شهدت محافظة نينوى، في الأيام الأخيرة، سلسلة من الخروقات الأمنية قام بها تنظيم “داعش” في عدة مناطق من المحافظة، قبل أن يعلن مسؤول محلي، سيطرة التنظيم على قرى تقع جنوبي مدينة الموصل (405 كم شمال بغداد)، رغم تحذيرات كان قد أطلقها نواب وقيادات في الحشد الشعبي أكدت أن “داعش” يتحرك مستغلًا الأزمة السياسية التي تشهدها نينوى بشأن اختيار محافظ جديد.
قال عضو مجلس محافظة نينوى عبد الرحمن الوكاع في تصريح صحافي، اليوم الخميس، إن التنظيم فرض سيطرته على عدة قرى في ناحية الشورة جنوبي الموصل، وإن “الأهالي خضعوا له بعد أن جردتهم الحكومة من السلاح ثم تنصلت عن حمايتهم”.
جاء ذلك، بعد 3 أيام على ظهور زعيم “داعش” أبو بكر البغدادي في مقطع مصور، تحدث فيه عن “الثأر” لهزائم تنظيمه المتتالية في العراق وسوريا، و”حرب الاستنزاف” كاستراتيجية جديدة بعد 5 سنوات من اختفاءه بعد إعلانه “قيام الخلافة” في خطبته بجامع النوري بمدينة الموصل في 5 تموز/يوليو 2014.
حديث البغدادي الجديد استندت عليه عدة دول، ضمن التحالف الدولي الذي تشكّل عقب اجتياح “داعش” لنينوى في حزيران 2014، أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا لتأكيد أن “خطر التنظيم لم ينته بعد”، ليتوافق رأي رئيس الحكومة عادل عبد المهدي معهما، ويشير إلى أن “داعش سيحاول إعادة الثقة بمقاتليه” مستدركا: “لكن هناك تراجع واضح قدراته وإمكانياته ونحن فخورون بهذا الإنجاز”.
كان التنظين اختطف، يوم السبت الماضي 27 نيسان/أبريل، 4 أشخاص بينهم عنصر في قوات الأمن الكردي “الأسايش” التابعة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني جنوب شرق الموصل، قبل أن يعدم الأخير بـ”طريقة بشعة” كما قالت كتلة الاتحاد البرلمانية، والتي حذرت أيضًا من خطر التنظيم في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، وحالة “الفراغ الأمني” هناك، على خلفية التوترات بين القوات الاتحادية وقوات البيشمركة الكردية وغياب التنسيق بينهما منذ طرد الأخيرة من أغلب تلك المناطق ردًا على استفتاء انفصال إقليم كردستان في أيلول/ سبتمبر 2017.
قبل حادثة الاختطاف بيوم واحد، حذر مسؤول عمليات لواء 30 في الحشد الشعبي سامي التركماني من “تغلغل” تنظيم داعش في منطقة الجزيرة بمحافظة نينوى “مستغلًا” تفشي حالة البطالة بين الشباب، وفيما دعا الحكومة إلى معالجة ذلك، أكد التركماني استعداد الحشد الشعبي “التام” للتدخل.
تحذير آخر كان قد صدر عن عضو مجلس النواب عن محافظة نينوى نايف الشمري، يوم الإثنين 29 نيسان/أبريل الماضي، من عودة “خطر” داعش لـ “ 4مناطق حدودية هي البعاج والحضر والقيروان وتل عبطة”، مؤكدًا “حاجة” المحافظة إلى لواءين عسكريين على الأقل لمسك الحدود إضافة إلى كاميرات مراقبة.
يعزو الوكاع، الذي أعلن سيطرة التنظيم على قرى جنوبي الشورة، إلى “انشغال القيادات الأمنية في إدارة خلية الأزمة وتركها لمواقعها العسكرية المهمة”، في إشارة إلى قائد عمليات نينوى اللواء نجم الجبوري، أحد أعضاء الخلية التي وجه بتشكيلها رئيس الحكومة عادل عبد المهدي لتمشية الأوضاع في المحافظة بعد إقالة المحافظ نوفل العاكوب ونائبيه، على خلفية حادثة غرق عبارة الموصل في آذار/ مارس الماضي.
ومنذ إقالة العاكوب تتصارع كتل سياسية للظفر بمنصب المحافظ، ووصل عدد المتنافسين عليه إلى 36 مرشحًا أبرزهم النائبين منصور مرعيد، وأحمد الجبوري الذي يحظى بدعم رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، في مقابل دعم الشارع لرئيس خلية الأزمة مزاحم الخياط الذي رفض المنصب ولم يترشح لنيله.
هذا الصراع استغله تنظيم “داعش”، كما يؤكد عضو اللجنة الأمنية في مجلس نينوى حسام العبار، لتنفيذ عملياته الأخيرة في المحافظة، لكنه يقول إن “الوضع الأمني مسيطر عليه”، وهو ما يرفضه عضو المجلس أحمد الجربا، الذي يؤكد أن “وضع المناطق الواقعة غرب نينوى غير جيدة”.