قال مسؤول أمني عراقي رفيع إن لدى الأجهزة الأمنية في بغداد معلومات أن هيئة العمليات الخارجية في تنظيم “داعش” تخطّط لعمليات في أوروبا ومناطق أخرى من العالم. وهذه التصريحات سبقت بساعات العمليات الانتحارية التي شهدتها العاصمة السريلانكية كولومبو وأدت إلى مقتل نحو ٣١٠ أشخاص، وهي جاءت بعد ساعات على تبنّي التنظيم عملية في الكونغو.
و”داعش” الذي أعلن اليوم تبنيه عملية سريلانكا ونشر صورة لمنفذيها كان أجرى في أعقاب هزيمته في الباغوز سلسلة تغييرات في قيادته، وكشف المسؤول الأمني عن اسم المسؤول الجديد عن شبكة العمليات الخارجية في التنظيم، وهو أبو سعيد الجزراوي (سعودي الجنسية)، ومساعده أبو بكر المغربي. كما عيّن التنظيم أبو عمر الجغيفي وهو عراقي الجنسية مسؤولاً عن التهريب من وإلى تركيا، ويبدو أن إشارة هذا المسؤول إلى التهريب من وإلى تركيا ترتبط بقناعة مفادها وجود محطات أمنية للتنظيم في عدد من المدن التركية. أما بالنسبة إلى منطقة شرق آسيا، فقد عيّن التنظيم أبو تيار الشيشاني مسؤولاً عنها، ومن المتوقع أن يكون الأخير هو من تولى التخطيط لعملية كولومبو.
في هذا السياق أيضاً يمكن إدراج ما أعلنت عنه “داعش” ببيان قبل يومين لجهة تنفيذها عملية في العاصمة السعودية، وهو ما نفته الرياض، إلا أنها كشفت عن تفكيك خلية جديدة لـ”داعش” وعن مصادرتها كمية كبيرة من الأسلحة.
في بغداد حيث تُدار أوسع حملة دولية على “داعش” يرى مسؤولون سياسيون وأمنيون التقاهم “درج” أن خطر التنظيم لا يزال قائماً، وأنه يملك قدرات على التحرك ليس في العراق وحسب وإنما أيضاً في الكثير من دول المنطقة. وقال المسؤول الأمني إن مصادر تمويل “داعش” ما زالت قائمة، وأن المبالغ الكبيرة التي غنمها التنظيم في غزواته في السنوات السابقة جرى استثمارها عبر مؤسسات يديرها أشخاص في دول مجاورة مثل تركيا. وتوقع المسؤول أن تكون عائدات هذه المؤسسات نحو ٥٠ مليون دولار سنوياً.
التوقعات نفسها يسمعها زائر بغداد من سياسيّيها، فالاحتفالات بـ”النصر على الإرهاب” تترافق مع كلامٍ في أروقة السياسيين عن أن “داعش” ما زال ناشطاً وعن توقعات باستئنافه أعمالاً عسكرية في الداخل العراقي والسوري وفي الخارج. ولفت مسؤول أمني آخر إلى ظاهرة “المقاتل الشبح” الذي يفاجىء القوى العسكرية في مناطق غير تقليدية.
وأكد أن قتالاً يومياً ما زالت تخوضه القوى العسكرية العراقية، وأن أعداد القتلى من بين هذه القوى يفوق الخمسة يومياً. ولفت إلى أن التنظيم بدأ بتحريك عناصر خارج الرصد الأمني، ممن كانوا فتية وأطفالاً وهم اليوم صاروا مراهقين ومقاتلين محترفين جرت عمليات تدريبهم منذ أيام طفولتهم.
وقال “جرى في السنوات السابقة تركيز كبير من قبل التنظيم على صغار السن. لا أحد يعرف من هم هؤلاء ولا أين هم. نعرف أنهم تدرّبوا على الاختفاء وعلى القتال فقط. كانوا أطفالاً وبعد فترة صاروا مقاتلين”.
مصادر تمويل “داعش” ما زالت قائمة، والمبالغ الكبيرة التي غنمها التنظيم في غزواته في السنوات السابقة جرى استثمارها عبر مؤسسات يديرها أشخاص في دول مجاورة مثل تركيا
التقارير الأمنية العراقية ترجّح أن يكون أبو بكر البغدادي إما في بادية حمص أو في صحراء تدمر، في حين ترجّح تقارير أمنية أميركية أن يكون في العراق في جزيرة راوا أو في وادي حوران، وهذه الاحتمالات تعني بحسب الأمن العراقي أن البغدادي يمكن له أن يتحرك في مساحة تبلغ نحو ٢٩ ألف كيلومتر مربع.
الشكل الذي حصلت به عمليات كولومبو يكشف بأن تخطيطاً دقيقاً سبقها، وهذا ما يرجّح وقوف جهة تملك إمكانات للتخطيط والتمويل والتنفيذ. بيان “داعش” والصور المرافقة له، وهي تكشف وجوه بعض المنفذين تجعل من احتمالات وقوف التنظيم وراءه أمراً مرجّحاً. هذا الأمر من المفترض أن يدفع إلى إعادة النظر بمقولة القضاء على التنظيم، ويضاف إلى ذلك بن الشروط والظروف التي ولد التنظيم في ظلها ما زالت قائمة، لا بل تضاعفت.
في أروقة رجال الأمن في العراق الكثير من الكلام والمخاوف واعتقاد بأن الحروب على الإرهاب لا تكفي لوقفه. فالمشهد السياسي ما زال مفتوحاً على احتمالات العنف، و”داعش” يجيد الاستثمار في الجماعات المضطهدة وفي مجتمعات “المهزومين”، والعالم كبير ويتّسع لمزيد من الموت.
داعش” يستيقظ في كولومبو والبغدادي يتحرّك في مساحة توازي ضعفَي لبنان
RELATED ARTICLES