تميزت التصريحات الايرانية خلال الاسابيع الاخيرة ولاسيما المطلقة من جانب أبرز قادة النظام الايراني نظير المرشد الاعلىللنظام والرئيس روحاني وقادة الحرس الثوري بکونها تميل لتشدد واضح لأنها حفلت بالتهديد والوعيد ولاسيما ضد الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة الامريکية غير إن کل هذا التهديد والوعيد الايراني يمکن تشبيهه بالمثل العراقي الدارج والمشهور: دخانك عماني وطبيخك ماجاني! فقد صدع القادة الايرانيون الرٶوس بکثرة تهديداتهم کأن لايعتمدوا على الاوربيين ويغيروا المسار نحو الصين أو إنهم سيباشرون بعمليات التخصيب وماإليها ولکن لاشئ من ذلك کله بل إن کل تهديداتهم لحد الان عبارة عن زوبعة في فنجان ومجرد خيوط دخان ولاشئ غير ذلك.
بعد الانتقادات واسعة النطاق التي وجهتها طهران للآلية الماليةالاوربية“إينستكس” للتبادل التجاري مع إيران، خصوصا الانتقاد اللاذع للمڕسد الاعلى بنفسه حيث شکك في الآلية بمجملها، فقد فاجأنا وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، بإنتقاده للأوربيين لتأخرهم في إطلاقها حيث أکد ظريف أن إيران من جانبها أعلنت إطلاق الآلية المالية الأوروبية الأسبوع الماضي، لا حجة للأوروبيين في عدم الوفاء بالتزاماتهم! وبطبيعة الحال لو تمعنا ودققنا في موقفي المرشد الاعلى ووزير الخارجية المتناقضين، فإن ثمة حقيقة تتوضح وهي إن القادة والمسٶولين الايرانيين يلعبون نفس تلك اللعبة التي کانوا يٶدونها أثناء المفاوضات التي سبقت الاتفاق النووي في أواسط عام 2015، ولذلك فإن العواصم الاوربية وکذلك واشنطن لايأخذون التهديدات الايرانية على محمل الجد.
تبادل الادوار في إطلاق التصريحات والمواقف بين القادة والمسٶولين الايرانيين من جناحي النظام، وهو الامر الذي يعزز ويٶيد وجهة نظر زعيمة المعارضة الايرانية، مريم رجوي، من حيث تأکيدها على إنه لايوجد أي فرق جوهري بين الجناحين فکلاهما يسعيان من أجل المحافظة على النظام إضافة الى ماتٶکده بأن معظم التهديدات التي يطلقونها تٶکد ضعفهم وليس قوتهم کما يسعون للإيحاء، ومما لاشك فيه إن هناك مخاوف في طهران من إن الغرب صار يميل في إتخاد مواقف على أساس وجهات نظروتوجهات منظمة مجاهدي خلق وقائدتها مريم رجوي، خصوصا إدا ماقمنا بعملية مراجعة لمعظم القرارات”الموجعة جدا”التي تم إتخاذها ضد طهران، فإن مريم رجوي کانت قد طالبت بها قبل ذلك وأکدت عليه بصورة شبه مستمرة.
طهران وفي ظل التحديات والتهديدات القائمة والمبنية على الرهان على الورقة الداخلية والتي تعتبر حاليا نقطة ضعفها والثغرة التي لاتستطيع سدها بسهولة، فإنها تسعى بطرق مختلفة للسير بمنتهى الحذر في تعاملها مع الغرب فهي تعلم جيدا من إنها إذا ماتخلت عن التعامل مع أوربا وإتجهت للصين وروسيا فإنها ستصبح نسخة من فنزويلا حيث أسوأ الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية!