسم الاله مردوخ من ملحمة الخليقة البابلية ووضع اسمه ، وبقيت الطقوس كما هي تستمر لمدة 12 يوما مع احتفاظ نابو بنفس الوظائف، حيث يسجل لوح المصائر والأقدار للإمبراطورية الاشورية.
الاله نابو عاصر جملة من المتغيرات الاجتماعية والدينية والتبدلات الجوهرية في حضارات العراق القديمة, والان تترجم قدسيته ايزيدياً باسم (طاوس الملائكة ) الى يومنا هذا .
ان الاعتدالين تشير الى الترابط بين عيدي (الجما ــ سرسال), وبمعنى أوضح أن(الشمس) يقضي على الثور عندما يدخل الشمس إلى برج الثور ويخفيه من دائرة البروج خلال اكثر من شهر في دائرة البروج, ولا يمكن رؤية برج الثور خلا ست شهور لأنه تكون في سماء النهار, عند هذا الاقتران الفلكي تزداد خصوبة الأرض، وتنمو سنابل الحنطة في الحقل وتأتي الربيع وعيد رأس السنة, وبعد ستة أشهر من عيد(سةرسال) تكون الشمس قد تهيأ للدخول إلى برج العقرب وهو نهاية فصل الخريف الذي تموت فيه الإعشاب وتتساقط أوراق الأشجار عند نهاية هذا الفصل نجد العقرب تقضي على خصوبة الأرض، لمدة ستة أشهر قادمة إلى أن يأتي الربيع ويتهيأ الشمس للدخول إلى برج الثور ثانية. هذا ما تمثله الصورة المثرائية الفلكية، والتي تؤكد في معناها العلمي والفلكي الدقيق, دوران الافلاك والعلاقة الفلكية الوثيقة بين عيد رأس السنة وعيد الجما, ولهذا السبب نجد عند حلول عيد الجما(جمايي) وحلول فصل الخريف، وفي يوم القاباغ(كاي باغ) يأخذ الثور من مرقد الشيخ عدي(ع) إلى مرقد شيخ شمس ليذبحه هناك ويقدمه قربانا للملاك (شمش)(شيشم) في يوم الأربعاء. وهو اليوم الخامس من سلسلة احتفالات عيد الجما ويجب أن يكون مراسيم وطقوس(قاباغ) في يوم الأربعاء, وان الصورة الفلكية المثرائية المنقوشة على الحجر تعود إلى أكثر من آلفي سنة قبل الميلاد تؤكد الترابط الفلكي الدقيق بين العيدين(رأس السنة ــ الجما) تقعان في زاويتان متقبلتان في دائرة البروج الفلكي في برج الثور, وفي برج العقرب.
أذن تاريخ وموعد عيد الجما هو بعد ستة أشهر من تاريخ عيد رأس السنة الايزدية( سرسال). وربما كان عيد الجما سابقا يحدده تاريخ سرسال. لانهما عيدان متقابلان في تاريخ البروج الفلكي, ولانهما يلازمان تاريخ الاعتدالين (الربيعي 21 /3) و (الخريفي 22/9), طقوس و مراسيم القباغ يجب أن يكون في يوم الأربعاء. وعيد سةرسال يشترط أن تكون في أول أربعاء من شهر نيسان في بداية السنة. إن جميع الأعياد اكانت لدى شعوب وادي الرافدين اختلفت في تسمياتها, ولكن كان فيها صفات مشتركة من(تحريم الزواج قي شهر نيسان, بداية سنة جديدة , عيد ظهور الكائن البشري , عيد البدء والتكوين , إحياءٍ الفلكلور والعادات والتقاليد , عيد الملاك شمش…)وان الشعب الإيزيدي(الكردي) يحيونها منذ زمن بعيد في تاريخ البشرية والى اليوم
قاسم مرزا الجندي
14/4/2019
البريد الالكتروني للكاتب قاسم مرزا الجندي
aljindykasim@yahoo.com
aljindykasim@yahoo.com