تركيا أصبحت طاردة للاستثمار مع الانهيار المستمر لليرة وتفاقم الأزمات المالية
فيما تبدو الصورة قاتمة على صعيد الاقتصاد العالمي، شهد العام الماضي العديد من التغيرات الجذرية، سواء فيما يتعلق بالاستثمار في الأسواق الناشئة، أو الوجهات الجديدة للمستثمرين، إذ تغيَّرت الخريطة بشكل تام لتتلاشى دول كبرى من القائمة، فيما تزحف دول أخرى نحو رأس القائمة كأفضل وجهة استثمارية عالمية، يفضلها المستثمرون في ظل هذه الظروف.
يأتي ذلك في ظل العديد من الأزمات الخاصة بمؤشرات كثيرة تؤكد تراجع معدلات النمو العالمي والخسائر القاسية، التي تتكبدها البورصات وأسواق الأسهم العالمية، إضافة إلى حالة عدم الاستقرار، التي تشهدها أسواق النفط، وأيضاً الحرب التجارية الطاحنة، التي تدور رحاها بين واشنطن وبكين، وأخيراً التطورات العاصفة التي تشهدها المنطقة في ظل العقوبات الأميركية على إيران.
وقبل أيام، قال خبراء لدى بنك “أوف أميركا ميريل لينش”، إن “المستثمرين سحبوا أموالاً بقيمة 19.5 مليار دولار من الأسهم في الأسبوع المنتهي في 15 مايو (أيار) الجاري، بينما ضخوا 5.1 مليار دولار في السندات، التي شهدت تدفقات للأسبوع التاسع عشر”.
وأضاف الخبراء، استنادا إلى بيانات التدفقات لدى “إي.بي.إف.آر”، فإن “التدفقات الخارجة من ديون الأسواق الناشئة بلغت 2.9 مليار دولار، وهي الأكبر منذ يونيو (حزيران) من العام الماضي”.
هذه البيانات تشير إلى موجة تغيير كبيرة في وجهات أصحاب الملايين، الذين قاموا خلال العام الماضي بتغيير وجهتهم، والانتقال إلى بلدان أخرى، بحثاً عن فرص استثمارية جيدة بدلاً من الانتظار في أسواق لا تحمل التوقعات الخاصة بها سوى على التشاؤم.
وتشير البيانات المتاحة إلى أنه خلال العام الماضي قرر نحو 108 آلاف مليونير الهجرة من دولهم إلى دول أخرى، وهو عدد أكبر بنسبة 13% مقارنة بعدد المليونيرات المهاجرين في عام 2017، الذي بلغ 95 ألف مليونير.
أستراليا تتصدر عالمياً
وحسب التقرير، الذي حمل عنوان “هجرة الثروات العالمية” الذي أعدته مؤسسة “نيو وورلد ويلث”، ونشره بنك “فرو آسيا”، تم تتبع هجرة الأثرياء الذين تتخطى ثرواتهم المليون دولار، مستعيناً بإحصائيات برامج التأشيرة لرجال الأعمال في كل دولة، استحوذت أستراليا على أكبر عدد من المليونيرات المهاجرين بعد أن استقبلت في العام الماضي 12 ألف مليونير.
التقرير الذي يعتمد أيضاً على بيانات تجمعها مؤسسة “نيو وورلد ويلث” من خلال لقاءات شخصية مع مديري الثروات والمؤسسات، التي تتعامل مع أصحاب الملايين، تضمن قائمة بأكثر 10 دول استحوذت على المليونيرات المهاجرين، لكن القائمة تتضمن فعلياً 12 دولة في ظل حيازة بعضها نفس العدد من المليونيرات.
القائمة التي يتم إعدادها أيضاً من خلال تتبع لقاءات أصحاب الثروات في الإعلام ورصد مشترياتهم من العقارات حول العالم،
وبتوزيع القارات، هيمنت أوروبا على القائمة بـ4 دول، هي سويسرا والبرتغال واليونان وإسبانيا، إلى جانب 3 دول آسيوية، ودولتان من أميركا الشمالية، واثنتان من قارة أستراليا، إلى جانب دول الكاريبي، التي تتضمن برمودا وجزر الكايمان وجزر العذراء وأنتيجا وسانت بارتس وسانت كيتس ونيفس وغيرها، في حين غابت أفريقيا عن الصورة تماماً.
هذه الدول هي الأكثر جذباً
وفي مقدمة الدول الأكثر جذباً للمليونيرات خلال العام الماضي، جاءت أستراليا، التي سافر إليها نحو 12 ألف رجل أعمال ومليونير، تلتها أميركا، التي استقر فيها نحو 10 آلاف رجل أعمال، ثم كندا التي هاجر إليها نحو 4000 مليونير، ثم سويسرا، التي استقبلت خلال العام الماضي نحو 3000 رجل أعمال.
وجاءت دولة الإمارات في المركز الخامس بقائمة الدول الأكثر جذباً لرجال الأعمال وأصحاب الملايين، إذ استقبلت خلال العام الماضي نحو 2000 مستثمر، ثم دول الكاريبي، التي جذبت نحو 2000 رجل أعمال.
فيما نجحت دول إسبانيا والبرتغال وإسرائيل وسنغافورة ونيوزيلندا في استقبال نحو 1000 رجل أعمال خلال العام الماضي.
وأشارت البيانات إلى أن مدناً مثل موناكو ومالطا وموريشيوس ولاتفيا وهونغ كونغ من الدول الصاعدة، التي تمكنت خلال العام الماضي من جذب أكثر من 100 مليونير.
الصين ورحلة الهروب الكبيرة
في المقابل، وفي مقدمة الدول التي هرب منها رجال الأعمال وأصحاب الملايين جاءت الصين، التي هرب منها أكثر من 15 ألف رجال أعمال ومليونير خلال العام الماضي، تلتها روسيا بنحو 7000 مليونير، ثم الهند التي هرب منها نحو 5000 مليونير، ثم تركيا التي هرب منها أكثر من 4000 مليونير، وفرنسا التي غادرها أكثر من 3000 مليونير، ثم بريطانيا بنحو 3000 مليونير، والبرازيل هرب منها أكثر من 2000 مليونير، وأخيراً إندونيسيا غادرها أكثر من 1000 مليونير.
أكثر من 100 مليونير هربوا من مصر
وبخلاف الدول، التي تضمنتها القائمة، أشار التقرير إلى 6 دول أخرى واجهت هجرات كبيرة للمليونيرات في 2018 تجاوزت 100 مليونير، هي نيجيريا وفنزويلا وأوكرانيا ومصر ولبنان وإيران.
واستثنى التقرير كلاً من العراق وسوريا وليبيا من قوائمه لقلة البيانات مع ترجيح كونها شهدت هجرات كبيرة للمليونيرات.