الثلاثاء, نوفمبر 26, 2024
Homeاخبار عامةالسياحة الجنسية.. الوجه الآخر لدمشق وضواحيها في ظل الحرب

السياحة الجنسية.. الوجه الآخر لدمشق وضواحيها في ظل الحرب

السياحة الجنسية.. الوجه الآخر لدمشق وضواحيها في ظل الحرب
   الصور تعبيرية – جيتي
زمان الوصل
رغم التكتم الشديد الذي تبديه سلطات الأسد حيال تفاقم ظاهرة الدعارة الوجه الآخر لدمشق وضواحيها في ظل الحرب، فإن من السهل اكتشاف استفحال هذه الظاهرة التي كانت إلى وقت قريب في دائرة السرية، وتكفي عملية بحث بسيطة في “جوجل” عن عبارة مثل “سياحة- جنس- دمشق” لنجد العديد من الأخبار حول قصص وفضائح مسرحها فنادق المدينة ونواديها الليلية ومطاعمها الراقية، وتنشر مواقع موالية للنظام بين الفينة والأخرى على استحياء قصص ضبط سلطات النظام لشبكات تعمل على تسهيل الدعارة مقابل المنفعة المالية، ومنها الشبكة التي تم ضبطها منذ أسابيع وضمت أشخاصاً نافذين وذوي علاقات رفيعة المستوى ومن بين المتورطين فنانون وفنانات، وأصحاب مطاعم في دمشق، حيث أجريت تحقيقات معهم، بينما جرى تحويل بعضهم إلى القضاء العسكري بسبب وجود أطراف عسكرية بالقضية.
ونشر موقع (استماع سوريا) المقرّب من النظام أنه عقب مراقبة ومتابعة من قبل “إدارة الإتجار بالبشر” للمدعو(أ.ط) تم إلقاء القبض عليه بتهمة تسهيل الدعارة، وهو صديق مقرب لعدد من كبار التجار والمسؤولين والفنانين ووجوه بارزة في المجتمع السوري، لكن سرعان ما بدأت الاعترافات تقود المحققين لأسماء جديدة أكثر نفوذاً، كاشفة عن جرائم جديدة لا تقف عند تسهيل الدعارة، بل اقترنت بجرمي (اللواط – وترويج المخدرات) كما تمكنت سلطات النظام -حسب المصدر- من إلقاء القبض على شبكة مؤلفة من مجموعة من الأشخاص تقوم باستغلال فتيات سوريات عن طريق إرسالهن إلى دول عربية لاستغلالهن جنسياً مما يشي ببدء رواج ما يُعرف بـ”السياحة الجنسية”.
الأمين العام لـ”تجمع العدالة السوري” القاضي “محمد نور حميدي” يقول لـ” زمان الوصل” إن النظام شرعن هذه الظاهرة منذ عدة أيام وبصورة علنية من خلال السماح لنقابة الفنانين بمنح بطاقات تعريفية للراغبات من النساء بممارسة هذه المهنة ولمدة شهر، رغم أن هذه الإجراءات تعتبر مخالفة للنصوص القانونية المطبقة في سوريا، مشيراً إلى أن المادة 509 في الفقرة الأولى تقول “من حض شخصاً أو أكثر ذكراً كان أو أنثى أتم الحادية والعشرين من عمرهما على الفجور أو الفساد أو على تسهيلهما له أو مساعدته على إتيانها عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاثة سنوات وبغرامة من 500 إلى 2000 ليرة ويُعاقب من تعاطى الدعارة السرية أو سهلها بالعقوبة ذاتها”.
وتابع “حميدي” أن المادة 510 تنص على أنه “يعاقب بالحبس ثلاث سنوات عل الأقل وبغرامة لا تنقص عن 500 ليرة كل من أقدم إرضاء لأهواء الغير على إغواء أو اجتذاب أو إبعاد إمرأة لم تتم الحادية والعشرين من عمرها ولو برضاها باستعمال الخدع والعنف والتهديد أو النفوذ أو غير ذلك من وسائل الإكراه”.
وأشار إلى أن هذا القرار الذي أصدره النظام من خلال نقابة فنانيه لتسهيل الدعارة يتعارض مع المواد الواردة في قانون العقوبات السوري “الذي كان صريحاً وواضحاً في معاقبة كل من يسهل ويستعمل هذه المهنة لكسب المال”.
ولفت القاضي المنشق عن نظام الأسد إلى أن “السياحة الجنسية” أو ما يُسمى بـ “الدعارة” لم تكن سراً في الماضي في سوريا إلا أن الضوء -كما يقول– لم يكن مسلطاً عليها بشكل مباشر في ظل القبضة الأمنية والتوجه الخفي للعصابة الحاكمة لترويجها من أجل تفكيك المجتمع والتحكم به.
ونوّه “حميدي” إلى غياب الإحصائيات الرسمية لعدد من يمارسون هذه المهنة رجالاً ونساء والمبالغ التي تدرها وهي موجودة في كل المجتمعات، إلا أنه في سوريا -حسب قوله- نجد أن هناك تواطؤاً بين الأجهزة الأمنية وأجهزة الدولة الأخرى، والهدف زعزعة بنية المجتمع، وجني الأموال الطائلة على حساب الضحايا.
“حميدي” لفت إلى أن النظام ركّز على دمشق في ترويج هذه السياحة غير المشروعة نظراً للعدد الكبير من القاطنين فيها، إذ يبلغ عدد سكان العاصمة بين 4 و5 مليون نسمة والغاية من ذلك –حسب قوله- إذلال الحاضنة الشعبية وقد يتم هذا الأمر تحت مبررات دينية وخاصة بعد دخول الإيرانيين، وترويج ما يُسمى بـ”زواج المتعة” وانتشاره بشكل كبير، إضافة للعدد الكبير الذي يقدر بـ 25 ألف داعرة استقدمهن النظام من أجل تحقيق هذه الغاية.
وبدوره أكد الباحث د. “طلال مصطفى” المختص بعلم الاجتماع أن ظاهرة السياحة الجنسية أو ما يطلق عليها “الدعارة” ظاهرة تاريخية ومتواجدة في المجتمعات كافة ولكن بنسب متفاوتة طبقاً لطبيعة كل مجتمع.
ولفت مصطفى إلى أن هذه الظاهرة كانت موجودة في الخمسينات في مدينة حلب ودمشق في مركزين فقط بشكل قانوني ومراقبة صحياً من قبل وزارة الصحة ومؤسسات مختصة أخرى كما هو حاصل في معظم دول العالم وخاصة الأوروبية، وفي عام 1963 تم إغلاق هذه الأماكن وحظر ممارسة الجنس خارج المؤسسة الزواجية الرسمية ولكن بدل أن يكون هناك مركز واحد في دمشق لممارسة الجنس أصبحت بالسبعينيات آلاف البيوت تستخدم للدعارة من قبل المتنفذين في النظام السوري.
وأكد محدثنا أن “آلاف المكاتب العقارية في مدينة دمشق ما هي إلا مكاتب سياحية للسياحة الجنسية وبإشراف ضباط المخابرات بالتنسيق مع بعض الشخصيات الفنية”.
وقدّر عدد بيوت الدعارة بأكثر من 40 ألف دار في فترة حكم الأسد الأب، مشيرا إلى أن نظام الأسد التف على موضوع عدم وجود قانون يرخص هذه الدور بترخيص نقابة الفنانين لكل اللواتي يعملن في الملاهي والمراقص الليلية على أنهن فنانات، واللواتي تضاعفت أعدادهن في عهد الأسد الابن وخاصة بعد عام 2004. وتم استقطاب الفتيات والقاصرات، باستغلال حاجتهن المادية للعمل بالدعارة لحسابه ضمن هذه الملاهي، إضافة لترويج الحشيش والمخدرات لزبائن الملاهي وإرسال الفتيات للشقق السكنية مع الزبائن بعد مغادرتهم لقاء مبالغ مالية.
وكشف محدثنا أن ظاهرة انتشار الدعارة ازدادت بشكل كثيف خلال سنوات الحرب وخاصة في الملاهي والمراقص، حيث تحول سفح جبل قاسيون إلى بؤرة مفتوحة للدعارة، بحيث لم يعد البعض يخجل من الذهاب إلى مطاعم جبل “قاسيون” بسبب السمعة اللا أخلاقية المرتبطة به، وبتوجيه مباشر من قبل بعض المتنفذين في النظام السوري باعتبارها مؤسسات تدر عليهم المال دون الخوف من أي خسارة في المستقبل.
وحسب المصدر، تم الاعتماد على وسطاء من بعض الشخصيات المعروفة في الوسط السوري في مدينة دمشق -فنانين، تجار، وصناعيين- مستغلين التصدع والتفكك الأسري الناجم عن الحرب وانتشار الفساد في الأجهزة التنفيذية.
عملية مقصودة
وعبّر “مصطفى” عن اعتقاده بأن انتشار هذه الظاهرة عملية مقصودة من قبل النظام السوري تهدف لإيجاد بنية اجتماعية هشة، ومفككة اجتماعياً وأخلاقياً، غير قادرة على العمل السياسي والنشاط المدني الهادف المعارض للنظام مستقبلاً، بالإضافة إلى الدخل المالي العالي الذي يصل إلى المتنفذين من ضباط أمن وعسكر في النظام، مما يجعلهم يستميتون بالدفاع عن هذه الظاهرة، مضيفاً أن ممارسة الدعارة بهذه الكثافة التي تحولت إلى صناعة سياحية مربحة دون الخوف من خسارة رؤوس أموال هي معركة حقيقية من معارك النظام على ثقافة الشعب السوري وقيمه، فالنظام يحاول أن ينسف أي مرتكز لأي ثورة قادمة، فالشعب السوري الذي كان يمتلك القيم والأخلاق التي جعلته يرفض الاستبداد والذل من قبل هذا النظام لذلك يسعى الى تفتيته ليضمن استمرار حكمه الأبدي كما يخطط ويحلم.
وختم محدثنا قائلاً إن “التفكير بحلول لمواجهة ظاهرة الدعارة غير ممكن قبل اجتثاث هذا النظام من جذوره، وبالتالي تسهل عملية إصلاح وعلاج الفتيات المنحرفات من خلال العمل على بناء ثقافة مجتمعية متماسكة أخلاقياً من خلال الاستناد إلى المنظومة القيمية الأخلاقية الأصيلة في المجتمع السوري التي حاول هذا النظام تحطيمها ليسهل عليه السيطرة”.
RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular