بعد فتره ليست بالقصير حسبت أني وجدتها فتبين لي إن من هو أقل تطوراً مني كما يقال وجدها قبلي بوقت طويل جداً .
وجد إن الإنسان هو الأكثر نكراناً للجميل والأكثر كرها لنفسه ومن حوله والأكثر كرها للحياة التي يحبها حد الجنون والأجرام.
بعد جهد عرفت لماذا يصبح الديك صائحاً….ولماذا تبكر الطيور والفراشات في تنططها على الأشجار و الأزهار و لماذا تكون الأزهار في أجمل وارق حاله ولماذا تكون فواحة أكثر في تلك اللحظات الباكرات من كل يوم.
كل صباح تتناغم أصوات الطيور وحفيف الأشجار ونسمات العليل تعطرها اريج الأزهار لتنسج مع خيوط الشمس الناهضة لوحه “مرئيه مسموعة” محسوسة ولا أروع منها.
لكنها… تتلاشى مع نهوض المارد المجنون وهو يتمطى على أسلاب فراشه وفي زحمة صخبه وعراكه مع ذاته ومع من حوله …فيغطيها نشازه المتصاعد مع الوقت..ذلك النشاز الذي لا يرحمه و لا يرحمها.
و انا الناهض كل يوم مع غبشها ،حاولتُ كثيراً تحديد اللحظة الفاصلة بين تلك اللوحة /المعزوفة الرائعة وبين ذلك النشاز !!!لم أتمكن.
حيث مع تصاعده المخيف تنسحب الطيور يائسة وتلتوي أعناق الأزهار ويصمت/يخرس الحفيف
لقد عَرَفَتْ الأزهار والطيور منذ ان ظهر الانسان … أن هذا الكائن النافث للسموم هو مخلوق عجيب!!!يحب الحياة ويعمل على قتل مقوماتها. يقطع الأشجار التي يستظل بها وتمنحه ما يتنفس. ويلوث الماء الذي يشرب، وكلما أحس بالعافية والصحة أزداد حبه للتخريب.
سَخَّرَ عقله وعلمه وما منحته الطبيعة من موارد وطاقات لإنتاج أدوات الفتك والدمار به وبها… فهو مريض خطير يتلذذ بعذابات الطبيعة ونفسه…ولسان حال الطيور والأزهار والأشجار يقول: نقضي اليل والنهار لخدمته ويقضي ليله ونهاره لإلحاق الاذى بنفسه وبنا.
يدعي أنه أعقل الكائنات وأرقاها في حين أفعاله تقول العكس.
والعجيب عندما يتعب هذا المارد المدمر ويهجع تعود الطيور لتغرد من جديد وترسل الأزهار عطرها مرة اخرى وقت الغروب لتتفق مع خيوط الشمس النازلة على موعدٍ جديد في يومٍ جديد