تمتاز المملكة المتحدة بكثرة التماثيل والنصب التذكارية التي تخلّد ذكرى العظماء في تاريخ بريطانيا في شتى الميادين وكذلك الأجانب الذي خدموا المملكة خلال حروبها, بالإضافة الى من ناصبوا العداء الأمبراطورية التي لم تكن تغرب الشمس عنها يوما, لكنها كرّمتهم تقديرا لنضالهم من اجل شعوبرهم التي كانت تستعمرها بريطانيا العظمى.ويبلغ عدد التماثيل والنصب التذكارية ال 30 الف في مدينة لندن وحدها! حيث تتزين بها الشوارع والساحات العامة والمكتبات والمتاحف والجامعات وغير ذلك.
ومن أبرزها تمثال للعالم اسحق نيوتن الذي اكتشف قانون الجاذبيه وآخر للشاعر الشهير وليم شكسبير وتمثال لأعظم شخصية في تاريخ بريطانيا ألا وهو رئيس الوزراء الأسبق ونستون تشرشل , والقائد العسكري اوليفر كورمويل الذي هزم الملكيين في القرن السابع عشر. فيما يقف المناضلون الذي وقفوا بوجه الأمبراطورية البريطانية امامالبرلمان البريطاني وفي مقدمتهم المهاتما غاندي محرر الهند ونيلسون مانديلا الذي وضع حدا لنظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا.
هذا التخليد لذكرى هؤلاء العظماء يبعث مشاعر الفخر في نفوس المواطنين وهو في ذات الوقت تقديرا لإنجازاتهم العظيمة وأحيانا فيه لون من ألوان الإعتذار عن فترة الأستعمار.
ولاشك أن مثل هذا التكريم يكون حافزا ودافعا للبريطانيين للرقي وتكملة المسيرة التي بدأها هؤلاء ولتذكير الأجيال المتعاقبة بالخدمات الجليله التي أسداها أصحاب الذكرى للبلاد. ولكن ما لم يكن بالحسبان ان بريطانيا لم تكتف بتكريم عظماؤها ومن أسدوا لها خدمة ومن كانوا أعداءا لها بل إنها كرّمت ذكرى الحيوانات التي خدمت جيش المملكةخلال حروبها وفي مقدمتها الحمير والبغال التي كانت تنقل العتاد والغذاء لجيش الأمبراطورية!
فبينما انتصب تمثال تشرسل أمام مبنى البرلمان ونيوتن أمام المكتبة البريطانية فإن نصبا تذكاريا للحمير أقيم في قلب العاصمة البريطانية وعلى مقربة من ساحة ماربل آرج ومقابل حديقة الهايدبارك الشهيره التي يزورها الملايين من كافة أنحاء العالم كل عام ليتمتعوا بخضرتها وصفائها أي يتمتعوا بالحياة. وفي ذلك اشارة الى هذه الحياة الهنيئةماكان لها أن ترسى لولا تلك الحيوانات التي تحملت مشقة الحمل لمسافات طويله لتساهم مساهمة فاعلة في تحقيق امجاد بريطانيا.
وفي ذلك إعتراف بالجميل لمن خدم البلاد وإن كان من فصيلة الحيوانات التي لايسع الإنسان المنصف إلا ان يقف مقدرا لجهودها فكيف بجهود العظماء الذي دفعوا عجلة الرقي الى الأمام. وبالمقابل فإن هناك امم لم تكرم الحيوانات التي خدمتها بل ولا حتى عظماؤها من العلماء والمحرّرين والشعراء, لكنها كرمت سفاحيها وجزاريها الذينينتصب لهم تمثال في كل ساحة وترفع لهم صورة في كل بيت وشارع ودائرة وهم أساس دمار البلاد وخرابها.
وفي مثل هذه الأمم فإن الإبداع يموت أو يهاجر الى حيث التكريم, ويسود الأوطان جهالها ويتأمر سفهاؤها والنتيجة أن مثل هذه الأمم والشعوب تواصل مسيرة انحدارها نحو الهاوية وتتلقى الصفعات واحدة تلو الأخرى, واما الأمم التي تكرّم حميرها فتضع مبدعيها في المقدمة فهم ثروة لاقيمة لثروات النفط أمامها, فهل يمكن هزيمة مثل هذهالشعوب بسلاح الجهل والتخلف والفساد والتغني بأمجاد الماضي البعيد ؟ أم أن النصر مكتوب للأمم التي تكرّم حميرها؟