خامساً: وتحت عنوان دوافع الانتحار كتب أ. د قاسم حسين صالح عن الاسباب التقليدية للانتحار، وكالتالي:
1.[في قراءتنا للأدبيات والتحقيقات الصحفية، تتلخص اسبابه بثلاثة: -البطالة في قطاع الشباب، -تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية،
عادات وتقاليد اجتماعية متخلفة].
*تعليق: النقاط الثلاثة التي حددها أ. د قاسم حسين صالح يمكن ان تكون نقطة واحدة هي “الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية “لأن البطالة والعادات والتقاليد تقع ضمنها… الغريب ان الدكتور لم يؤشر الى الانحراف السياسي و “الانحراف” النفسي.
نعم دراسة الادبيات والتحقيقات الصحفية…لكن أي تحقيقات صحفية أُنْجِزَتْ عن الانتحار في العراق؟ لا أدري هل يعتبر أ. د قاسم حسين صالح ان ما نشرته الصحافة التي استعار منها، تحقيقات صحفية؟ أنا اعتبرها وكل ما ورد عنها في مقالة أ. د قاسم حسين صالح لا تتعدى “كلام جرايد” وأي “جرايد”؟ هي “جرايد العراق الجديد أو العظيم”.
يتكلم الدكتور عن البطالة في قطاع الشباب وهو يعرف ان شباب ما بعد 2003 عاشوا البطالة منذ ما قبل 2003 هم وعوائلهم فكل مولود منهم قبل 2003 حتى1970 كان شخصيا خارج دائرة العمل ومنهم مواليد منتصف الثمانين من القرن الماضي حتى “التغيير” عاشوا البطالة هم وعوائلهم، ويمكن لي ان اطرح السؤال التالي: هل البطالة في قطاع الشباب الأن أكثر مما كانت عليه خلال الفترة من 1990 الى 2003؟ الجواب كــــــــــلا والسبب ان الشعب العراقي جميعه كان في بطالة بكل الاعمار بسبب تعثر الصناعة والزراعة وترشيق دوائر الدولة، وحتى الموظفين بما فيهم أساتذة الجامعة كانوا في بطالة كون رواتبهم لا تكفي توفير الطعام لعوائلهم لمنتصف الشهر.
اما العادات والتقاليد الاجتماعية المتخلفة، لا اعرف هل هي جديدة على المجتمع العراقي؟ الجواب أيضاً كــــــلا فقد نَشَّط نظام ما قبل 2003 ومنذ منتصف الثمانينات دور العشائر العراقية لحماية الداخل ومتابعة الهاربين من الخدمة العسكرية وشَّكَلَ لذلك مؤسسات رسمية، ثم بعد ذلك نَشَّطَ دور رجال الدين مع استمراره في تنشيط دور العشائر بما أسماه الحملة الايمانية. اليوم يمكن للناس ان ترفض او تعترض لكن في تلك الأيام يعتبر الاعتراض والرفض مخلاً بأمن الدولة وحساب ذلك عسيرجداً في ظروف حالة الطوارئ خلال الحروب او الحصار.
…………………………
2.ورد: [والذي حصل بعد التغيير، تزايد شدة وحدة الاسباب التقليدية هذه، إذ أشارت التقارير الى ان نسبة البطالة بمحافظة ذي قار بلغت (34%)، فيما تعدى عدد من هم دون مستوى خط الفقر سبعة ملايين عراقي] انتهى
*تعليق: هنا الدكتور بعد ان حدد الاسباب التقليدية كما ورد أعلاه من قراءته للأدبيات والتحقيقات الصحفية وعَّددها يأتي هنا ليحصرها في الجانب الاقتصادي عندما كتب “والذي حصل بعد التغيير، تزايد شدة وحِدَّةْ الأسباب التقليدية إذ إشارت التقارير الى ان نسبة البطالة بمحافظة ذي قار بلغت (34%) فيما تعدى عدد من هم دون مستوى خط الفقر سبعة ملايين عراق” والغريب هنا انه تكلم عن البطالة بشكل عام وهناك حصرها في قطاع الشباب. وهذه كما اعتقد غير صحيحة/ دقيقة!!لم يخبرنا عن “أشارت التقارير” أي تقارير تلك التي أشارت؟ أو تقارير مَنْ؟ كما ذكر عن عمليات الانتحار وقالت الصحيفة الفلانية وصرح الناطق الفلاني عليه ان يشير الى بعض تلك الإشارات الخاصة بنسب البطالة.
عندما يتكلم الأستاذ الفاضل عن العراق يجب ان تكون الأرقام تخص العراق وعندما يتكلم عن جزء منه يجب ان تكون الأرقام تخص ذلك الجزء…فلا اعتقد ان من الصح و الدقة ذكر الفقر في العراق والبطالة في ذي قار، المفروض اما الرقمين عن العراق او عن ذي قار.ومع ذلك اسأل أ.د قاسم حسين صالح: هل كانت البطالة قبل “التغيير” اقل من (34%)؟ وهل كان عدد من كانوا تحت خط الفقر في العراق قبل التغيير اقل من (7) ملايين؟ ، اليوم عدد العاملين في الدولة والذين يتقاضون رواتب يفوق ربما بثلاثة اضعاف عددهم في زمن “الترشيق” قبل 2003 والرواتب تعادل عشرات اضعاف الرواتب قبل السقوط حيث كانت البطالة عامة وحتى العاملين بالدولة هم “بطالين” لأن راتب المهندس كان لا يكفيه معيشة عائلته لأيام قليلة وراتب الأستاذ الجامعي لا يساوي قيمة “طبقة بيض واحدة” وكان بعض أساتذة الجامعة الأستاذ يعملون سائقي تاكسي بسيارتهم الخاصة بعد الدوام الرسمي او قبله وأصبح بعضهم سائق عند طلابه بأجور لا تسد رمق عائلته…والناس كانت تبيع بعض الحصة التموينية و تبيع ممتلكاتها الشخصية وباع البعض حتى أبواب وشبابيك غرف بيوتهم بعد ان باعوا كل غالي و ثمين حتى ذكرياتهم و مكتباتهم و مصوغات و حلي ازواجهم وباع البعض افرشته و أعضاء من جسده ليشتري حليب لأطفاله. والموضوع بالنسبة لغير العراقيين أقول إن ما ورد هنا لا يخص شخص او اشخاص وإنما عامة الشعب أو السواد الأعظم من الشعب، كان راتب الكثير من الموظفين لا يعادل دولار واحد في الشهر… يعني شخص مثل الدكتور الراحل علي الوردي لا يملك المال الكافي لوصوله للأردن للعلاج و أ. د قاسم حسين صالح يعلم علم اليقين وبشكل دقيق جداً كل ذلك وربما يفوق الجميع في معرفة عن تلك الحالات.
ثم كتب أ.د قاسم حسين صالح مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية التالي: [وزاد عليها ظهور أسباب عراقية جديدةّ! للانتحار نوجزها بالآتي] انتهى:
*تعليق: هذه العبارة تُذَّكِرُني ب “إبداعات” الدكتور علي الوردي له الذكر الطيب…ذَّكرتني ايضاً بأقوال الوردي عن “الانحراف الجنسي في العراق”
أ.دقاسم حسين صالح مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية عَّدَدَ الأسباب العراقية الجديدة كالتالي:
1.[توالي الخيبات. صبر العراقي خمس سنوات بعد (2003) ثم خمسا، ثم خمسا…ولأن للصبر حدود، وقدرة على التحمل، فان البعض من الذين نفد صبرهم عمد الى الانتحار بوصفه الحل الأخير لمشكلته.] انتهى
*تعليق: وهل كان صبر العراقيين قبل التغيير قليل؟ صبروا ثمانِ الحرب مع إيران وثمانِ الحصار الاولى والثمانْ الثانية للحصار والحرب حتى عام 2004…أي ثمانٍ ثم ثمان ثم ثمان وهنا الصبر فاق الحدود لأنها بكل دقائقها تلك الفترة الطويلة كالذل والإهانة والإرهاب والتنكيل والاستفزاز والمراقبة والحرمان …لا متنفس للناس لا في سفر من خلال القوائم الطويلة العريضة للممنوعين من السفر ولا في البوح حتى همساً بين الاهل والأصدقاء وحتى الرسائل البريدية الصادرة والواردة مراقبة. كيف كانت “خيبات العراقيين فيها”إذن والدكتور على بينة بكل تلك الأمور من خلال موقعه العلمي والوظيفي وعلاقاته الاجتماعية الواسعة؟ اما بعد 2003″ الاحتلال” “التغيير” أصبحت هناك وسائل للتنفيس كالتظاهر والاعتصام والسب العلني للحكومة والحاكمين في الشوارع ومن على شاشات التلفزيون وامام كل العالم عبر وسائط التواصل الاجتماعي…
2.[الشعور بالحيف والندم. تجري لدى بعض الشباب مقارنة بين شخصه وقدراته وقيمه وبين آخرين يحتلون مناصب بمؤسسات الدولة يقلّون عنه خبرة وكفاءة وقيما، مصحوبا بشعور الندم على اضاعة الفرصة..فيعاقب نفسه بقتلها.] انتهى
*تعليق: هل ممن انتحر أساتذة جامعة وأطباء ومهندسين حتى يقارنوا شهاداتهم وقدراتهم وشخوصهم ومواقعهم مع من احتلوا المناصب في مؤسسات الدولة؟ كم عدد المنتحرين من الاميين علمياً واجتماعياً؟ كم عددهم من النساء المحجبات المنقبات الاُمَّياتْ؟ كم عدد المنتحرين من الفاشلين في حياتهم؟ كم عدد المنتحرين من “المحششين” و “المعاقرين”؟ كم عدد المنتحرين من المصابين بأمراض نفسية نتيجة سنوات الحصار والحرب المدمرة والاضطهاد والتسلط التي جرت منذ 1980حتى 2003 ولا أتكلم عما قبلها، ذلك الحصار المُذل الذي جعل الابن يسرق اهله والدكتور الفاضل يعرف قصص لو نُشرت لهزت العالم …ثم بعد(2003) حرب الطوائف التي اشعلتها أمريكا واذنابها المحليين والاقليميين.
3.[الاكتئاب واليأس والوصول الى حالة العجز. حين يجد الفرد أن الواقع لا يقدم له حلّا لمشكلته، ويصل مرحلة اليأس والعجز، فانه يلجأ لإنهاء حياته. وهنالك أكثر من حادثة بينها انتحار ست نساء في النجف قبل سبعة أعوام جاءت بسبب وضع اطفالهن الصعب، ولأنهن لم يستطعن اعالتهم فإنهن اخترن الانتحار بشكل جماعي.] انتهى
تعليق: أبدأ بعبارة: “اخترن الانتحار بشكل جماعي”…الانتحار الجماعي كما افهم يتم باتفاق مسبق مع تحديد ساعة التنفيذ والأداة والمكان وربما اضيف على ذلك ان لهم هدف واحد وربما سبب واحد… فهل هذا الذي جرى بالنسبة للنساء “النجفيات” الستة؟؟؟ هذا الموضوع يحتاج الى وثائق دامغة وليس كلام “جرايد” ونحن نتكلم عن مقالةأعدها ونشرها أستاذ متخصص…ارجو نشر الوثيقة التي تقول بهذا الانتحار الجماعي لطفاً.
اما عن الاكتئاب واليأس والعجز. هل كان الشعب العراقي منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي حتى “””التحرير””التغيير” لا يعاني من الاكتئاب واليأس والعجز؟ ماذا يقول علم النفس عن شعب عاش أكثر من ثلاثة عقود في حروب عسكرية واقتصادية واجتماعية وهو مكبل يُقاد كالقطيع الى اذلاله وقتله وإهانة كل اعتباراته وهذا شمل الجميع بما فيهم المنتسبين للخط السياسي للسلطة حيث اُجبروا على إهانة اهاليهم واصدقائهم وجيرانهم واحبتهم و”رفاقهم” والقصص في ذلك لاتُعد ولا تُحصى يعرفها الأستاذ الدكتور جيداً وعميقاً.
4.[فشل السلطة واستفرادها بالثروة. تعرّف السياسة بأنها فن ادارة شؤون الناس، وما حصل في العراق ان الطبقة السياسية عزلت نفسها مكانيا ونفسيا في عشرة كيلومتر مربع لتعيش حياة مرفهة وتركت الناس يعيشون حياة الجحيم، ولم تستجب لمطالبهم وتظاهراتهم من شباط (2011) والى الآن.]
*تعليق: أعتقد هذا التعريف للسياسة غير دقيق.ومع ذلك،وفق أي”فن” كان نظام ما قبل عام 2003 يدير شؤون الناس.
ثم من انتخب هذه السلطة وأعاد انتخابها لأكثر من مرة وسيعيد انتخابها؟؟؟ هل كانت السلطة قبل التغيير أكثر انفتاحاً على الناس وأكثر إحساساً بما تعانيه عامة الشعب من السلطات الحالية؟ وهل كان عناصر سلطة ما قبل 2003يعيشون وسط الناس؟ وهل كانوا يعيشون حياة غير مرفهه؟ الم تكن هذه العشرة كيلو مترات هي نفس المنطقة تلك التي عزل فيها النظام السابق نفسه بحدودها؟ اقل ما يمكن ان نقول ان الناس اليوم اي بعد “التغيير/التحرير/التحيير” أصبحت تُنَّفِسْ عن دواخلها بالصراخ واللعن والتظاهر والاعتصام والكتابة وتُفَرِغْ ما يعتمل في صدورها بعكس الحال قبل التغييروهذه أمور يعرف تأثيرها وأهميتها الأستاذ الدكتور قاسم. يكفي اليوم ان الناس في تظاهر منذ شباط 2011 كما تفضلت به… ونحن ندرس مجتمع وحالة…أجد إن هذا الطرح يلغي هذه النقطة عندما ربطها الدكتور بالحالة “السياسية”…كم عدد المتظاهرين؟؟؟ هل يشكلون شيء عددياً من شعب من أكثر من 30 مليون نسمة؟ مع اقراري بعدالة تحركهم وتضامني التام معهم لكنهم لا يشكلون وزناً اجتماعياً ولولا ان السلطات تريدهم كذلك حتى يتناسب تحركهم اعلامياً من شكل النظام لتم القضاء عليهم ولن يخرج خلفهم من يُشَّيَّعَهُمْ الى المقابر وربما على ذويهم تسديد ثم رصاص قتلهم كما كان يحدث في النظام السابق.
…………………………
5. وختم أ. د قاسم حسين صالح مقالته هذه باقتراح الى الحكومة العراقية والبرلمان ومجلس محافظة بغداد لخصه بالآتي:
[توحيد جهود المؤسسات المعنية بالصحة النفسية، والجمعية العراقية للبحوث والدراسات الطبية في البصرة، وجمعية الأطباء النفسيين العراقيين، والجمعية النفسية العراقية، بوضع خطة علمية تستهدف الحد من ظاهرة الانتحار في العراق. ودعوة اقسام علم النفس والارشاد التربوي والنفسي وعلم الاجتماع في الجامعات العراقية الى التنسيق فيما بينها للتعامل مع ظاهرة الانتحار في الاوساط الجامعية بشكل خاص. وعقد ندوة تدعو الكتّاب والمثقفين ووسائل الأعلام الى التوقف عن اشاعة ثقافة التيئيس، ونشر الثقافة التي تشيع التفاؤل والتعلّق بالحياة، وتقديم برامج تخصصية تستهدف حل المشكلات برؤية سيكولوجية وكيفية التعامل مع الضغوط النفسية على غرار البرنامج الدرامي (حذار من اليأس) الذي كنّا نقدمه من اذاعة بغداد على مدى سبع عشرة سنة وما يزال العراقيون يتذكرونه] انتهى
*تعليق: اولاً لا اعرف لماذا خص الأستاذ الدكتور مجلس محافظة بغداد من دون كل مجالس المحافظات؟ لماذا اصلاً التقدم بهذا الاقتراح الى الحكومة والبرلمان؟ بدل دعوة تلك المنظمات والجمعيات والأقسام للالتقاء خارج اُطُرْ الحكومة والبرلمان لأن المفروض بالدكتور الذي أشار كثيراً الى السلطات الحالية بما يناسبها وهو يعرف إنها إن تدخلت في هذا الموضوع ستنقل اليه كل عيوبها ويكون هذا التجمع مجال للمزايدات والمحاصصة والاختلاف على مع من يرتبط مع الحكومة ام مع البرلمان ومجال لكل من يبحث عن موقع يتقرب به من السلطات والأحزاب التي تسيطر على البلد؟ أن مجرد هذه الدعوة/الاقتراح تثير علامات استفهام كبيرة تُعرقل عمل تلك اللجنة او المجلس المقترحين وتدعوا البعض الى التشكيك بالنوايا لأن هذه الدعوة دلالة على عكس الغرض المعلن منها على افتراض ان الداعي يعرف الكثير من الأمور عن حال البلد وكيف تسير الأمور فيه.
ثم لماذا لا تقوم الجمعية النفسية العراقية التي أسسها ويرأسها أ. د قاسم حسين صالح بدعوة تلك المؤسسات والجمعيات والفعاليات، لمثل هذه الفعالية العلمية، لدراسة حال مجتمعهم ليقدموا خدمة للمجتمع الذي هم جزء مهم منه؟ لماذا لا تتداعى تلك المنظمات والمؤسسات والطريق مفتوح امامها للقاء وعقد الندوات واعداد الدراسات وطرحها في وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي وحتى تُرسل نتائجها وبحوثها وتعليماتها الى الحكومة والبرلمان والمنظمات الدولية التي تقول انها تهتم بالشأن العراقي لتقدم للمجتمع بعض خدمة ورد بعض جميل.
مع ذلك أسأل: لو تم قبول هذا الاقتراح من قبل الحكومة او البرلمان، هل تتمكن هذه الجمعيات او الفعاليات والندوات والدعوات والنشاطات من: معالجة الأسباب التقليدية للانتحار التي حددها دكتور قاسم حسين صالح وهي: (البطالة في قطاع الشباب -تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية -عادات وتقاليد اجتماعية متخلفة) وكذلك الغاء (الأسباب العراقية الجديدةّ! للانتحار) التي ذكرها الدكتور قاسم حسين صالح: (توالي الخيبات-الشعور بالحيف والندم-الاكتئاب واليأس والوصول الى حالة العجزـ فشل السلطة واستفرادها بالثروة-اشاعة الإحباط)؟
شخصياٍ لا اُشكك فقط إنما أقول: لا…لا ولن تستطيع تحسين أي حالة من تلك الحالات وبالمطلق مهما حصلت على الدعم من كل الأطراف وبصموا لها بال”عشرة”…لماذا؟ لأن هذه الاجتماعات واللقاءات ستكون شكلية وتلعب بها امراض العملية السياسية…وتدخلات الأحزاب والاصطفافات التي قد تكون موجودة او تلك التي ستُفرض. وهنا تذكرت اقتراح الراحل الدكتور الوردي لمعالجة “داء الشخصية المزدوجة في الفرد العراقي كما يدعي” الذي ورد في ص74 من كراسة شخصية الفرد العراقي حيث قال: [اولاً: إزالة الحجاب عن المرأة وثانياً: تقليل الفارق بين اللغة الدارجة واللغة الفصحى وثالثاً: هيأوا للأطفال ملاعب ورياض تحت اشراف مرشدين اكفاء] …لكن كيف يتم تنفيذ ذلك؟ لم يخبرنا أحد او كيف تزبل الحجاب؟
فمثل هذا الاقتراح /الاقتراحات لا استطاعت ولا تستطيع أي دولة مهما كانت، بما فيها دول كبرى مثل الولايات المتحدة الامريكية أو فرنسا أو اليابان أو السويد أو أي دولة في العالم وفي أي عصر من القيام به او تنفيذه. للأسباب الكثير تلك التي تدفع الى التفكيربالانتحار او تنفيذ الانتحار وربما من بينها سبب بيولوجي.” قيل ان الرئيس أوباما شكل غرفة طوارئ عام 2002 لدراسة ارتفاع محاولات الانتحار بين صفوف المراهقين في الولايات المتحدة حيث بلغت ثلاثة ملايين محاولة لأعمار بين 12 و17 عام…”
…………………………
ملاحظة أخيرة: أ. د قاسم حسين صالح أشار الى البرنامج الدرامي الذي كما قال “كنا نقدمه من إذاعة بغداد” (حذار من اليأس)… أقول و يعذرني الأستاذ الدكتور قاسم حسين صالح…هذه أم مشاكلنا، مشكلتنا اننا نقيس على الماضي دون حس الانتباه لظروف الماضي والحاضر …نحن نركب القطار او كلما ركبناه نجلس بارتياح و نشوة باتجاه عكس سيره ،حيث لا نرى الا المحطات التي فاتت و ربما نرى بعض ما في المحطة التي نحن فيها حيث سيحجب الكثير منها صعود ونزول الركاب و لكن لا نرى المحطات القادمة حتى ولو نعرف شيء عنها/اسمائها و هذا يريحنا و يسعدنا فننشغل بالصعود و النزول…استاذي الفاضل : ذاك زمان وهذا زمان. ذاك زمان القرن العشرين و هذا زمان القرن الواحد و العشرين…ذاك زمان القائد الملهم و المعلم الأول و القاضي الأول و بالروح بالدم و احنة مشينا للحرب،زمان الحزب الواحد و الرأي الواحد والتوجه الواحد، زمان قواطع الجيش الشعبي و التدريب الصيفي و العمل الشعبي ومحطة التلفزيون الواحدة ولو اختلفت الأسماء و الصحيفة الواحدة و نشرة الاخبار الواحدة الموحدة، ذاك زمان الهاتف المنزلي المراقب وزمن التقارير و التجنيد الاجباري ومنع السفر من الداخل و الخارج وزمن الطائرات التي تحوم بحثاً عن صحن لاقط خبأه صاحبه في سطح المنزل، ذلك زمان “الأسباب التقليدية” للانتحار كما تفضلت بعَّدِها…أما هذا الزمان، فهو زمان الرئاسات الثلاثة و عشرات الأحزاب و مئات التوجهات ومئات بل الاف المحطات التلفزيونية ، ، زمان وسائل التواصل لاجتماعي السريعة والمتنوعة المفتوحة ، زمان الريال و البرشا… زمان السفر و السياحة زمان رجل الدين ،زمان الاطلاع على كل حديث من البرامج و الملابس و قصات الشعر و الزواج المثلي وووووو…وزمان “الأسباب العراقية الجديدة للانتحار” فليس من المعقول ان يتم الطرح بهذا الشكل.
لفت نظري قول أ. د قاسم حسين صالح عن “ظاهرة الانتحار في الأوساط الجامعية بشكل خاص”!!…هل هذا حصل ويحصل بالدرجة التي تصل لأن يصفها أستاذ متخصص بعلم النفس ب “ظاهرة؟ هذه تُفَسَرْ/تعني أن هناك حالات انتحار او محاولات انتحار كثيرة جداً بحيث أصبحت ظاهرة والدكتور الفاضل يعرف جيداً معنى ان تتحول حالة الى “ظاهرة” والغريب انه خلال كل مقالته المهمة هذه لم يتطرق الى “حالات الانتحار في الأوساط الجامعية”.
………………………..
أختم بأن اُقدم شكري وتقديري للأستاذ الدكتور قاسم حسين صالح لمحاولاته الكثيرة في دراسة المجتمع العراقي وما يعيشه اليوم واُقدر ايضاً صعوبة ذلك في وضع مثل وضع العراق…لكن اعتقد ان علينا جميعاً وبالذات من يتمكن او تُتاح له الفرصة ليدلوا بدلوه في هذا الجانب ان يتفضل، فالعراق في محنة قاسية تامة شاملة لا يظهر في الأفق أي بصيص امل في حتى الاقتراب من مجرد التفكير بمعالجتها.
الوضع خطير جداً داخلياً واقليمياً وعالمياً…والموضوع خارج الامنيات هو البحث عن حلول او حتى التفتيش عن شيء يمكن إصلاحه في ركام الدمار التام وأكثر شيء مقدور عليه وهو فردي بأن نكتب بانتباه عسى ان يقرأ احداً ذلك وينتفع…لنخرج كما ارخميدس ونقول وجدنا من انتبه واستفاد …فتعالوا نتعلم منه عسى ان يتراكم ذلك ومع مرور الوقت تتراكم المعرفة لتُحدث تغيير نوعي. ما نحن فيه هو نتيجة لدمار العقول وجمودها بكل مستوياتها ومن الأسباب الرئيسية لذلك هي التناقضات وعدم الدقة وقال فلان وقال الأخر. ولي عودة الى مواضيع أخرى نشرها الأستاذ الدكتور قاسم حسين صالح مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية.