بعد إنتخاب الرئيس، أو رئيس الحكومة في أي دولة، الكثيرون يسألون :
هل ينجح؟ وهل يضع الشخص المناسب في المكان المناسب؟ وهل يستطيع مواجهة التحديات والصعاب؟ وهل يجمع حوله وفي الحلقة القريبة منه أناساً يمتلكون الخبرة والكفاءة ومقومات الموهبة والاخلاص، ويعززون إيمان الناس بالمبادیء الصحيحة، ويسهمون في توطيد العلاقة بين الناس والسلطة، ويخضعون الى الرقابة والإختبار اليومي، وعلى يقين بأن الإقصاء والمحاسبة أقرب اليهم من حبل الوريد؟.وهلات أخرى كثيرة..
وبما إن السيد نيجيرفان بارزاني تم إنتخابه من قبل برلمان كوردستان لتولي رئاسة الإقليم في المرحلة المقبلة، فإنه يواجه ذات الأسئلة وربما أكثر، وهذا الأكثر يتعلق بخصوصيات وطبيعة الإقليم، والمنطقة الجيوسياسية، والأزمات الملتهبة التي تعصف بها عموماً والعراق بشكل خاص، كما يتعلق ببقاء العديد من الملفات العالقة الشائكة بين أربيل وبغداد دون حلول.
من حيث المبدأ، ومن خلال قراءة ما جاء في خطابات التهنئة والدعم والإسناد التي وجهت له من الأحزاب والشخصيات السياسية في الداخل الكوردستاني والمسؤولين والدبلوماسيين في العراق ودول المنطقة والعالم، والتي أشادت به وبخبرته وقدراته السياسية والإدارية وحنكته وواقعيته، يمكن القول إنه سينجح بشكل مطلق، وسيقف بشموخ على رأس الدبلوماسية الكوردية، لاسيما في ظل إمتلاكه الواسع للدعم التشريعي والبرلماني. كما سيحافظ على مكانته المرموقة في مراكز القرار الإقليمي والأوروبي والدولي, وسيكون رجل المرحلة والمهمات الصعبة، والقوي الذي يظهر المهارة في حل الأزمات .
أما من خلال التمعن في البيان الذي أصدره (هو) عشية إنتخابه رئيساً للإقليم، فيبدو أنه يتطلع بجدية وبعين الأمل والترقب الى المستقبل، ويفهم بشكل واسع أبعاد التحديات الكبيرة والمعادلات الصعبة، التي ستطال كل التفاصيل المتعلقة بإدارة البلاد على كافة المستويات والأصعدة، وسيمارس سياسة واقعية تجاه جميع الفرقاء السياسيين في كوردستان، ويحاول إرضائهم رغم تضارب مصالحهم وإتجاهاتهم السياسية المتباينة التي يتبنوها بعيداً عن منطق الهيمنة وفرض الإرادة والأجندة.
وللتذكير نقول، أنه دعا، بعد أحداث إكتوبر المأساوية في 2017، الى تناسي الخلافات وتوحيد الصفوف والحوار والتفاهم وإحترام الآخر والتوقيع على إتفاقات سياسية ملزمة، وإحتواء الأزمات ومعالجة القضايا العالقة والمستفحلة، وعمل من أجل تسريع الخطى نحو فتح الأبواب المغلقة والإجتماع في أروقة مؤسسات صناعة القرار، وصنع فرص جديدة للتعاون السياسي الأمثل بين الكوردستانيين بالإستناد على قاعدة المصالح العليا للاقليم وشعب كوردستان ومغادرة لغة التصلب والتشدد وإلغاء نظرية المؤامرة، والإحتكام الى مبدأ المواطنة الحقيقية والمساواة في الواجبات والحقوق ، بإعتباره الخيار الافضل والأسلم لشعب كافح لعقود متعددة ضد أعداء في منتهى الشراسة والوحشية. ودعا خلال الحملة الدعائية التي سبقت الإنتخابات التشريعية في 2018 الى وضع الأسس العملية للمشاركة الحقيقية في إدارة البلاد وصنع القرار، وإلغاء التشنج والفرقة والتباعد، دون المطالبة بالإعتراف بأخطاء المرحلة السابقة، ودون ذكر وإستعراض المشكلات التي واجهت الاقليم خلال السنوات الماضية وأسماء وعناوين المتسببين وغاياتهم، لأنه كان يدرك أن ذلك سيطول، خاصة لو تم ذكر آثار سياسات التحدي والتنافس التي أدت الى خسائر فادحة.
لذلك، سينجح في رئاسة البلاد وقيادة الدبلوماسية الكوردستانية بحكمة وتأني ومرونة وأسلوب حضاري ومدني، ويعالج الإشكاليات المعقدة والمشكلات الداخلية والأزمات السياسية، ويحرص على وحدة الصف والأمن والسلم الاجتماعيين في كوردستان، وسيتعاطي مع الأحداث إعتماداً على نهج البارزاني الخالد، ونصائح وتوجيهات الرئيس مسعود بارزاني.