الظهور المفاجئ للإمام المهدي ؟
أين؟ وكيف؟ ولماذا! تساؤلات مشروعة
تقاطع الدعوات المهدوية المعاصرة الكاذبة مع توجهات مشروع الإصلاح المهدوي
وحدة مواقف المرجعيات الدينية والسياسية وأثرهما الإيجابي على عملية التمهيد
التمهيد في نهضتي السيد الصدر الأول والسيد الخميني.. نقد وتقييم للحالة السياسية والعقائدية الراهنة
محمود الربيعي
المهدي الموعود وحاجة الناس الى مصلح صالح
توطئة
تتطلع جميع شعوب العالم اليوم لمنقذ حقيقي ينتشلها من ذبذبات الأوضاع السياسية والإجتماعية والإقتصادية المتردية التي تحكم الشعوب وتعبث في مستقبلها فتحول دون أن تنال سعادتها الحقيقية المنشودة فهل لهذه الشعوب أن تنتظر مصلحاً صالحاً يقودها نحو حياة سعيدة ومستقبل واعد؟ نعم هو حق مشروع.
المقدمة الموضوعية
لابد للبشرية في يوم ما من ظهور حتمي لمصلح صالح سواء في حساباتها الموضوعية أو في حساباتها التأريخية، ولانحبذ أن ندخل في عالم الروايات كمقدمة لفرض هذه المسالة المنطقية لئلا نقع في مهبط تسطيح فكرة ظهور مثل هذا الشخص ومميزاته العالية في القدرة على قيادة العالم. وسنجيب على كافة الأسئلة المطروحة في العناوين المتقدمة في صدر الموضوع للحصول على قدر مناسب ومحصل لمجمل فكرة ظهور المهدي وتحقق حلم اليوم الموعود.
وقت الظهور وفق المنطق التأريخي
ورد في بعض الروايات أن سنة الظهور ” تُؤَلَف ولاتُؤَلَفان ” وهذا يتوقف تحديده على ماإذا كان يستند الى التاريخ الميلادي الذي جازَ الألفين أو الهجري القمري الذي لم يتجاوز بَعْدُ الألفين، وهذا التقدير يتوقف على حسابات الإمام المعصوم وقت صدور الرواية عنه، وفي هذا الجانب فإن فيه إحتمالات لانريد أن نخوض فيها الآن، وقد تحدثنا وكتبنا في كثير من الأمور في أبحاثنا ومقالاتنا ومحاضراتنا السابقة. ولابد لنا من الإشارة الى أننا سنتناول الجانب الثقافي الإنساني العام والموروث التاريخي لدى كافة الحضارات السابقة وبشكل عام وموجز.
مشيئة الله وتحديد موعد ظهور الإمام
وتعتمد العقيدة القرآنية في تحديد مستقبل زمن الحوادث على القوانين والمبادئ التالية:
القانون الأول: قانون المحو والإثبات: قال تعالى ” يمحو الله مايشاء ويثبت وعنده أم الكتاب “.
القانون الثاني: قانون الشأنية الخاصة والإختصاص: قال تعالى ” لله الأمر من قبل ومن بعد “.
فوقت ظهور المهدي عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والسلام وفق السياقات القرآنية والتاريخية هو شأن الله إذ لا أمر غير أمره.. وسيظهر المهدي في الوقت الذي فيه يشاء الله.. وكذلك في الكيفية التي فيها يشاء، وفي المكان الذي فيه يشاء. وما المهدي إلاّ عنصراً مهماً ومنفذاً لتلك المشيئة.
القراءة المنطقية والإستقراء المنطقي لطبيعة القيادة المهدوية العامة
يعتقد الكثير من الناس أن المهدي سيحقق دولته الموعودة بمجموعة صغيرة تتجاوز قليلاً الثلاثمائة وهذا خطأ كبير وفي بحوث سابقة ذكرنا أن أصحاب المهدي على مستويات متعددة ففيهم جند السماء كجبرائيل وميكائيل على سبيل المثال وجند الأرض وفيهم الخضر وعيسى عليهما السلام وهؤلاء يمثلون الخط الأول في مراكز القيادة في العالم، وأما الخط الثاني فهم أنصاره وعددهم ٣١٣ وفيهم ٥٠ إمرأة ينتمون لمختلف دول العالم ليمثلوا قياداته الميدانية في مواجهة جبهة الأعداء كالدجال والسفياني وسائر قوى الإستكبار المتحكمة بمقدرات الشعوب وآخرهم إبليس، وينضوي تحت راية كل قائد ميداني مهدوي جيشاً كبيراً يتجمع في مناطق مختلفة كاليمن والحجاز وإيران والعراق كخط ثالث من الأتباع.
البعد السياسي والعقائدي في مسيرة التمهيد
يعتبر التمهيد مرحلة ضرورية وقياسية في تهيئة القواعد الشعبية إذ لم يتحقق من مراحله إلاّ الجزء اليسير فالطموحات السياسية والعقائدية عند المسلمين خلال أكثر من قرن من الزمن لم تكن بالمستوى المطلوب الذي يحقق للجماهير الحد الأدنى من الحكم والسلطة التي تؤهلهم لأن يكونوا من الممهدين لظهور المهدي المنتظر، وأما العاطفة التي رافقت حركة التغيير في إيران على يد الإمام الخميني وحركة التغيير في العراق على يد الشهيد الصدر الأول فقد مثَّلَت فقط تنامي المشاعر تجاه عملية الظهور وبداية الخط الزمني لقيام المنقذ… وأما الحركات السِّنِية فإنها اعتمدت على فكرة إقامة الدولة الإسلامية كمشروع مجتمعي من دون حاجة الى مهدي منتظر أو أنها أساساً لاتحبذ ولاتعتمد على فكرة التمهيد، وقد نجح الإمامين الخميني والشهيدين الصدرين في تنمية فكرة الإصلاح وزرع روح التمهيد، ولكنها نجحت هنا، وفشلت هناك تبعاً لإصالة المشروع هنا وتبعية المشروع هناك وفي كل ذلك وجهة نظر وتفصيل لامجال للتوسع فيه.
أدعياء التمهيد وأثرهم السلبي في تضعيف المشروع المهدي
نؤكد ونكاد نجزم أن أدعياء التمهيد لظهور الإمام المهدي الذين طرحوا أنفسهم كممهدين بغطاء ديني لايمكنهم أن يكونوا ممثلين عنه بأي شكل من الأشكال لإفتقارهم الى كثير من مقومات التمهيد وأخلاقياته وقد ثبت للجميع بطلان تلك الدعوات.
كثرة الحركات والدعوات المهدوية كظاهرة سلبية
إن كثرة الحركات والدعوات المهدوية التي لاتستند على أسس شرعية ومقومات مادية علمية هي مشاريع لاتتفق مع مشروع الدولة المهدوية، فدولة الامام المهدي لاتقوم إلا بقيام الإمام المهدي نفسه بشخصه وشخصيته وهي لاتتفق بأي حال من الأحوال مع مشاريع الدعوات الهزيلة التي تتقمص دور الممهد، فكل من يدعي التمهيد لابد أن يمتلك حصانة شرعية وقيادة رشيدة لاتكون ضمن أحزاب فاسدة وتجمعات ضعيفة مجهولة أومشبوهة، ولابد أن نشير الى أن بعض الكتابات والمقالات والأبحاث والطروحات لاتتفق ورؤية المشروع الإلهي إذ هي تتقاطع في مناهجها مع المنظومة الأخلاقية والسلوكية للإمام وأنصاره المخلصين.
خطر المهدي الموعود على الأنظمة المستبدة في العالم وتخوفها من ظهوره
لقد شغل موضوع خروج المهدي كافة القيادات السياسية والدولية الميدانية في العالم وعلى تخوف منها سواء كان ذلك داخل العالم العربي، أو في عقول قيادات دول عظمى، لذلك سَعَتْ هذه القيادات الى إيقاف التغييرات الإيجابية التي تصب في مصلحة التمهيد خصوصاً في كل من إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها من الدول.
مسرحية تغيير بعض الأنظمة العربية
إن من الفصول المحزنة أن يكون كبار ساسة بعض الدول العظمى قد فهموا فصول اطروحة المهدي عند المسلمين الذين يتطلعون إلى بناء دولة إسلامية عالمية يكون المهدي قائدها وهو أحد أوصياء النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وذهبوا إلى أن يخططوا لإخراج مسرحية دولية على أرض الواقع بطلها الحاكم المستكبر الأول لدولة عظمى غايته إضعاف فكرة قبول دولة المهدي وإجهاض تلك الفكرة وكان من تداعياتها تكوين حكومة كارتونية في العراق بشكلها الفوضي الحالي، وإثارة الصراع الطائفي والمذهبي داخل الأمة الواحدة، وإشعال الحروب في كل من العراق وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين واليمن الأمر الذي أدى الى إزهاق أرواح الآلآف من الناس وان نجحت في أغلب تلك الدول بشل نسبي ..إلاّ أنها باءت بالفشل بالنسبة إلى إيران.
فشل المشروع الدولي لإجهاض القوى الفاعلة الممهدة للمهدي الموعود
لقد بذلت بعض الدول العظمى طاقتها الكبرى في سبيل إسقاط نظام الحكم في دولة إيران الفتية ولكنها فشلت بسبب ما تملكه إيران من السيادة والحصانة والقرار،كما أن حركات المقاومة في كل من لبنان و العراق كان لها الدور الفاعل في تشتيت المخطط الدولي الماكر.
فشل الحكومات الكارتونية في إدارة السلطة في البلاد التي طالها التغيير الخارجي
لقد كان من نصيب أغلب المنظمات والحركات والأحزاب في الدول التي تم تغيير أنظمتها والتي اعتلت السلطة بدعوى الإصلاح بالفشل وتبين للناس على يقين أنها شربت كأس الهزيمة في الميدان السياسي والعقائدي رغم كثرة المظاهر الدينية على المستوى الشعبي، فقد ألحقت هذه الأحزاب الضرر البالغ بفكرة الإصلاح وإقامة دولة العدل وذلك بفعل التشرذم والسقوط في وحل المصالح الشخصية والإرتباطات المشبوهة لكن الأمر الإيجابي في نهاية المطاف بقاء المرجعيات الدينية على مستوى عال من الحكمة والإستقامة والوقوف بحزم أمام عواصف السياسات الدولية والتخبط في السياسات الداخلية.
سبب إخفاق الأنظمة العربية والأحزاب بعد استلام السلطة
للأسف الشديد إن الأحزاب التي كافحت للوصول الى السلطة لم تستقر على تغليب المصلحة العامة للشعوب وأستبدلت بذلك أن تكون غايتها الحكم والسلطة بدلاً عن تطبيق النظريات الإسلامية داخل المجتمع المسلم بجدية، وتكون بذلك قد فقدت مصداقيتها رغم الكثير من التضحيات التي قدمها المجاهدون أثناء معارضتهم للأنظمة المستبدة.
كما أن الغرور الذي طغى على المتلبسين برداء الدين بعد التغيير كان وبالاً على مايجري في واقع الأرض مما أضعف قبول أمل بناء الدولة العالمية المنشودة بقيادة الإمام المهدي.
النضوج الفكري والسياسي والثقافي للمرجعيات الدينية
إن النضوج الفكري والسياسي للمرجعيات الدينية على مدى أكثر من مائة عام قد حقق استقراراً عالياً في ثبات الرؤية عند الأتباع ونحن نتكلم هنا بوجه خاص عن المرجعيات الحديثة في العالم الإسلامي خصوصاً في العراق وإيران.
كيف؟ وفي أية ظروف يظهر الإمام المهدي!
التطور العلمي وعلاقته بظهور المهدي
علينا أن نفهم أن التطور العلمي من حيث المبدأ يرافق ويقرب لنا المسافات في الإقتراب من اليوم الموعود الذي يظهر فيه المهدي لذلك نشهد هنا وهناك تسابق حثيث بين القوى العظمى ، كما يظهر هذا التسابق بين بعض الدول الأخرى التي دونها في القدرة والإمكانيات محاولة من الجميع على إحداث توازن أو تفوق خصوصاً في الجانب العسكري والعلمي في جغرافية الزمان والمكان الذي تسيطر فيه أية قوة لإحتلال مركز الصدارة في إدارة العالم وهو أمر ظاهر في كثير من الدول كالولايات المتحدة وروسيا وكايران وكوريا الشمالية ودويلة إسرائيل على سبيل المثال.
ومن غير المستبعد أن تتدخل المتغيرات العلمية والعسكرية والإقتصادية بين حين وآخر ليضع كل هؤلاء في ترتيب جديد يُصَنَف بحسب التطور العلمي وفق المتغيرات الطبيعية في المناطق المختلفة من العالم.
إن ظهور المهدي سيشكل مفاجأة للجميع في الجانب العلمي والتكنولوجي والعسكري والإقتصادي والثقافي وقد تتغير المحاور السياسية بين حين وآخر فيصبح عدو الأمس صديق اليوم وبالعكس وبما شاء الله تتطلع الشعوب الى قوة جديدة تحقق لها طموحاتها الإنسانية بعيداً عن السياسات الدينية أو المذهبية والعرقية التقليدية خصوصاً عندما يكون المهدي متحلياً بالتوجه المشترك الذي يجمع الناس من أجل إسعادهم وتحقيق العدالة فيما بينهم.
العامل الشرطي لتسريع عملية الظهور
إن العامل النشيط لظهور الإمام المهدي يكمن في وحدة طبقة المخلصين من الناس ووحدة أحزابهم ومرجعياتهم وحركاتهم ووحدة الدول الناصرة للحق والمحبة للخير والسلام والتي تنشد من خلال أنشطتها تحقيق العدل والسعادة التي ينتظرها كافة المستضعفين في العالم.
خاتمة
نرجو أن نكون قد أتحفنا المتتبع والقارئ بمواضيع جديدة قابلة للبحث والنقاش وأن نكون قد وفَّرنا فرصة لمناقشة واقعنا المعاصر ببعديه الدولي والإقليمي وبما يتناسب مع الأحداث الجارية في المنطقة خلال الفترة الزمنية من ظهور دعوة كل من الإمام الشهيد الصدر الأول والإمام الخميني حتى يومنا هذا سائلين المولى القدير أن يحفظ بلادنا والعالم والبشرية من إرهاصات قوى الإستكبار في العالم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد الصادق الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين وسلم تسليماً كثيرا.
محمود الربيعي
١٨ \ ٠٤ \ ٢٠١٩ م