بحزاني نت
بعد غزو داعش لسنجار يوم 3-8-2014 واجتياحها من قبل هذه العصابة الاجرامية وارتكاب ابشع الجرائم فيها بحق الاقلية الايزيدية من ذبح وقتل الالاف وآلاف السبايا من الفتيات والنساء بالاضافة الى خطف الالاف من الاطفال والشباب وزج الكثيرين منهم في العمليات الانتحارية ضد القوات الحكومية في العراق وسوريا بعد عملية غسل عقولهم , وكذلك نزوح أكثر من 350 الف ايزيدي من قراهم , وتدميرالبنية التحية لهم , هذه كلها ترتقي ان تكون ما تعرض له الايزيدية هي عملية جينوسايد ( الابادة الجماعية ) .
هناك العديد من الحكومات وبرلمانات دول تم الاعتراف بها انها جينوسايد , وتشكيل عدد من اللوبيات الايزيدية في امريكا واوربا وفريق من المحامين الدولين للدفاع عن هذه الاقلية واعتبار ما تعرض له الايزيدية هي ابادة جماعية ومنها منظمة يزدا , والتي تعمل على ذلك الملف والقضية الايزيدية بشكل كبير ودعمها اللامحدود لسفيرة النوايا الحسنة الناجية نادية مراد وجلبها الى مجلس الامن والبرلمان الاوربي ولقاء العديد من رؤساء الدول لتسرد لهم مآساة ومعاناة الايزيديات في سجون تنظيم داعش الارهابي .
في هذا السياق طرح عدد من الناشطين الايزيديين سؤالًا الى المدير التنفيذي لمنظمة يزدا السيد مراد اسماعيل , عن اهمية وجدوى الاعتراف الدولي بالابادة الايزيدية اي جينوسايد وماذا سيتفيد منه الايزيدية .
حيث اجابة مراد اسماعيل بمايلي :
١- الاعتراف السياسي الدولي: ويعني الاعتراف من قبل حكومات الدول وبرلماناتها بالابادة الايزيدية، وهذه الاعترافات تعني بان هذه الدول تجد ان الايزيديين هم ضحايا، ولهم حقوق، ومن واجب هذه الدول الانساني ان يساعدوا المجتمع الايزيدي في جميع المجالات ضمن برامج تلك الدول في العراق او في داخل دولهم. هنا يمكن ان نأتي بامثلة عن برنامج اعادة التوطين في المانيا وكندا واستراليا للناجيات وعوائلهن بالاضافة الى برنامج الولايات المتحدة لتقديم الدعم المباشر لبرامج العودة الى مناطق الاقليات. كما وان اعتراف هذه الدول، تعني باعطاء الايزيديين ارضية دبلومسية للتواصل مع هذه الدولة التي من المفترض ان تعطي اهمية للمواضيع التي تطرح عليها.
٢- المحاسبة القانونية: تشكيل فريق الامم المتحدة تحت القرار ٢٣٧٩ اتت بعد اعتراف عدد من الدول المؤثرة والاهتمام بملف الايزيديين، وهذا القرار يعني بان الادلة الخاصة بجرائم الحرب، وجرائم ضد الانسانية، وجرائم الابادة، ستجمع وتحلل وتقدم في المرحلة القادمة الى القضاء العراقي وقضاء الدول الاجنبية، وبهذه الخطوة العناصر التي ارتكتب الابادة ستقدم الى المحاكم. المانيا اليوم وغيرها من الدول تتابع موضوع الابادة الايزيدية وجمع الادلة وذلك لادانة المتهمين.
٣- تعويض الضحايا والمجتمع الايزيدي: الاعتراف بالابادة دوليا، وتوثيق خسائر الايزيديين النفسية والبشرية والمادية، يعطي للايزيديين فرص مستقبلة لطلب تعويضات، اليوم مثلا، هناك شركات عالمية وجهات مؤسساتية تم الكشف عن ارتباطها بتمويل داعش، هذا يعطي الحق للايزيديين ان يقدموا شكاوي امام المحاكم الدولية لطلب تعويضات من هذه الجهات وفتح ملفات تحقيق ضدها. كما ومن حق الايزيديين طلب التعويض عن الخسائر من الدولة العراقية واقليم كوردستان كونها المسؤولة الاولى عن امن وحماية وسلامة هذا الشعب.
٤- تعامل العراق واقليم كوردستان مع الايزيديين مستقبلا: الاعتراف بالابادة على المستوى الدولي سيضع ضغطا دوليا على العراق واقليم كوردستان، باعتباره العراق دولة في عصبة الامم المتحدة وباعتبار اقليم كوردستان حكومة لها علاقات واسعة مع الغرب والمصالح، فهذه الحكومات من واجبها اعطاء اولويات لحماية الايزيديين وتقديم الخدمات لمناطقهم واخذ خطوات عملية لمنع الاضطهاد مستقبلا.
٥- الدعم العالمي للايزيديين سوى كانت عبر اشخاص او منظمات: الكثير من الجهات الدولية وضعت الايزيديين في اولويات اهتمامها وهذه يحدث لاول مرة في تاريخ الايزيديين، مع وجود عدد كبير من داعمي القضية الايزيدية في العالم، سيكون لهم اصوات قوية ومؤثرة (كصوت امل كلوني وغيرها) وهذه الاصوات ستدافع عن حقوق الايزيديين في حالة وجود تعدي عليهم وعلى وجودهم. اليوم الكثير من الصحفيين العالميين والكتّاب يولون اهتماما كبيرا بالايزيديين وغيرهم من الاقليات المضطهدة في الشرق الاوسط.
٦- التاريخ الانساني وتدريس الابادة الايزيدية في الجامعات العالمية: ان الاعتراف سيضع الابادة الايزيدية في برامج الكثير من الجامعات ومراكز الابحاث وغيرها من الاماكن المهمة، وستعطي فرصة للايزيديين بتعريف العالم بمأساتهم وستكون هناك مجاميع اكاديمية تهتم بمختلف جوانب القضية الايزيدية.
من المهم ان يعرف الايزيديون بانه ليست هناك نتيجة فورية، وليس هناك ايضا نتيجة حتمية يمكن تحديدها بالضبط كما نحدد مثلا في الرياضيات (١+١=٢) فالنتيجة هي معقدة وتحتاج الى الكثير من العمل والتضحية وبناء القدرات وبناء المؤسسات التي تستطيع ان تهتم بقضية الايزيديين. فلن نستيقظ في صباح يوما ما ونجد ان حياتنا تغيرت بالكامل، هذا مستحيل، الطريق سيكون شاقا وطويلا حتى يصل الايزيديين الى حقوقهم وهذا لا يأتي بالكلام، وانما العمل. والنتيجة هي نتيجة تدريجية.
الكثير من النتائج ايضا تعتمد على مدى قدرة المجتمع الايزيدي على العمل بشكل منسق، وبشكل مؤسساتي، والخروج من القوقعة الحالية التي يعيش فيها. المجتمع الايزيدي بدأ للتو بالخروج من عالمه الضيق الى الفضاء العالمي والعراقي والكوردستاني.
الايزيديون يحتاجون الى تنظيم انفسهم، ومطاليبهم، وتنمية قدراتهم، وان يكتبوا لانفسهم برنامج معين يحافظ على هويتهم ووجودهم ومصالحهم.
عليهم ان يعرفوا العالم بديانتهم، وان يتعلموا عن الاخرين.
عولمة (Globalization ) المجتمع الايزيدي هي مهمة لمواجهة الاضطهاد.
من المهم ان يعلم الايزيديين ايضا:
ان العراق والشرق الاوسط، هي منطقة معقدة، سياسيا وجيوسياسيا وامنيا، وان كل الاحتمالات ممكنة. الحروب فيها ممكنة، ممارسة الظلم اسهل من شرب القهوة الصباحية، وسحق شعوب كاملة ايضا اسهل من شرب كوب الشاي.
يجب ان نعلم بان التهديد على الوجود الايزيدي قائم، فالابادة لم تنتهي بعد، وقد يحدث ما حدث في ٢٠١٤، ايضا في ٢٠٢٠، او بعدها من السنين. فان اي خرق للادارة والامن في العراق، يضع حياة الايزيديين في خطر، والمجموعات الاسلامية المتشددة ستأتي مرة اخرى وتسبي نساءنا وتاخذ اطفالنا وتقتل رجالنا.
لذلك على الايزيديين ان يكونوا يقظيين، وان يعلموا ما يحدث، بشكل يومي، من تغيرات. وعليهم ان يملكوا ميكانيزمات دفاعية للبقاء والاستمرار في الفوضة.
وان يعلموا ايضا، لن تكون هناك جنة وسط الجحيم، فاما ان يكون العراق بلدا للجميع حيث العدل والمساوات والرخاء والانسانية، او الجحيم يكون للجميع.
طبعا الحلقة الاضعف هي التي تتكسر اولا. فبدون وجود دولة قوية ومتينة ومؤسساتية، لن يكون ممكنا حماية احد، او توفير فرص العمل، او اعادة اعمار المناطق المدمرة.
العراق بحاجة الى اعادة بناء الدولة، ومؤسسات جديدة، بعقلية مختلفة، حتى تستطيع الدولة ان توفر الحياة الكريمة لكل مواطنيها.
المجاميع الاسلامية المتشددة هي العدو الحقيقي للايزيديين، في الماضي والان وفي المستقبل، ومتى ما كان هناك فراغ سياسي وامني، ستهاجم الايزيديين والاقليات الدينية والمسلمين المعتدلين.
من المهم ايضا للايزيديين ان يغيروا رؤية المسلمين لهم، ورؤية قيادات المسلمين لهم..
وان يتحالفوا مع كل من يؤمن بالحداثة والتغير والقيم الانسانية والوطنية المشتركة، ضد المتطرفين والاوغاد الذي يحاولون هدم البشرية بعقلهم العفن.
على الايزيديين ان يجدوا شركاء في اوطانهم، لانهم وحدهم لا يستطيعون توفير عوامل الادامة والبقاء.
من المهم ان نبني قضية انسانية في العالم الاسلامي قبل العالم الغربي، ونطلب من المسلمين ان يتقبلوا الايزيديين، وان ينظروا الى قضيتنا بعيون انسانية، وان ينظروا الى دينهم وثقافتهم بقبولية، ويجب ان يتغير معاملة المراجع الاسلامية مع الايزيديين. فبدون هذا التغير بقاء الايزيديين في العالم الاسلامي لن يكون ممكنا.
من خلال هذه المقالة اردت ان اوضح بعض النقاط المهمة، ولكن الموضوع يحتاج الى الكثير من التوضيح.
هناك فقط خيار واحد امامنا، سوى نجحنا او لا، وهو ان نبني قضية انسانية لشعب مظلوم، ونكشف للجميع كيف ان شعب كامل تم سحقه ظلما، وكيف ان الاطفال والنساء تم اغتصابهم.
ان القضية الايزيدية ايضا هي قضية انسانية، فهي مقياس لمدى وصول الانسان في سلم التقدم والتحضر.. وهذه الابادة تعني ان البشرية ليست بخير، وحروب عالمية قادمة قد تحدث، واضطهاد على مستويات الهولوكوست وروندا قد تحدث، لان التحضر والتمدن الانساني لم يصل بعد لمراحل جيدة.