إِرْثٌ لي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم شذى توما مرقوس
الأثنين 18 ــ 2 ــ 2008
حَفَرَت الذِّكْرَياتُ أَعْماقي
واسْتَحضَرتْ كُلَّ الأَعِزَّاءِ مِنْ أَمواتي
أَحْياءً إِليَّ عادُوا ……
ومَرُّوا بِلحظاتِي وأَوْقاتِي
فنَادتني أُمِّي بِعُمقِ الحنانِ
وأَبي للعَشاءِ دعاني
حَيْثُ كُنتُ ……..
تَرَكْتُ مَقْلُوباً كِتابي
وعلى السُلمِ تقافزْتُ إِلى الأَحْضانِ
كطِّفْلةٍ لا تسْتَكِينُ….. تَمايَلْتُ
ضَحِكَت أُمّي …….
وحَذَّرَني أَبي : بُنيتي انْتَبِهي !
أَلَذُّ ما طَبخَت أُمّي ……
مع المحبَّةِ في صَحْنِي أَتاني ….
قَدَّمَهُ لي أَبي :
” كُلِي صَغيرتي هذا لَذيذُ الطَّعامِ “
فانْقَضى المَساءُ
بحُبِّ والديّ تَنَعُّماً
لكِنّ …….
مِنْجَل اللَّيْلِ دُجىً……
من قَعْرِ الذِّكْرَى اجْتَثَّني
لِلواقِعِ رَدَّني …….
إِليهِ رَمَاني
فَزِعْتُ ….. صرَخْتُ :
” أُمّي ، أَبي …..
أيْنَ فانُوسنا؟ …. أيْنَ الشُّمُوع ؟ “
صَدَى السُّؤَال مُرّ الحَقِيقةِ قَالها
في القَلْبِ كواني ……
نَسِيَ أَبي قُبَعتهُ عِنْدي
وتلاشى طَيْفُ أُمّي
وَحْدي أنا
ياوَحْشة لَيْلي
يا غُرْبتي عن مكانِي …….
ويا قَسْوَة ماضٍ
فَرَّ هارِباً بِبَقايا أَحْلامي …….
بِأَماني واطْمِئناني
في انْكِسارِي
في رَجائي
في زَفِيرِ لَيْلٍ
وشَهِيقِ صُبْحٍ
” حنُونّة أُمّي ” فَوْقَ كفِّي تدَوَّرَتْ
هَمَسَتْ إِليّ أَمْلاً …….
وخَبَّرَتني :
” صبَاحُكِ ضَوْءٌ بُنيتي ……
رِثْي عنّا قافِلَة الأَمانِيّ “
مُلاحظة : ( الحنونة ) هي خُبزٍ تَخْبزهُ الأُمّ على شَكْلِ قُرصٍ دائري صَغِير لإِدْخالِ السعادة على قلُوبِ أَطفالِها وهم يقفون أو يلعبون إِلى جانبِها وهي تخبُزُ الخُبز في التنورِ الفَخَّاري المَصْنُوع مِن الطِينِ ( مَعْرُوف في الذاكرة الشعبية العراقية القديمة ) فتُعْطِيهِ لهم ليستمتعوا بلذَّةِ أكلهِ ويفرحوا ويُطلق على هذا القرص الدائري الصَغِير مِنْ الخبز ” الحنونة ” في الدارجةِ الشعبية .