الرياض – لم يمر وقت طويل على استهداف سفن قبالة سواحل الإمارات حتى كشفت التطورات عن أن ذلك الحادث جزء من استراتيجية إيرانية أوسع تقوم على توظيف وكلائها لاستهداف إمدادات النفط كجزء من تهديداتها للرد على العقوبات الأميركية، وذلك بعد هجوم شنه الحوثيون بطائرات مسيرة على محطتي ضخ لخط أنابيب رئيسي في السعودية.
وفيما يرفع التحرك الحوثي حالة الاستنفار في المنطقة وسط توقع بأن تنضم أذرع أخرى في لبنان والعراق وسوريا إلى لعبة الضغط الإيراني، لا تزال الولايات المتحدة تتعاطى بهدوء مع الهجمات التخريبية، ما قد يرسل بإشارات خاطئة للمسؤولين الإيرانيين الذين دأبوا على القول إن التهديدات الأميركية مجرد بالون اختبار.
وأعلن الحوثيون في اليمن أنّهم استهدفوا “منشآت حيوية سعودية” بسبع طائرات من دون طيار. فيما قال العميد يحيى سريع، المتحدث باسم ميليشيا جماعة أنصار الله الحوثية إن الهجوم يأتي ردا على ما أسماه بـ”العدوان”، وإنهم جاهزون لشن عمليات أخرى، وبات محللون على قناعة بأن إيران هي من أعطت الأوامر لهجوم الثلاثاء والأحد ضمن خطة لإرباك حركة تصدير النفط وبالتالي الضغط على الولايات المتحدة وحلفائها للتراجع عن خيار العقوبات.
وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية “تعرّضت محطتا ضخ لخط الأنابيب شرق – غرب الذي ينقل النفط السعودي من حقول النفط بالمنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع على الساحل الغربي، لهجوم من طائرات (…) دون طيار مفخخة”.
وتقع المحطتان في محافظتي الدوادمي وعفيف بمنطقة الرياض على بعد 220 كلم و380 كلم غرب العاصمة السعودية، وقد حصل الهجوم بين السادسة والسادسة والنصف صباحا بالتوقيت المحلي، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السعودية.
ويبلغ طول خط الأنابيب نحو 1200 كلم، وتمر عبره خمسة ملايين برميل نفط يوميا على الأقل، من المنطقة الشرقية الغنية بالخام، إلى المنطقة الغربية على ساحل البحر الأحمر.
وحذّر الفالح من أن “هذا العمل الإرهابي والتخريبي، وذلك الذي وقع مؤخرا في الخليج العربي ضد منشآت حيوية، لا يستهدفان المملكة فقط، وإنما يستهدفان أمان إمدادات الطاقة للعالم، والاقتصاد العالمي”.
وشدّد على “أهمية التصدي لكافة الجهات الإرهابية التي تنفذ مثل هذه الأعمال التخريبية بما في ذلك ميليشيات الحوثي في اليمن المدعومة من إيران”.
ويرى خبراء أن أغلب المؤشرات تؤكد أن إيران هي المستفيد من خلق حالة عالية من التوتر في المنطقة لإظهار قدرتها على التأثير وإكساب خطاب مسؤوليها مشروعية لدى أدواتها في المنطقة، فضلا عن إسكات موجة النقد والاحتجاج في الداخل تحت عنوان مواجهة الخطر الخارجي.
وتراهن إيران بدرجة أولى على أن الولايات المتحدة ستميل إلى ضبط النفس وعدم الرد بشكل فوري على استهداف إمدادات النفط، ما يتيح لطهران تحريك الوسطاء واستخدام دول أوروبية بارزة مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا في تضخيم المخاوف من نتائج المواجهة على أمن الملاحة الدولية وخطوط إمداد النفط.
واكتفت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، الثلاثاء، بتأكيد أن المعلومات التي لديها تدل على أن مجموعات مدعومة من إيران، وراء “عمليات تخريب” تستهدف قطاع النفط الخليجي، وهو أمر بات معلوما واعترف به الحوثيون ولا يحتاج إلى موقف أميركي.
ويميل الخبراء والمحللون السياسيون إلى أن سكوت واشنطن ظرفي، وأن إدارة الرئيس دونالد ترامب الذي لا يخفي تشدده تجاه إيران، لا يمكن أن تتسامح مع أسلوب لي الذراع الإيراني، وأن البيت الأبيض قد يكون بانتظار تفاصيل إضافية عن الهجمات ومنفذيها وطرق الرد الأميركي التي يرجح أن تكون خاطفة وموجهة لأهداف بعينها على الطريقة الإسرائيلية في سوريا في استهداف الوجود العسكري الإيراني.
وقال جون أبي زيد، السفير الأميركي لدى السعودية، إن على واشنطن أن تقوم بما وصفه بأنه “رد معقول لا يصل إلى حد الحرب” بعد تحديد الجهة التي تقف وراء الهجمات.
وأعلن السفير أن بلاده في “حاجة إلى إجراء تحقيق واف لفهم ما حدث ولماذا حدث ثم يأتي الرد المعقول بما لا يصل إلى حد الحرب”.
ومساء الاثنين، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن وزير الدفاع الأميركي بالإنابة باتريك شاناهان قدّم الأسبوع الماضي خلال اجتماع مع عدد من مستشاري ترامب لشؤون الأمن القومي خطة تقضي بإرسال ما يصل إلى 120 ألف جندي أميركي إلى الشرق الأوسط إذا هاجمت إيران القوات الأميركية.
ولئن استبعد ترامب إرسال قوات إلى الشرق الأوسط، في رده على تقرير نيويورك تايمز، فإنه قال آمل ألا نضطر إلى التخطيط لذلك. ولكن إذا فعلنا فسنرسل عدداً أكبر بكثير” من الجنود.
وأدانت الإمارات الهجوم، وقالت وزارة الخارجية في بيان إن “هذا العمل الإرهابي والتخريبي (…) دليل جديد على التوجهات الحوثية العدائية والإرهابية والسعي إلى تقويض الأمن والاستقرار”.
بدورها استنكرت البحرين والكويت الهجوم، بينما أكّد الأردن وقوفه مع السعودية “بالمطلق في مواجهة أي تهديد”.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية الثلاثاء عن رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي قوله إن إيران والولايات المتحدة لا تريدان الحرب.
ونسبت الوكالة إليه قوله “طهران وواشنطن لا تريدان الحرب ونحن نتصل بهما”.
وأضاف أن الصراع بين الولايات المتحدة وإيران، حليفتي بغداد الرئيسيتين، ملف معقد وأن العراق يعمل جاهدا للتوصل إلى حلول له.