في البداية أعبر لكم جميعا عن ارتياحي للصدى الايجابي حول قرار المجلس الروحاني داخل مجتمعنا وخارجه. وفِي نفس الوقت أعتز وأقدر رأي المعارضين والمنتقدين للقرار، نحن جميعا شعب واحد ومصير واحد، قد نختلف في الاّراء والأفكار، لكننا نبقى قلبا واحداً يسعى الى تجاوز هذه الكارثة بأقل خسائر ممكنة.
الموافقون على هذا القرار لم يكونوا يوما أقل حرصاً على صيانة المبادئ الدينية الأصيلة في المجتمع الايزيدي. والمعترضون ليسوا أقل إنسانية او أقل تعاطفاً مع الناجيات والاطفال، لكن المسالة هي مسالة مجتمع منكوب يعيش في صدمة وإبادة مستديمة، ولن نستطيع يوما ان نتخذ قرارا صحيحاً ١٠٠٪ ، كل عمل في هذه المرحلة ايضا سيكون ناقصاً. لهذا اتفهم تماما الاعتراضات وانا أشاركهم في كل حججهم الواقعية والاجتماعية والدينية والقانونية، بل أقدر حرص الجميع على هذا المجتمع وأعتز بحماستكم وغيرتكم. الموضوع في النهاية لا يحتاج الى عصبية ولا صراع بين الجانبين، هي مجرد اختلافات في الرأي والموقف..
لهذا رسالتي لكم جميعا:
الاختلاف شئ جميل، وليس هناك أجبار لكي يتبع الجميع نفس الفكرة ولكن المهم ان لا يفقد الطرفان الاحترام المتبادل. وحدة الصف مهمة وحيوية، فالمجتمع يحتاج الى عشرات السنين لكي ينهض من جروحه، ومسؤوليتنا الأخلاقية ان نحافظ على مستقبل اجيالنا ونساهم في لملمة الجروح. حين تكون هناك مشاكل يجب البحث عن الحلول، وليس بالضرورة ان يكون الحل نهائيا ولا يوجد حلول بدون عواقب سلبية. أقدر حجم المأساة وأفهمها تماماً، لأنني أعيش فيها حتى في أحلامي..
بعض الأشخاص سألوني بسذاجة: ماذا لو كانت احدى النساء من عائلتي ضحية مثلهم؟ وانا اقول لهم كل هؤلاء النساء والبنات عائلتي وبناتي واخواتي وشرفي -والايزيدي الذي لا يعتبر هؤلاء الناجيات شرفه فهو عديم الشرف-، إن لم تربطني معهم صلة قرابة لا يعني ان اتركهم في مهب الريح. وليس من حقي ولا من حق أحد ان يقرر نيابة عن الضحايا. البنت او الام واهلها فقط هم أصحاب القرار. لا نتدخل في شأنهم ولا في قراراتهم، لكن مطلوب منا ان نحترمهم.
ايها الاحبة..
لقد عاد الى أذهاني قرار صدر من المجلس الروحاني عام ١٩٦٨، حينما ظهرت مشكلة انقراض بير هسن ممان، فقام المجلس بالموافقة على جواز التزاوج بين طبقة هسن ممان وهسنالكا. فذهب بيرة هسنالكا الى الأمير الراحل وقالوا انهم لن ينفذوا القرار. فترك الامير لهم القرار الاخير. ولَم يحصل إجبار، لكن النتيجة أن أسرة هسن ممان بدأوا بالانقراض تقريبا وأصبحنا على وشك ان نفقد طبقة عريقة بيننا..
احبائي المعترضين..
الامير، وباباشيخ وبيشيمام ورئيس القوالين الحاليين هم اولاد الامير وباباشيخ وبيشيمام ورئيس القوالين لذلك الوقت. رغم ان الزمن تبدل، ولكن نفس المجلس الروحاني لايملك أية وسيلة ضغط او قوة اجبارية عليكم… هذا رأي ديني صرف من منطلق انساني وتعاطف انساني. ومجرد قرار، من اقتنع به يرحب به ومن لم يقتنع يرفضه بكل هدوء ولن يطرق بابكم من يجبركم على التحدث مع ناجية او ابنها ولا دمجها معكم. اتركوا الضحايا يقررون مصيرهم بأنفسهم دون اي تدخل منا جميعا.. هذا حقهم عليكم ايها الرجال، حينما غدر بكم الزمن ووقعن الفتيات البريئات بأيدي الوحوش، وكان الكثير منكم يتفرجون. اتذكر تماما ان المئات كانوا أسرى في تلقصب وكوجو وكرزرك، لم يتحرك رجل واحد ولا مقاتل بعملية ولو صغيرة من اجل تحرير بنت واحدة. وهكذا في تلعفر كان ثلاثة الاف من الأسرى، يحرسهم عشرة دواعش هناك ولَم اسمع بمفرزة فكرت ولو بمحاولة فاشلة -أعرف ان ذلك لم يكن ممكنا-، لكن كنت اسمع من قصص العجائز أولاءك الذين يضحون بحياتهم من اجل مجتمعهم (سه ري خوه ل رييٓا ئيزي دان)، لم اجد هذا بيننا ايضا. فلو حررنا بناتنا ماكنا اليوم نناقش هذه المأساة الان، هذا ليس عتاب عليكم او تهمة لكم -اعرف ان المصيبة اكثر من طاقتكم-، لكن هذا هو الواقع وعلينا تحمل تبعاته..
وأخيرا..
حينما أجد الصدى العالمي الايجابي منذ أيام لهذا القرار، احس بالفخر والاعتزاز بهذا المجلس وأعضاءه، الذين عرضوا أنفسهم للانتقادات وأصدروا القرار بكل جرأة، بدل ان يدفنوا رأسهم في التراب متجاهلين حجم المأساة.
لكن في نفس الوقت المشكلة الاجتماعية اكبر بكثير والمشكلة القانونية اكبر من حجمنا جميعا. ونحن نتضامن مع مطلب المجلس الروحاني، ان الحل الوحيد لهم هو تبني بعض الدول المتحضرة قضية هؤلاء الضحايا لنقلهم بعيدا عن الصراعات في العراق..
ميرزا دنايي
فاتلينكن، ٢٦ ابريل ٢٠١٩
احسنت دكتور ميوزا المحترم..
طرح عقلاني وموزون الفكرة. انا من الاشخاص الذين لم يعلقوا علي قرار المجلس ليس لعدم أهميته بل لانني لست انا صاحب القرار في هذه المسألة لانها تحتاج الى نظرة شاملة ومن زوايا مختلفة منها ما يتعلق بأمهاتهم الناجيات ومنها ما يتعلق بالنواحي القانونية التي قد تثير مشاكل اجتماعية ودينية لاحقاً. وعلى العموم سواء قبلنا بهؤلاء الاطفال ام نقبل فأزمتنا اكبر بكثير ومعقدة بشكل لا يتصور.
خودى بكا خير
تحياتي