–تستعر منذ عدة ايام حملة همجية ضد النائبة هيفاء الأمين بسبب مقابلة تلفزيونية جرى فيها سوء فهم متعمد لمفردة التخلف التي كانت تقصد بها البنى التحتية المتخلفة بمدن الجنوب وكذلك كل المنظومة الأقتصادية لهذه المدن وتأثير ذلك على عادات الناس وخاصة أضعف حلقات هذا المجتمع (المرأة والطفل).وتطورت هذه الحملة للأعتداء على مقر الحزب الشيوعي العراقي الذي تنتمي أليه هذه النائبة في محاولة لمعاقبة الحزب على دور نائبته التحريضي لتفعيل قانون وقف العنف ضد المرأة والطفل خاصة وان هيفاء الأمين أنتخبت مسؤولة عن لجنة المرأة والطفل في مجلس النواب .
*لماذا هذه الحملة الغير مبررة خاصة وان هيفاء الأمين أعتذرت علنا عن سوء فهم تصريحها؟
–الجواب يكمن بمن يقود هذه الحملة .
–من يتزعم هذه الحملة هو حزب الفضيلة الذي كان وزير العدل السابق أحد أعضائه وطالب بسن قانون تزويج البنات من عمر تسعة سنوات وغيره من القوانين التي تعيد المرأة لعصور بالية .هذا القانون الذي تنادى ضده الكثير من منظمات المجتمع المدني العراقية ذات التوجهات الديمقراطية واليسارية ووقف الحزب الشيوعي العراقي علنأ ضده وكذلك الكثير من الأوساط الدولية مما أضطر مجلس النواب الى عدم أقرار هكذا قانون.لهذا ليس غريبأ الأن ان ينشط هذا الحزب ويحرض بشكل خطر ضد هيفاء الأمين وحزبها الشيوعي.
*هذه الحملة تذكرني بأحداث الخمسينيات وما تلآها أيام ثورة تموز 1958 يوم تحالفت القوى الدينية وخاصة محسن الحكيم مع القوى القومية للنيل من الحزب الشيوعي وثورة تموز بعد أصدار قانون الأحوال المدنية وكانت للوزيرة الشيوعية نزيهة الدليمي دورأ بارزأ في سن هذا القانون الذي لم يرضي القوى الدينية والذي أعتبرته خروجأ عن التعاليم الشرعية فيما يتعلق بحقوق المرأة .ومعلوم أن لكل من القوى الدينية والقومية غاية خاصة في ذلك التحالف والذي أفضىى الى أنقلاب شباط الأسود ودخول العراق بأسوء أيامه السياسية من حيث الأعدامات للشيوعيين والوطنيين وانهاء الحياة الديمقراطية البسيطة التي عاشها البلد في تلك السنين القلائل والغاء جميع المكتسبات التي أنجزتها ثورة تموز.
–ما يحدث اليوم من حملة هو بالون أختبار بالضد من القوى التي تتبنى شعار أصلاح أو تغيير الوضع الفاسد والمتردي بالبلد .نجاحهم بهذه الحملة سينقلهم الى خطوات أخرى وبالتاكيد لكي ينجحوا يحتاجون الى ضرب حلقات من السهل النجاح فيها ولهذا كانت النائبة هيفاء الأمين على أعتبارها اساءت لمجتمع الجنوب ونعتته بالمتخلف (وكأنه ليس كذلك) وكذلك موقفها الرافض للحجاب (وكأن من يلبسه من مثل عالية نصيف سيكون رمز العفة والطهارة) وشيوعية ملحدة عقيدتها غير أسلامية مثلما يصفها زميل لها بتحالف سائرون.لأجل ذلك كانت هي كبش الفداء للبدء بهذه الحملة.
–السؤال هنا لجميع القوى المدنية التي يهمها بناء الدولة المدنية بغض النظر عن خلفيتها الفكرية .ماذا تفعلون هل تقفون متفرجين ومعتقدين بأن هذه الحملة ليست ضدكم وبالتالي لا مصلحة لكم بالدخول فيها (أذكركم بايام أنقلاب شباط حيث أستهدفت قطعان الحرس القومي جميع الوطنيين وليس الشيوعيين وحدهم)؟أم سيكون لكم موقف أخر يتمثل بالرد المناسب على هذه الحملة الهمجية عبر توحيد جهودكم مع بعض والقيام بالكثير من الفعاليات التي تدعم أسس بناء الدولة المدنية وخاصة القرارات التي تصب بهذا الخصوص في مجلس النواب ؟
–ما هو دور الأحزاب الرافضة لفكرة الدولة الدينية هل ستتحرك بالضد من هذه الهجمة وتظهر بوضوح لهذا التحالف البغيض الأسلاموي والقومي انها لن تسكت على هكذا خطط مدمرة للبلد ؟
–الحزب الشيوعي العراقي هل أستلم الرسالة التي أرادتها هذه القوى منه الأ وهي بأن لا مكان له بينهم. وبالتالي كيف سيواجه الحزب هذه الحملة؟
*أهم سلاح يتسلح به الحزب بهذه المرحلة هو الوحدة الداخلية لعموم منظمات ورفاق الحزب وتناسي جميع الخلافات وزرع الثقة والأيمان بقدرة الحزب ورفاقه وانصاره على مواجهة هذه الهجمة بشجاعة ولنا جميعأ الكثير من الأمثلة في كيفية تجاوز هكذا ظروف سواء أنقلاب شباط أو هجمة البعث عام 1978 أو غيرها من الأمثلة .
*ليعلم الجميع شيوعيين كانوا أو مدنيين وبغض النظر عن مشاربهم الفكرية ،القضية تخص الجميع الذين ينشدون الدولة المدنية،دولة المواطنة والعدالة وقيم الأنسانية بغض النظر عن الاختلافات الدينية والطائفية والقومية.دولة يكون الدين فيها حق وحرية لكل فرد دون أن يكون فرض أو وصاية من أي أنسان على الأخر .
–البلد وصل الى حالة أفتراق بين من يريد جره الى تحكم رجال الدين بكل أمور الدولة ومن يريد دولة المواطنة للجميع حيث تحترم جميع مكونات هذا المجتمع ويكون القانون هو السلطان الأكبر بالبلد.
*الأحزاب الأسلامية حكمت البلد منذ ستة عشر عام ولم يجني منها المواطن غير التخلف والجوع والفساد والجريمة المنظمة وأن الأوان لتكون للقوى المدنية كلمة وصوت أعلى لتأخذ بيد المواطن الرافض لهذه الأحزاب ويريد أزاحتها عن سدة الحكم ولكنه ينتظر القوى السياسية التي ترشده الى الطريق السليم عبر مشاركتها له بكل الفعاليات الاحتجاجية الداعية لأنهاء حكم هذه الأحزاب وهذا لن يتحقق أذا لم تتظافر جهود هذه الأحزاب وكل القوى المدنية الرافضة للمشروع الديني في قيادة البلد .
يا أنصار الدولة المدنية البلد يحتاجكم الأن أكثر من أية فترة مضت لا تخذلوه !!!
مازن الحسوني 2019/5/6