مع سعي الادارة الامريکية وبصورة غير مسبوقة من أجل تکثيف ضغوطاتها على إيران وسد مختلف الابواب والمنافذ بوجهها، وعلى الرغم من تزايد الاعترافات الرسمية الايرانية بوخامة الاوضاع على مختلف الاصعدة من جراء ذلك وتکرار ذلك على لسان القادة والمسٶولين الايرانيين، لکن هناك مسعى ملفت للنظر من أجل إظهار النظام في إيران وکأنه يقف على قدميه وبإمکانه مواجهة کل تلك الضغوط والاستمرار، وبطبيعة الحال فإن النظام أحوج مايکون لکي يوحي بقوته وإقتداره وتماسکه وعدم تضعضعه لأنه يعلم جيدا بأن خلاف ذلك سيکون له آثار ومردودات بالغة السلبية على أوضاعه الداخلية من جهة وعلى أذرعه وحلفائه في بلدان المنطقة.
السعي للإيحاء بقوة وتماسك الموقف الايراني بوجه الضغوط الامريکية ومع کل کل تلك الجهود التي تبذلها طهران يظهر عليها واضحا الکثير من التناقض والتخبط والارتباك، ففي وقت يٶکد بعض من القادة الايرانيين برفض التفاوض مع الولايات المتحدة والسعي من أجل الانسحاب التدريجي من الاتفاق النووي في حال لم تستجب أوربا بالشکل الذي يرغبون فيه، فإن هناك أصوات أخرى تدعو واشنطن للتفاوض وفق أسس مقبولة کما تٶکد عزمها على الالتزام بالاتفاق النووي والسعي للمحافظة عليه.
وجود إختلافات في آراء ووجهات نظر المراقبين بخصوص إحتمال توجيه ضربة عسکرية أمريکية لإيران، ليس من القوة التي تبعد إحتمال ذلك بل إن الرأي السائد والاهم والمأخوذ به الى حد ما هو إن الهجوم الامريکي وارد ولاسيما وإن الاجواء الحالية تشبه تلك التي سبقت ضرب العراق، مع الاخذ بنظر الاعتبار إن أجواء متوترة مخيمة على النظام رغم إن هناك تصريحات من قبيل إن واشنطن “لن تجرؤ على القيام بعمل عسكري ضدنا”، کما قد صرح بذلك نائب قائد الحرس الثوري الإيراني للشؤون السياسية، يد الله جواني، مضيفا في نفس الوقت بأن طهران لن تجري محادثات مع الولايات المتحدة الأميركية.
تماسك الجبهة الداخلية الذي يٶکد عليه القادة والمسٶولون الايرانيون، وإستعدادهم لخوض المواجهة ضد الولايات المتحدة وتحمل ضغوطاتها وعقوباتها، ليس کما يوحون کما يرى معظم المراقبون والمحللون ويٶکدون عليه خصوصا وإنهم يستندون في ذلك على حقائق ومعطيات من صميم الاوضاع في إيران، حيث إنه لم يعد بوسع النظام أبدا حالة التنافر القائمة بين الشعب وبينه وإنعدام الثقة الى أبعد حد، والذي يجب أن نشير إليه هنا ونأخذه بعين الاعتبار هو إنه ليس الشعب لوحده من لايثق بالنظام بل إن النظام لديه نفس الاحساس والشعور تجاه الشعب ولاسيما بعد أن تم رفع شعارات تطالب بإسقاط النظام!